«كامب ديفيد» معاهدة فاشلة - سمير كرم - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 5:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«كامب ديفيد» معاهدة فاشلة

نشر فى : الأربعاء 31 أكتوبر 2012 - 8:35 ص | آخر تحديث : الأربعاء 31 أكتوبر 2012 - 8:35 ص

معظم الآراء التى تناولت فى الآونة الأخيرة موضوع استمرار سلطة الإخوان المسلمين فى مصر بما فيها سلطة رئاسة الجمهورية فى الالتزام بمعاهدة «كامب ديفيد» أو التخلص من هذا الالتزام دون العودة إلى نص المعاهدة ذاتها. وهذه نقطة ضعف أساسية للطرفين المؤيد لاستمرار الالتزام بالمعاهدة والرافض لها.

 

قد يثير دهشة الكثيرين منا أن نص المعاهدة يكشف عن فشل حقيقى فى تطبيقها وفى السعى الحقيقى إلى الأهداف التى من أجلها وقعت.

 

●●●

 

ولعل من أكثر الأمور وضوحا فى هذا الصدد أن المعاهدة لم تحقق ما كان متوقعا منها. ولعلنا نتذكر بعد السنين التى مضت منذ توقيعها أن صاحب المبادرة التى ادت إلى «كامب ديفيد»، وهو الرئيس انور السادات، لم يتحدث أبدا عن المعاهدة بوصفها وثيقة ثنائية الأهداف تقتصر على مصر وإسرائيل. انما كان دائم التأكيد على انها بداية ــ مجرد بداية ــ لما كان يعتبر انه سلام شامل بين العرب واسرائيل. أما من ناحية اسرائيل فإنها بدورها لم تقدم على توقيع المعاهدة باعتبارها اتفاقا ثنائيا من ناحية الاهداف النهائية. بل إن اسرائيل عملت طوال الوقت بعد ذلك على أن تتخذ من الخطوات والإجراءات ما من شأنه أن يذكر البلدان العربية غير مصر بأنها ــ أى إسرائيل ــ تنتظر أن تقدم هذه البلدان واحدا بعد الآخر على الجلوس اليها على نحو ما فعلت مصر. ولم تكن تلك الخطوات او الإجراءات سوى تذكير للعرب بأن اسرائيل قوية وقادرة على تحدى العالم كله فى ممارسة استخدام القوة العسكرية ضد من تشاء من العرب. فعلت هذا ضد العراق وسوريا ولبنان وضد تونس. ولم تتوصل اسرائيل الا لمعاهدة سلام مع الاردن. كما توصلت إلى إسكات الأصوات العربية الأخرى عن الكلام عن معركة فلسطين المصيرية التى تهم كل العرب. سارت الدول العربية فى الطريق التى سبقتها اليه مصر ولكن دون معاهدة.

 

إن أهم ما ينبغى كشفه من فشل المعاهدة لابد أن يستخلص من نصها ذاته. ونلاحظ من البداية، من سطور الديباجة أن المعاهدة تحدد اهدافها على النحو التالى: «ان حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة دولة اسرائيل اقتناعا منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل ودائم فى الشرق الأوسط وفقا لقرارى مجلس الامن 242 و338. اذ تؤكد من جديد التزامهما باطار السلام فى الشرق الأوسط المتفق عليه فى كامب ديفيد المؤرخ فى 17 سبتمبر 1978، واذ تلاحظان أن الإطار المشار اليه انما قصد به أن يكون اساسا للسلام، ليس بين مصر واسرائيل فحسب بل ايضا بين اسرائيل وأى من جيرانها العرب، كل فيما يخصه ممن يكون على استعداد للتفاوض من أجل السلام معها على هذا الاساس، ورغبة منهما فى انهاء حالة الحرب بينهما واقامة سلام تستطيع فيه كل دولة فى المنطقة أن تعيش فى امن واقتناعا منهما بأن عقد معاهدة سلام بين مصر واسرائيل يعتبر خطوة مهمة فى طريق السلام الشامل فى المنطقة والتوصل إلى تسوية للنزاع العربى الاسرائيلى بجميع نواحيه، واذ تدعوان الاطراف العربية الاخرى فى النزاع إلى الاشتراك فى عملية السلام مع اسرائيل على اساس مبادئ اطار العمل المشار اليها آنفا واسترشادا بها».

 

ولا بد من التأكيد أن الديباجة ليست مجرد مقدمة إنشائية غير ملزمة. هى جزء مكمل من المعاهدة يفرض الإطار العام لأهدافها. ويتضح أن المعاهدة التى ظلت ثنائية من وقت توقيعها قبل ثلاثة وثلاثين عاما وحتى الآن قد فشلت فشلا ذريعا بالنظر إلى هذا النص الملزم والموقع عليه من قبل الرئيس المصرى محمد أنور السادات ومناحيم بيجن رئيس وزراء اسرائيل وجيمى كارتر الرئيس الأمريكى. وقد أكدت هذا الفشل الخطوات الفاشلة اللاحقة التى أعقبت التوقيع على المعاهدة ابتداء من الرسائل المتبادلة بين هؤلاء الموقعين وبعد أن تسلم رونالد ريجان رئاسة الولايات المتحدة وما تلا ذلك من مبادرة وزير خارجيته جورج شولتز فى 4 مارس 1988 حتى عقد مؤتمر مدريد فى 30 اكتوبر 1991 بمشاركة الرئيس الأمريكى التالى جورج بوش (الأب).

 

انتهت كل هذه الخطوات إلى فشل كامل، الأمر الذى أدى إلى الوضع الراهن وغياب نصوص معاهدة «كامب ديفيد» عن أعين المعنيين وكأن كل الأطراف الموقعة عليها وغير الموقعة اتفقت على تجاهل نصها. وكانت أسرائيل اول من ترك اخطر الانطباعات بانها لا تلتزم بنص المعاهدة، اذ تركت لقوتها العسكرية العنان لتوجيه ضربات شملت الفلسطينيين حيثما كانوا، كما شملت غيرهم من العرب حيثما لاح لإسرائيل اى ملمح يمكن تفسيره بأنه تحد لها. ساعد على ذلك انتهاج مصر سياسة تجاهل تام لنصوص «كامب ديفيد» وما تحدده من أهداف، وابتعاد تام عن مسئولياتها وادوارها القيادية الملزمة بنصوص التاريخ والجغرافيا والسياسة والثقافة.

 

●●●

 

كشفت ثورة 25 يناير أن مصر لا تريد مواصلة هذه السياسة، ولكن، جاء الإخوان المسلمون إلى السلطة بما فيها رئاسة الجمهورية ليؤكدوا أنهم ملتزمون بالمعاهدة وبالسياسة التى أدى اليها فشلها.

 

أما إسرائيل فإنها تتظاهر بالتمسك بالمعاهدة فى اغفال تام لنصوصها وفى رغبة بالزام مصر بالالتزام بها بعيدا عما تنص عليه من أهداف عربية تتعلق بسلام تام وشامل.

 

هل كان عدم الالتزام هذا ما أرادته اسرائيل من البداية، ام انها يمكن أن تراجع موقفها اذا ما تغيرت نصوص المعاهدة والظروف المحيطة بها؟

 

تتوقف الاجابة عن هذا السؤال على مصر وإلى أين تتجه.  

 

 

سمير كرم  كاتب سياسي مصري
التعليقات