حقيقة فلوس المستشارين - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حقيقة فلوس المستشارين

نشر فى : الأربعاء 31 أغسطس 2016 - 8:40 م | آخر تحديث : الأربعاء 31 أغسطس 2016 - 8:41 م
عندما تتناقش مع أى مواطن عن ضرورة التقشف بسبب «حالتنا التى تصعب على الكافر»، يرد عليك فورا بسؤال جاهز: ولماذا نتقشف نحن الغلابة الذى نحصل على ملاليم فقط، فى حين يستمر المستشارون فى الوزارات المختلفة فى تقاضى آلاف الجنيهات كل شهر؟!

هذا التساؤل لا أجد أى إجابة حقيقية عليه، وسيستمر مطروحا طوال الوقت، حتى تخبر الحكومة الشعب بحقيقة هذا الموضوع.

اذكر أن الدكتور صلاح جودة ــ رحمه الله ــ كان دائم الحديث عن أن مشكلة مصر تكمن فى فلوس ومكافآت المستشارين، وأنه لو تم إصلاح هذا الأمر، لانتهت مشكلة مصر.

هذا الكلام يردده الكثيرون من العامة والمثقفين، وأذكر أننى سألت وزيرا مهما ومحترما فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى ــ خرج من الحكومة بالفعل لاحقا ــ عن حقيقة ما يقوله صلاح جودة، فقال لى إن غالبية كلامه ليس صحيحا، وانه لا توجد معلومات حقيقية عن عدد المستشارين ومرتباتهم، وشكك الوزير تماما فى الرقم الذى كان يردده البعض بوجود حوالى عشرين ألف مستشار يتقاضون أكثر من ١٨ مليار جنيه، تمثل أكثر من ٩٪ من إجمالى المبالغ المخصصة لرواتب العاملين فى الدولة، أى حوالى عشر ما يحصل عليه كل موظفى الدولة وعددهم ٥.٦ مليون موظف. فى حين أن إحصاءات أخرى قدرت عددهم بحوالى ١٢٠ ألف شخص لكن برواتب أقل إلى ٢ مليار جنيه.

الوزراء يقولون إنهم مظلومون، ونسب للمتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء قوله قبل حوالى عام إن راتب الوزير لا يزيد على ٣٢ ألف جنيه شهريا، وقبل أيام قال وزير التنمية المحلية الدكتور أحمد زكى بدر إن إجمالى ما يحصل عليه هو ٣٠ ألف جنيه.

فى تحقيق لجريدة الوفد يوم الجمعة ٣٠ أكتوبر ٢٠١٥، قال الدكتور عماد مهنا رئيس اللجنة المركزية لما يسمى «مجلس علماء مصر» إن راتب بعض الوزراء يكلف الدولة احيانا ٣ ملايين جنيه متمثلا فى المكافآت والبدلات والسفريات التى لا يتم إدراجها فى الكشوف الرسمية، وما يحصل عليه عبر الصناديق الخاصة، اضافة إلى تكلفة اطقم الحراسات المواكب والسيارات.

لا أعلم مدى صحة هذه الأرقام، واشكك فيها لكن إذا جاز تفهم ما يصرفه الوزير بسبب ظروف عمله، حتى تكون «عينه مليانة» ولا يلجأ إلى الفلوس الحرام، فإن المشكلة تتطلب أن تعلن الحكومة للشعب ــ وهى تطالبه بالتقشف ــ حقيقة رواتب المستشارين، هل هم فعلا ٢٠ ألف وماذا يفعلون وماذا يتقاضون من رواتب ومكافآت، وهو نحن فى حاجة إليهم فعلا؟! وهل صحيح ان رواتب هؤلاء المستشارين يتراوح بين خمسين ألف جنيه و٢٠٠ ألف جنيه.

على الحكومة وأجهزتها أن تخبر الناس بالحقيقة، أما أن كل ما يثار شائعات ــ وبالتالى وجب تكذيبها، حتى تخرس المروجين لها، أو أنها حقيقية وبالتالى مطلوب وقفها فورا، إذا كانت جادة فى عملية الإصلاح الاقتصادى.

لا أفهم كيف أن راتب رئيس الجمهورية ٤٢ ألف جنيه كحد أقصى ــ وأعلن عن التبرع بنصفه للخزانة العامة ــ، فى حين أن راتب مستشار يكون ٢٠٠ ألف جنيه أو حتى خمسين ألفًا فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد؟!.

أفهم وأقدر تماما أن هناك كفاءات نادرة وقليلة فى بعض البنوك وقطاعات قليلة، لابد أن نعطيها ما تطلبه من أموال، لأنها تحقق عائدات بالملايين وربما بالمليارات، لكن ما هى الفائدة الخطيرة التى يقدمها لواء جيش أو شرطة أو موظف متقاعد فى أى وزارة خدمية، حتى يحصل على راتب كبير جدا، يمكن أن يوفر جزءًا من العجز الفادح فى الموازنة؟
حان الوقت ليعرف الناس حقيقة عمل ورواتب المستشارين، وربما كان هذا الأمر أفضل دعاية للحكومة وهى تطلب من الشعب أن يتقشف، ويا حبذا لو تم إنهاء أسطورة ما يسمى بـ«الصناديق الخاصة».. وتلك قصة أخرى.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي