سعيد سالم يكتب: أخطاء مبارك وخطاياه !!

آخر تحديث: الخميس 17 أبريل 2014 - 3:00 م بتوقيت القاهرة

وما مبارك إلا رئيس قد خَلْتَ من قبله الرؤساء!! إن هو إلا مُجرد مواطن مصرى ساقته الأقدار لتبوء منصب رئيس جمهورية باختيار غير مباشر من الرئيس السادات "داهية القرن العشرين"، وباختيار مباشر من غالبية المصريين من خلال أربعة استفتاءات، وانتخاب رئاسى واحد عام 2005.

ولأن مبارك مُجرد إنسان، فهو ليس مُنزهاً أو معصوماً من الخطأ ولا من الخطايا، وإن كان من غير المنطقى ومن غير المؤكد خلو سنوات عهده من الأخطاء، إلا أن المؤكد هو خلوها من الخطايا!!

لم تُتح لمبارك رفاهية الاختيار بين التخلى عن الحكم والاستمرار فيه حينما شعر بمؤامرة تُحاك ضد وطنه وضد شعبه منذ 25 يناير الأسود حتى 11 فبراير 2011، إنما بادر بإرادته المنفردة الحُرة بالتخلى عن منصبه حماية للوطن والمواطنين، وصوناً لحقوقهما ومكتسباتهما، وحفاظاً على أراضي الوطن وفقاً لقسم غليظ أقسمه أمام الشعب أكثر من مرة جاء فيها رئيساً.

من الجُمل الخالدة بالغة المعنى تلك الجُملة التى وردت على لسان مبارك قبل التخلى (سيحكُم التاريخ بما لى وبما على، وعلى غيرى!!).. . فبماذا سيحكُم التاريخ؟!

لم يكُن، ولن يكون بمقدور التاريخ الذى أوكل إليه مبارك الشهادة على فترة حُكمه إغفال ذكر معدلات النمو المتزايدة فى عهده، أو إغفال ارتفاع مستوى المعيشة للمصريين الذين بلغوا فى عهده 85 مليون نسمة بضعف ما كانوا عليه وقت تسلمه مقاليد الحكم فى مصر، ولا إغفال تنامى معدلات الوفود السياحية، التى تنامت معها بزيادة طردية الاحتياطيات النقدية بالخرينة المصرية بأحجام وأرقام لم يسبق لهم مثيل فى مصر طوال تاريخها الممتد عبر آلاف السنين!!

ولم يكُن التاريخ، ولن يكون بمقدوره إغفال ذكر أن نظام مبارك تسلم البلاد والمساحة المأهولة بالسكان تُقدر بنسبة 3.5% من أرضها الممتدة، وأنه حين تخلى عن الحُكم واضعاً نُصب عينيه مصلحة مصر العليا، كانت المساحة العامرة والمأهولة بالسكان قد تضاعفت بالبناء والتعمير إلى 7% !!

ولم يكُن التاريخ، ولن يكون بمقدوره إغفال ذكر أن نظام مبارك هو أول من رفع شعار (صُنع فى مصر) فازدادت أحجام وأرقام الإنتاج الزراعى والصناعى والخدمى، الأمر الذى ازدادت معه الصادرات حتى بلغت 150 مليار جنيه فى عام 2010، وكانت مؤهلة لأن تبلغ 200 مليار خلال ثلاث سنوات من 2011 !!

ولم يكُن التاريخ، ولن يكون بمقدوره إغفال ذكر أن مبارك- الرئيس- قام بتعديل أكثر من 38 مادة دستورية خلال 6 سنوات جعل فيها انتخاب الرئيس بالاقتراع الحر المباشر بعد أن كان بالاستفتاء، ناهيك عما قام به نظامه طوال 30 سنة من تعديلات دستورية وقانونية فى الشأن الاجتماعى، والحقوقى، وما تعلق بحقوق المرأة فى المجتمع، وبالحريات العامة والخاصة !!

سيحكُم التاريخ، لا محالة، بأن مبارك حقق المعادلة الاقتصادية الصعبة بإدارة مصر منذ 1993 بدون قروض من البنك الدولى، ورغم ذلك حقق احتياطى نقدى 36 مليار دولار، ونسبة نمو 7.5%، بل- وتراجعت فى عهده نسب الفقر والبطالة التى كانت متوحشة من قبله !!

سيحكُم التاريخ، لا محالة، بأن مبارك ربط ودائع مالية كبيرة وكثيرة وأسس صناديق استثمار سيادية أكبر وأكثر لتقوية الاقتصاد المصرى، ولم يكُن طوال عهده فى حاجة إلى فك الودائع والصناديق السيادية، إنما قد تم تسييلها فى عهد ما بعد 25 يناير !!

سيحكُم التاريخ، لا محالة، كيف ضحى مبارك بنفسه فى وقت الحرب ضابطاً وقائداً، وفى وقت السلم نائباً للرئيس ورئيساً من أجل الأرض ومن أجل الشعب؟

وكيف كان مبارك يسيطر على البلطجية والغوغاء وشيوخ الفتنة ليُحقق الأمن الذى كان؟!

ومن أين كان ينفق على المشاريع الكبرى بالمليارات (كبارى – أنفاق – طرق – مطارات – استادات)؟!

وكيف حافظ على السلام مع العدو الإسرائيلى، وكيف استطاع الصمود أمام أمريكا، وكيف رفض، وكيف استمر رفضه لإقامة قواعد عسكرية فى مصر؟

سيحكُم التاريخ، لا محالة، بأن مبارك لم يهرب من مصر أو يُخرج نساءه وأحفاده منها، ولو كان لصاً فاسداً فلم ولن يقُوم بتصرف كهذا مُهدداً حياته وحياة أسرته الكريمة للإهانة والسجن !!

سيحكُم التاريخ، لا محالة، بأن طوال عهده لم تكن دولة فى العالم تستطيع تهديد مصر، وكيف كان يمنع أى دولة كانت من تكون من التدخل فى شئون مصر، وكيف كان قادراً طوال 30 عاما من عهده الميمون على منع بناء سد النهضة الأثيوبى؟

سيحكُم التاريخ ، لا محالة، كيف أعاد مبارك بناء الجيش المصرى بدون موارد اقتصادية بعد الحرب ليكون الأول والأكبر والأقوى بالمنطقتين العربية والأفريقية، وكيف بنى جهاز الشرطة المصرية بآليات ووسائل معاصرة وتدريبات على أعلى مستويات التدريب؟!

سيحكُم التاريخ، لا محالة، كيف تم تشييد مُدن سكنية كاملة متكاملة مثل (العبور- القاهرة الجديدة.. إلخ) وكيف تم تطوير وتحديث مُدن العاشر وأكتوبر ومايو وغيرها !! وكيف تم بناء أكثر من 50 مدينة صناعية فى الوجه القبلى قبل البحرى؟!

هذه هى شريحة من إيجابيات نظام مبارك وإنجازاته وحسناته!! ولأنى أكدت سلفاً على أن حسنى مبارك رجل بلا خطايا.. إنما يُحسب عليه بعض الأخطاء، فاسمحوا لى أن أوجزها فيما يلى :ـ

1- تضخم منظومة الدعم العينى بشكل أخطبوطى ساعد على فسادها وإفسادها، دون وصوله إلى مُستحقيه من الفقراء وهُم (كُثر) !!

2- " لم يمهله الوقت " لإصلاح العملية التعليمية بشكل منهجى مُنتج لآثار إيجابية على المجتمع، نظراً لما لاقاه ولاقته ذات العملية من تحديات كبيرة وتهديدات عظيمة فى مقابل عجز كامل فى الفرص !! وقد جئت بجملة لم يمهله الوقت بين هلالين لأن الرجل ونظامه أخذا فى عملية الإصلاح ببناء أكثر من 30 ألف مدرسة، وتشريع لكادر المعلمين لتحسين أجورهم بالإضافة إلى ما لاقته العملية التعليمية من تحديث تقنى وتطوير فنى وتقنى.. إلخ إلخ..

3- وهى أهم الأخطاء- فقد تمحورت عندى فى ارتفاع متزايد ومتتالى فى سقف طموحات الشعب المصرى إلى أقصى درجات الطموح، فلم يكن الشعب وقتها يتحمل انقطاع الكهرباء التى يتحملها الآن لساعات!! ولم يكن يتحمل ركوب الأتوبيسات ويُفضل السيارات المُكيفة، أو شراء السيارات الخاصة!! ولم يكن يتحمل الاستمرار فى سكن بالإيجار إنما أراده (تمليك) وحتى حين تحققت الأمنيات المتعلقة بهذا وذاك وتلك، لم يشفع ذلك للنظام فنادى بعض من الشعب بإسقاطه، وكان صمت حزب الكنبة على ذلك دليل موافقة على إسقاطه فسقط !!

كما ازدادت تطلعات الموطن المصرى لمستوى معيشة المواطن الأوروبى أو الأمريكى فى تلقيه خدمات الدولة، أما الآن، فقد انحدر تطلعه- راضياً مرضياً- إلى مستوى المواطن الأفريقى أو المواطن التايلاندى والفلبينى الأسيوى.

كل ذلك وغيره من طموحات لها – فى تقديرى – والله أعلم مرجعية واحدة وهى، أن الطمع آفة إنسانية خطيرة.. وأن الطمع يقلل ما جُمع !! وقد قل ما جُمع.

وإلى رئيس قادم بإذن الله!!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved