مصطفى أمير يكتب: «الحل في المحتل»

آخر تحديث: الجمعة 18 يوليه 2014 - 5:25 م بتوقيت القاهرة

«الحل أن يأتي إلى مصر محتل قوي عسكريًّا واقتصاديًّا، ويسحق الجيش المصري وجنوده الذين حاربوا الإسلام وأطاحوا بالرئيس المسلم، ويقتلع أيضًا وزارة الداخلية من جذورها، وضباطها الذين شاركوا في قتل وسحل آلاف البشر».

هذه ليست أمنيتي لكنها كلمات سمعتها ونزلت على أذني كالصاعقة من أحد المتطرفين المتشددين المغالين في الدين، بعدما سألته ماذا تريديون أن يحدث في مصر أنت وأمثالك؟

هكذا وصل تفكيرهم، أن يُهزم الجيش، وتدمر الشرطة، بدعوى أن بهما قيادات فاسدة رغم أنهم لا يفرقون بين قادة وجنود فالكل لديهم يحلُ قتله، إلا إذا كان يناصرني حتى على الباطل.

في يوم 4 أبريل قام اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، بتكريم العديد من الضباط والشرطيين من بينهم 65 ضابطًا و29 أمين شرطة و647 مجندًا من قوة قطاع الأمن المركزي لجهودهم في تأمين محيط منزله أثناء تظاهر حركة 6 أبريل أمامه وتعديهم على القوات يوم 28 مارس 2013، وقامت الدنيا ولم تقعد حينما نشرت هذا الخبر.

واجهت انتقادات لا حصر لها من قبل مؤيدي الإخوان، أهمهما أن وزير الداخلية كان يشجع القوات حتى لا يحاول «العيال بتوع 6 أبريل مرة أخرى العودة لمنزله».

أهم ما واجهته من انتقاد كان لأحد قيادات شباب حزب الحرية والعدالة بالصعيد؛ حيث قال لي: «يا أستاذ مصطفى، سيب الراجل يشتغل وينضف البلد من الأشكال دي، هما رايحين يتظاهروا قدام بيت وزير الداخلية برضه؟».

وتابع: «يا ريت كان ضربهم بالنار وخصلنا منهم، بس أنت سبت كل حاجة ومسكت في تكريم الوزير للضباط، ما هو لازم يشتغلوا معانا علشان البلد تنضف، أو احنا ننضف البلد منهم –الشرطة- لو مش عايزين يشتغلوا، لأنهم لو مش معانا يبقوا ضدنا».

هكذا المبدأ والفكر الذي تربى عليه أيضًا الإخوان وأتباعهم «لو مش معانا تبقى ضدنا حتى ولو كان على الباطل»، وهذا هو حال وزير الداخلية اليوم بعد مدحه في أبريل 2013، يطالبون اليوم بقتله؛ لأنه في نظرهم خائن.

أما عن الجيش ففي 12 أغسطس 2012 نشرت بوابة الحرية العدالة عنوانًا جاء فيه «عبد الفتاح السيسي.. وزير دفاع بنكهة الثورة» بعد حلفه اليمين الدستورية، وقالت إنه يعد أصغر أعضاء المجلس العسكري سنًّا، كما أن له مواقف تختلف عن باقي أعضاء المجلس، وأنه هاجم التعامل العنيف للأمن مع المتظاهرين، وطالب بتغيير ثقافة قوات الأمن في تعاملها مع المواطنين وحماية المعتقلين من التعرض للإساءة أو التعذيب، وغيرها من المواقف المادحة للسيسي، والآن يطالبون بقتله وسحق الجيش وكل من موالاه.

فكر الإخوان أوصلهم أن السيسي وإبراهيم والأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة «خائنة»، أو أن رئيسهم أخطأ التقدير، وكانت هناك مؤامرة تم تدبيرها ضده لرحيله عن سدة الحكم، وهم يصبرون أنفسهم ويقنعون غيرهم بذلك، لكسب تعاطفهم، لكنهم نسوا تمامًا أن الرئيس الذي يتحكم في ذمام الدولة ويخطئ التقدير، ويفشل في إحباط مؤامرة ضده فعليه أن يرحل.

وأما عن غزة العزيزة وشعبها النبيل المناضل فلا بد أن يتحرك الجيش المصري للتدخل الفوري لإنقاذ شعبنا الثاني، لكني مع وضع شروط لهذا؛ أولها: أن تتدخل معنا جيوش «الإمارات، الأردن، عُمان، السعودية، اليمن، العراق، البحرين، قطر، الكويت، لبنان، سوريا، السودان، الصومال، المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا، جزر القمر، وجيبوتي» حينها سنحقق مرادنا، فالهجوم على الجيش المصري وانتقاده بهذه الطريقة المهينة – التريقة - من قبل الإخوان وأنصارهم، ليست من نابع الوطنية والعروبة، بل تشويه لصورته وكأنها انتقام لعزل مرسي وخوفًا على جناحهم حماس فقط، وإن كانت بعض البلدان ليس بها جيوش أو أن أوضاعها صعبة، فإن الجيش المصري يواجه على أرضه أصعب الحروب أيضًا.

والشرط الثاني في رأيي لدخول الجيش غزة ومحاربة إسرائيل ألا يخرج علينا الإخوان وغيرهم ليلوموا المؤسسة العسكرة والدولة على دخولها حربًا خارج أرضها، كما فعلوا مع عبد الناصر.

الخلاصة أن هناك من يتمنى لبلدنا مصير سوريا والعراق وليبيا، وأن يعود الاحتلال إلى مصر، لكنهم تناسوا أنهم أول من سيقدمون ذويهم «سبايا» للاحتلال.

ويبقى سؤالي دائمًا ماذا لو لم يتدخل السيسي أو الجيش في عزل مرسي أو الاستجابة لانتفاضة 30 يونيو، وماذا لو ساند الجيش مرسي، حينها كان سيقول الإخوان إن حديث "خير أجناد الأرض" وذكرهم في القرآن صحيح، وعبادة العسكر واجبة وحمل البيادة على الرءوس فرض عين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved