السيد عبد الرازق: عن قضية التمويل الأجنبي أتحدث

آخر تحديث: الجمعة 2 مارس 2012 - 9:29 ص بتوقيت القاهرة

ظني أن قضية التمويل الأجنبي سياسية جملة وتفصيلا، وهي بترتيب كامل بين الأمريكان والعسكري لتحسين صورة الأخير شعبيا عندما يرفض التدخل اﻷجنبي.

 

والهدف‏ الخفي هو إقناع قاعدة شعبية أكبر يوما بعد آخر بوطنية العسكر عن كل الموجودين على الساحة السياسية، فالأمريكان يفضلون العسكر عن اﻹسلاميين وعن أي قوة وطنية مدنية تتخذ من الشعب مصدرا لوجودها، ورغم أن السياسة ليست صداقات دائمة بل مصالح دائمة.

 

فلو خير الأمريكان بين العسكر وغيرهم ليكونوا على رأس السلطة في مصر، سيختارون العسكر ﻷسباب عديدة أهمها إرث علاقاتهم بنظام مبارك بكل ما فيه من تعقيدات، ومحدودية علاقتهم بالإسلاميين واستمرار مرحلة الاختبار المتبادل بين الطرفين، حتى لو قدم الإسلاميون كل فروض الولاء والطاعة، سيظلوا موضع قلق بالنسبة للأمريكيين.

 

النقطة الأخرى في قضية التمويل، تمثلت في توريط منظمات وشخصيات مصرية في اللعبة لتشويه صورتهم وتوجيه ضربة تقعدهم عن مواصلة أي دور لكشف مايحدث من تجاوزات في حقوق الإنسان أو غيرها بما يدين العسكر القابضين على السلطة.

 

وجندوا في تلك اللعبة غير الشريفة الوزيرة فايزة أبو النجا، ومعها بعض المتطوعين دائما للتطبيل للسلطة، على رأسهم مصطفى بكري ليكيل الاتهامات لكل نشطاء المجتمع المدني وينافق أسياده الـُجدد.

 

وبعد تحويلهم الملف للقضاء لحبك الجانب الدراماتيكي، سار القضاء بشكل طبيعي ما أدى إلى التلويح بإدانات للمتورطين، هنا علت نبرة بكري وتزايدت مزايداته وتلميعه ﻷحذية العسكر، وخانه ذكاؤه فاتهم البرادعي كما شاهدنا. ولما صدر قرار منع الأمريكيين المتهمين من السفر، استشعرت الولايات المتحدة جدية القضاء في إمكانية توجيه إدانة.

 

وطلت علينا هيلاري كلينتون من يومين بقولها إن القضية ستحسم قريبا جدا، وتنحت المحكمة عن الاستمرار، ثم يتم رفع قرار حظر السفر عن الأمريكيين، ونفاجأ أمس وسط ذهولنا جميعا بطائرة أمريكية -قيل إنها عسكرية- تحمل المتهمين لأمريكا!!

 

بعد واقعة نقل الطائرة للأمريكيين تأكد الجميع أن القضية سياسية بالأساس، حتى من كانوا مترددين في استيعات هذه القراءة أو حتى تصديقها. ما يهمني في قضية التمويل هو إلى متى سيظل تجنيد المنافقين أمثال بكري للتمثيل بمواقف وسمعة المصريين فقط لتحسين صورة أصحاب السلطة سابقا مبارك ولاحقا المشير ورفاقه، فقط للحفاظ على مكاسبه المالية التي لولا الفساد ما جناها.

 

وفي الطريق يعرضون سمعة القضاء للتشكيك وهز صورته أكثر كواحدة من أهم مؤسسات السلطة السياسية في الدولة رغم ما عليه من مآخذ في السابق. أين بكري تحديدا الآن بعدما باع العسكرالقضية للأمريكان، وهو الذي يبيع ويشتري في أي مصري لكسب ود العسكر؟! من هم العملاء الآن؟! هل ستدافع عنهم أيضا لكن من زاوية جديدة تطل بها علينا بوجهك القبيح مرة أخرى؟! انتهى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved