أضغاث فكرية.. مسامرات صيفية.. هلاوس بصرية.. كوابيس مرئية - الجاموس المحيط - المعصرة - بوابة الشروق
الجاموس المحيط
أضغاث فكرية.. مسامرات صيفية.. هلاوس بصرية.. كوابيس مرئية أخر تحديث: الأربعاء 10 يوليه 2013 - 12:32 م
أضغاث فكرية.. مسامرات صيفية.. هلاوس بصرية.. كوابيس مرئية

مشهد 54 ـ حديقة بأحد المواقع الآمنة ـ ليل /خارجي

 

اثنان من الضباط يجلسان في الحديقة يشربان كوبين من الشاي بينما يعلو صوته في الخلفية قادما من شباك قريب.

 

صوت : لن أسمح بأي اعتداء على الشرعية، دونها رقبتي بل دونها خرط القتاد، بل دونها طوي المهاد، بل دونها حرق البلاد، بل دونها حرق العتاد، بل دونها قطع حبل الوداد، الشرعية ستنتقم منكم يا خونة، ستخرج عليكم من كل مكان كأنها حق أبلج وأنتم باطل لجلج، الشرعية هي الباقية وأنتم الفانون، الشرعية هي الحية وأنتم الميتون، الشرعية هي الحنش وأنتم الملدوغون، الشرعية ستكون عصا موسى التي تلقف ما يأفكون.

 

(في حين يستمر صوته عاليا في الخلفية يقول الضابطان لبعضهما)

 

ضابط 1: هو هيفضل كده طول الليل؟

 

ضابط 2: مش عارف. هو كده بقى له خمس ساعات بيخطب. اديله كمان ساعة لو فضل على الحال ده هاخش أفرغ فيه الآلي قبل ما يخلص علينا بكلامه عن الشرعية.

 

•••••••••


ـ جاءنا الآن من مصدر مطلع قريب الصلة بالكاتب المطلع بكري الشربيني أنه فور إعلان بيان القوات المسلحة الداعمة لمطالب الشعب، ضرب أحمد إبن الرئيس المسلوت محمد مرسي أخاه عبد الله بالقلم وقال له "إنت اللي وصلتنا لكده.. كان لازم تروح تقبل وظيفة الطيران يعني مانت قاعد واكل شارب على قفا الجماعة"، فسكعه أخوه قلما مماثلا وهو يقول له "إنت السبب مش أنا قلت لك ستين مرة اقفل حساب الفيس اللي جاب لنا الكلام"، فيما انهار مرسي على الكنبة قائلا "حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا خيرت.. كله منك.. ضيعت مستقبلي في جامعة الزقازيق".

 

•••••••••


هستيريا ضحك أصابتني منذ أن سمعت بهاء سلطان في ملحمته الخالدة (إنزل) وهو يغني لمصر قائلا "لو حكمت مصر أموت عليكي"، لمجرد أنني تخيلت بهاء سلطان وهو واقع يموت على مصر، ومصر تقول له "يا عم روح موت في حتة تانية بشعرك ده". حفظ الله بهاء سلطان وأعان الله مصر.

 

•••••••••


كان ذلك في عام 1998. كان حسني مبارك قد أغلق الإصدار الأول من صحيفة (الدستور) للتو وشرد جيلا بأكمله. يومها أيضا خرجت الجماهير الغفيرة الغفورة إلى الشوارع ليس لكي تعترض على قرار اغلاق (الدستور) كما كان يتصور البعض من أصدقائنا الطيبين ولكن للاحتفال بفوز مصر بكأس الأمم الأفريقية. يومها قرر حمدي عبد الرحيم أن يعيش في دور زوربا اليوناني ويشتري علبتي "بيروسول" ليقوم بالتوليع فيها مشاركا الجماهير الغفيرة فرحتها بغض النظر عن إنه كان سيقوم بالتوليع في بعض الجماهير أثناء توليعه لعلبة البيروسول لأنه نسي أن الصياعة خبرة وليست مجرد نية سليمة وهز أعضاء.

 

في إحدى الشوارع الجانبية المتفرعة من شارع 26 يوليو كان ثمة سائق ميكروباص كفران من عيشته قد دخل إلى الشارع لتوه متصورا أنه أخيرا قد أفلت من الزحام، ليجد نفسه أمام حوالي "تلاتين تلات آلاف" مواطن يقفون في الشارع يغنون ويرقصون ويشعلون البيروسول ويلتحمون ببعضهم التحامات صوفية طاهرة. فقد الرجل أعصابه للحظة وقام بضرب الكلاكس بقوة وقد اكتسى وجهه بملامح الغضب. ومع أن ضرب الكلاكس لم يدم طويلا وملامح الغضب لم تستمر طويلا لأن السائق أدرك أنه وقع في الفخ إلا أن ذلك لم يرحمه من غضب الجماهير الذي اندلع بشكل حضاري جدا يناسب حالة الأورجازم الجماعية التي كان الكل يتشارك فيها وقتها.

 

خرج من بين الجموع صبي صغير في التاسعة من عمره شديد سواد الثياب شديد بهدلة الشكل لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه من الموجودين أحد، وفي نطّة رشيقة قفز إلى شباك الميكروباص وتعلق به بصورة لفتت إليه أنظار الكل، وفجأة أشار بذراعه اليسرى إلى الجماهير متقمصا دور أحمد مظهر في الناصر صلاح الدين قبل أن يهتف بعزم ما فيه: "واء واء واء ".." أمك يا سواق"، ومع إشارة من يده انطلقت هذه الكتلة البشرية المتلازة مضطرمة العواطف متهيجة المشاعر تهتف على قلب رجل واحد: "واء واء واء ".." أمك يا سواق"، والهتاف استمر لمدة نصف ساعة أو ربما أكثر أو ربما أقل لا أحد يدري لكن ما لن ينساه جميع من عاشوا تلك اللحظة ملامح الهزيمة التي كانت تتفاقم مع كل ثانية على وجه رجل ارتكب خطيئة السعي لإفساد فرحة مجموعة من المصريين وتغليب ما يريده على ما يريدونه.

 

تذكرت هذه القصة كثيرا طيلة الأيام العصيبة التي شهدناها ولا زلنا، وأخذت أقول لنفسي مطمئنا لها أن الشعب المصري قادر دائما على أن يجبر كل شخص يعكنن عليه حياته، لو ظلت أرض مصر الولادة قادرة على أن تنجب صبيا يتعلق بشباك عربية أي حاكم غبي ليهتف في وجهه والجماهير تردد من خلفه "واء واء واء ".." أمك يا سواق".

 

•••••••••


ـ ياشيخنا جبنا لك الأخ اللي شاف رؤيا ظهور سيدنا جبريل في رابعة العدوية.

 

ـ تعال يا أخي بارك الله فيك، سيبونا لوحدنا يا جماعة.

 

ـ هو في حاجة يا شيخنا؟، إوعى تكون مش مصدقني، يشهد الله أنا ما رأيته في منامي قلته لإعلاء الحق.

 

ـ طبعا مصدقك يا أخي الكريم، أنا بس حبيت أستوثق مك شخصيا لإن كلاب العلمانية بياخدوا كلام زي ده عشان يستخدموه ذريعة للطعن في شرعية الرئيس والسخرية من دين الله، فعشان كده حبيت أسمع منك بنفسي. اتفضل احكي لي إيه اللي شفته بالضبط، وإيه الملابسات اللي شفت فيها الرؤيا عشان دي مهمة جدا لتفسير الرؤيا.

 

ـ تحت أمرك يا مولانا، أنا كنت نايم في الخيمة بتاعتي، كنت غرقان في عرقي عشان الدنيا حر جدا، وفجأة حسيت زي ما يكون في إيد بتلمسني.

 

ـ بتلمسك فين؟

 

ـ بتلمسني وخلاص يا شيخنا.

 

ـ يا ابني لا حياء في الدين سمي الأمور بمسمياتها.

 

ـ هنا يا مولانا.

 

ـ خلاص خلاص فهمتك فهمتك. كمل كلامك يا ابني ربنا يسترها علينا وعليك

 

 

 

ـ لما ده حصل أنا اتنفضت من نومي، ما لقيتش حد حواليا، ولقيت الإخوة كلهم نايمين وبعضهم بيشخّر بصوت عالي، قلت جايز يكون بيتهيأ لي، رجعت تاني للنوم، بعد شوية لقيت الإيد بتلمسني تاني، وصوت بيقولي ما تقلقش يا أخ عبد البر وكمل نومك دي رؤيا.

 

ـ قلت له مين بيتكلم، قام قالي إنه رجل صالح وحكى لي الرؤيا وطلب مني أبلغها للناس كافة.

 

ـ لما كنت بتسمع الصوت ده هل كانت لسه الإيد بتلمسك؟

 

ـ هه.. أصل هو يعني

 

ـ طب خلاص خلاص. دي مش رؤيا صالحة خالص يا ابني. قوم من هنا وما تفتحش بقك بالكلام ده مع حد، وثبت على إنك شفت سيدنا جبريل وإنت في السجود، وقالك لازم تقول للشعب المصري إن الريس لازم يكمل مدته سبع سنين كمان، استنى قبل ما تمشي ابقى غير الخيمة النجسة اللي إنت فيها عشان هيوروك كل يوم رؤيا شكل.

 

•••••••••


من كثرة ما عبرت صورة تلك السيدة الغامضة خيالي طيلة الأيام الماضية بدأت أشعر أن ما تخيلته عنها سيتحول من صورة عابثة إلى حقيقة عبثية، لنقرأ في مكان ما أنها عندما دخلت القوات الخاصة لتحاصر محمد مرسي وتنقله إلى مكان أمين، وقفت فجأة وخلعت الحجاب والبلوزة والجيبة، ليظهر أنها ترتدي تحت ملابسها ملابس صاعقة، ولتقوم بأداء التحية قائلة "تمام يا فندم العقيد بكر الشرقاوي يعلن إتمام مهمته".

 

•••••••••

ـ يعني حضرتك مش هتقدر تشاركنا في البرنامج؟

 

ـ لا والله ياستي أنا آسف

 

ـ طب ممكن أعرف السبب

 

ـ الحقيقة صحتي اليومين دول ما بتسمحش غير بالكتابة

 

ـ ألف سلامة على حضرتك. يارب تكون حاجة بسيطة

 

ـ للأسف لا

 

ـ لا حول ولا قوة إلا بالله حضرتك هتقلقني عليك، طب ممكن أتطمن عليك

 

ـ الحالة بتاعتي مالهاش علاج محدد بس ادعي لي

 

ـ ياساتر يارب حضرتك ممكن أعرف عندك إيه

 

ـ أخاف حضرتك تتضايقي من كلامي

 

ـ لا أنا مش من الناس اللي بتتشاءم من سيرة المرض. ده غير إن لا حياء في المرض والطب، قول حضرتك عندك إيه وطمني

 

ـ مسائلي بتوجعني طول الوقت

 

ـ إيه؟

ـ زي مابقولك كده ووجع غريب ومستمر طول الوقت

 

ـ أنا قالوا لي إن حضرتك غريب الأطوار.. أكيد حضرتك بتهزر بس ده هزار دمه تقيل على فكرة

 

ـ شفتي مش قلت لك هتتضايقي من كلامي

 

ـ طيب أنا كنت فاكراه وجع بجد

 

ـ حضرتك متجوزة

 

ـ لأ

ـ طب بابا عايش

 

ـ الحمد لله

 

ـ روحي إسأليه بابا هو وجع المسائل عامل إزاي وشوفي هيقولك إيه؟

 

ـ طيب أنا مضطرة أقفل. أنا مش عارفة أنا كنت باحترم حضرتك ازاي

 

ـ على فكرة قبل ما تقفلي حضرتك ماكنتيش بتحترميني.. كنتي بتحترمي الراجل اللي كانت مسائله ما بتوجعوش أبدا.