القارئ السيد عبد الرازق يكتب: عندما تنفصم اﻵراء

آخر تحديث: الخميس 29 سبتمبر 2011 - 12:59 م بتوقيت القاهرة

ترويج البعض منا لضرورة ترك الحرية للشعب في الاختيار، فقط عند الحديث عن الإسلاميين بشكل عام (إخوان وسلفيين وغيرهم)... ثم التخوين والاتهام بالعمالة أحياناً عند الحديث عن التيارات الليبرالية... ماذا نسميه؟!


أليس إزدواجية في المعايير؟!

 

أنا كمواطن مصري عادي... مسلم سني، عندما أعارض، من وجهة نظري، دخول المتحدثين باسم الدين إلى السياسة... لا أقصد الطعن في شخوصهم أو التشكيك في انتمائهم وولائهم للوطن... بقدر معارضتي لفكرة خلط الدين بالسياسة ذاتها.

 

وهي فكرة لها وجهاتها ومؤيدوها ولهم في هذا أسانيدهم التاريخية والدينية ومعطياتهم السياسية الماثلة على اﻷرض. وأنا انطلق برأيي هذا من ركيزه أساسية، هي إيماني بحق كل مصري في الحصول على حقوقه وتحمل واجباته في كل الميادين... بما فيها السياسه نفسها. فأنا أؤمن بحقهم في الممارسة كمصريين مثلهم مثلي، لكن من حقي أن أقبل أو أرفض أفكارهم واطروحاتهم، هذه واحدة!

 

على الجانب الآخر، يجب أن نكون منصفين بالقول. فأنا أرى- والواقع يؤيد كلامي- أن الإخوان هم أكثر فصيل في التيار الإسلامي جله إن لم يكن كله، معرفة بواقع البلد السياسي. فلهم فيها باع وخبرات قديمة... منها ما هو من واقع الاهتمام بالسياسة في المراحل المتأخرة من عمر مشروع الجماعة، ومنها ما هو مكتسب على أرض الواقع... خاصة استحقاقات برلمان 2005م.

 

الرفض لخلط الدين بالسياسة، لا يعود فقط لرفض الفكرة أوﻷيديولوجيات، بقدر مايرجع لممارسات مرفوضة من جانب المؤمنين بها والقائمين علي الترويج لها... من اللعب على مشاعر الجماهير العريضة غير المسيسة بأن تطبيق الشريعة فيه الخلاص الوحيد من مفاسد السياسة.

 

دون أن يشرحوا لنا مفهومهم عن الشريعة هنا. هل يقصد به إقامة الحدود مثلا؟! هل يعيرون اهتماماً للفرق بين الأحكام الكلية والمسائل التفصيلية للشريعة؟! هل الشريعة لديهم، شريعة مقاصد أم شريعة وسائل؟! ماذا عن موقفهم من بعض القضايا الشائكة، مثل موقفهم من تقلد غير المسلم سدة الحكم؟!

 

اﻷمر الذي يأخذنا لمسألة أعمق، وهي قضية المواطنة بما تعنيه من العلاقة بين المسلمين والأقباط ومدى المساواة فيما بينهم كمواطنين ينتمون لنفس البلد! ويحضرني قول حاسم في هذه المسألة لرجل دين تجله كل التيارات السياسية والفكرية والدينية، بل تجاوزت شعبيته كل الحدود لتعم العالمين العربي والإسلامي، العلامة محمد متولي الشعراوي، حين قال: أتمنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة، لا أن يصل أهل الدين إلى السياسة.

 

إذا نحن متفقون على حق كل مصري في العمل بالسياسة، مهما كان انتماؤه بشرط عدم التخوين والتخويف. لكن هذا لايسلب كُلِ الحق في مناقشة أفكار الآخر ومقارعة الحجة بالحجة... طالما سيعمل الجميع تحت ظل نفس القواعد الحاكمة للعملية السياسية.

 

فأنا رغم اختلافي مع دخول التيار اﻹسلامي للعمل في السياسة، أؤكد مرة أخرى أن الاخوان يفهمون قواعد اللعبة، على عكس السلفيين الذين يفتقدون لكل مقومات العمل بالسياسة، بدءأ من رصيدهم فيها المساوي للصفر، ووصولا لتشددهم وفكرهم القائم على اﻹقصاء بشكل أكبر بكثير من الإخوان.

 

والحقيقة أن أخطر ما يزعجني من دخول التيار الإسلامي للسياسة، هو ممارستهم لما يمكن تسميته تزوير الوعي عند أكبر شريحة غير مسيسة في المجتمع وإعدادهم لمرحلة قادمة يصورونها لهم بما تشبه الحرب مع أعداء الله على أرض مصر، ولنا في غزوة الصناديق الشهيرة خير دليل حي!

 

بكل أسف، الخط العام للتيار اﻹسلامي المطروح بقوة على سطح الأحداث، يبدو لي متأرجحاً... ويبني مواقفه على ردود أفعال الآخرين. وكنت آمل ان يكون لديهم طرح متكامل أو بديلاً منافساً للأفكار الأخرى على الساحة من التيارات الليبرالية واليسارية وغيرها. لكن الصورة تؤكد أننا بصدد صراع مستميت على السلطة، يتجاوز كل المشاريع السياسية... بل ويتجاوز مصلحة الوطن في أحيانِ أخرى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved