محمد أبو راشد المرصفى: الإخوان والعسكرى.. الحرب الصامتة - منبر الشروق - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:56 م القاهرة القاهرة 24°

محمد أبو راشد المرصفى: الإخوان والعسكرى.. الحرب الصامتة

نشر فى : الأربعاء 4 أبريل 2012 - 10:50 ص | آخر تحديث : الأربعاء 4 أبريل 2012 - 10:58 ص
المشير محمد حسين طنطاوي- رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
المشير محمد حسين طنطاوي- رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة

لا أبالغ إن قلت إن ترشيح الشاطر كان مفاجأة حتى لبعض قيادات الإخوان. العجيب أن حتى من شاركوا فى اجتماع مجلس شورى الجماعة الأخير، بما فيهم المهندس خيرت الشاطر فوجئوا هم أنفسهم بما آلت إليه الاجتماعات.


ولكن الأسباب العلنية التى طرحتها الجماعة والحزب لاتخاذ هذا القرار الخطير لم تكن على مستوى خطورة القرار، لأن معظمها موجود منذ الثورة و البعض منذ شهرين. فلابد أن هناك من الأسباب القوية التى دفعت الجماعة لاتخاذ هذا القرار الخطير وتجد الجماعة نفسها فى حرج من الإفصاح عنها. وبالطبع لا يوجد هناك مصدر موثوق نعتمد عليه فمضطرين للاعتماد على ما تسرب من أخبار والتحليل المنطقى للأحداث.

 

المجلس العسكرى وتسليم السلطة التنفيذية: إثر انتخابات تشريعية نزيهة استلمت على أثرها القوى السياسية السلطة التشريعية بكل سلاسة.

 

ولكن رفض العسكرى إسناد تشكيل الوزارة للكتل البرلمانية المنتخبة يطرح سؤالاً مهماً الآن: هل لدى العسكرى نفس الجدية فى تسليم السلطة التنفيذية؟ هل سيسلم العسكرى رأس هرم السلطة التنفيذية لأى من كان حتى لو كان من التيار الإسلامى؟

 

قيام البرلمان بدوره الرقابى: يبدو أن ممارسة البرلمان لدوره الرقابى خصوصاً فى لجان التحقيق قد أثار الفزع والهلع فى بعض الدوائر الإجرامية وبيوت الأفاعى فى هذا البلد. فقد شارك البرلمان فى تحقيقات ثلاث حوادث هامة أزعم أن لها دوراً رادعاً فى عدم تكرارها.

 

بدأ دور البرلمان هاماً فيما كشفت عنه لجنة تقصى الحقائق فى أحداث إستاد بورسعيد التى كشفت بما لا يدع مجالاً للشك أن الشرطة ولا أقول بعضها قد سهل عمليات القتل. وأيضاً تحقيقات البرلمان الوافية عن أحداث محمد محمود التى خمدت بمجرد نزول لجنة تقصى الحقائق. والحادثة الثالثة هى توقيف ضابط شرطة يحض المتظاهرين على اقتحام البرلمان وإشعال النيران به.

 

كما انتهت جميع الاستجوابات والأسئلة للحكومة فى البرلمان وبيان الحكومة بالإدانة والرفض بل وتعرض وزير الداخلية لمناقشة لتفعيل قانون محاكمة الوزراء.

 

وخلص البرلمان إلا أن إقالة الحكومة واجب وطنى ولكن المجلس العسكرى أعرب عن رفضه التام لإقالة الحكومة أو سحب الثقة منها وأصبح البرلمان فى وضع شائك لأن سحب الثقة من الحكومة تعنى تدشين حرب علنية مع المجلس العسكرى.

 

وقد حاول حزب الحرية والعدالة أن يدفع المجلس العسكرى لإقالة الحكومة لحفظ ماء وجه الجميع والمحافظة على العلاقات الدستورية بين أركان السلطة ولكن لم يجد أى استجابة.

 

العسكرى يفصح عن نيته فى تسليم السلطة التنفيذية: فى إطار محاولات التفاهم حول إقالة الحكومة حدث اجتماع بين مسؤولين كبيرين أحدهما من الجماعة والآخر من الحزب فى بيت مسؤول كبير فى المجلس العسكرى لمناقشة موضوع الحكومة.

 

وتطرق عضو المجلس العسكرى إلى أهمية العلاقات الدولية واحتفاظ مصر بعلاقاتها المتميزة مع العالم الخارجى خصوصاً مع الدول الخليجية والولايات المتحدة الأمريكية و طلب تأييد الإخوان والحزب لمسؤول سابق ذو شعبية رئيساً للجمهورية لما له من قبول لدى المجتمع الدولى.

 

وبما أن الوفد لم يكن مخولاً للإجابة على هذا الطلب فقد إنتهى الإجتماع على أنهم سيعودون للتشاور. و فى اللقاء الثانى الذى حضره مسؤول أرفع من الإخوان بالإضافة إلى المسؤولين الآخرين أعاد عضو المجلس العسكرى ذات الطلب.

 

وأضاف إليه عدة طلبات أخرى منها أنهم مستعدون لإسناد الحكومة للإخوان فى مقابل احتفاظهم بعشر وزارات منها الخارجية والداخلية والمالية والإعلام مع الاحتفاظ بهذه السياسة بعد تسليم السلطة.

 

وهنا كانت الصدمة للوفد ورفضوا بلا تردد هذه الطلبات وانتهى الاجتماع برفض قطعى من الإخوان لهذه الإملاءات، وهنا رأى الإخوان النيات المبيتة بالنسبة للسلطة التنفيذية وعلى رأسها رئاسة الجمهورية.

 

نفهم من هذا أن العسكرى راغب فى تسليم السلطة ولكن لرجال النظام السابق والنظام العالمى وليس لشخصية وطنية صرفة، ولا أبالغ إن قلت أن هذا المرشح لا يعتبر مرشح العسكرى ولكن مرشح أمريكا الذى ترضى عنه إسرائيل (كما قال الفقى) ولكن ياحبذا لو جاء عن طريق الانتخاب وبدعم من الإخوان.

 

غير واضح إذا كان موضوع التهديد بالإيعاز للمحكمة الدستورية بحل البرلمان قد أثير فى هذا الاجتماع أو عن طريق طرف ثالث أو من طريق غير مباشر عبر إثارته فى الإعلام.

 

ولكن موضوع حل البرلمان الذى يمكن أن يحدث بحكم محكمة وبدون تدخل من أحد أثار الكثير من التساؤلات فى الجماعة والحزب حول مصير أكبر قوة شعبية فى النظام الجديد والذى يمكن أن تخرج من كافة أرجاء السلطة فى لحظة والله وحده يعلم متى يمكن عقد انتخابات برلمانية مرة أخرى.

 

صدمة لجنة الدستور للإخوان: لقد صُدم حزب الحرية و العدالة من تخلى أحزاب التحالف التى وصلت للبرلمان على قوائم الحزب عنه فى هذه الأزمة. فقد نسف هذا الموقف كل أحلام الحزب فى بناء توافق سياسى عريض فها هى الأحزاب التى تسلقت على كتف الإسلاميين تخلت عنه فى أول اختبار.

 

فقد خرج الجميع بلا إستثناء من التحالف إما بالتصريح الواضح المباشر أو بحكم الأمر الواقع. كما انسحبت شخصيات مستقلة تحت ضغط جهةٍ ما . فشعر الحزب أنه وحده فيما عدا حزب النور طبعاً.

 

وأصبحت لجنة الدستور أيضاً مهددة إما بحكم قضائى وبالخضوع للضغوط. وهنا تتسائل القوة السياسية الأكبر ماذا يتبقى لو حل البرلمان وحلت لجنة الدستور؟

 

الحرب الصامتة: سواء كان هناك تدخل فى أعمال المحكمة الدستورية أم لا؟ سواء كان هناك تدخل فى المحكمة التى تنظر فى موضوع اللجنة الدستورية أم لا؟ سواءاً خضع الحزب للضغوط أم لا؟ فبين عشية وضحاها أصبح الحزب والجماعة تحت هاجس احتمال خسارة كل شئ والخروج من كل السلطات.

 

وهنا شعرت الجماعة أن هناك حرباً صامتة تُدار ضدها. فصدر البيان التحذيرى الأول فجاء الرد قوياً من الجيش فردت الجماعة رداً نهائياً بترشيح الشاطر لتضع العسكرى أمام الاختبار الحقيقى.

 

سياسة حافة الهاوية: الاختبار الحقيقى للمجلس العسكرى: لقد وضع قرار الإخوان بترشيح الشاطر العسكرى تحت اختيارين لا ثالث لهما.

 

إما أن ينصاع لحكم الشعب ويلتزم بما تعهد به ويسلم السلطة التفيذية لمن اختاره الشعب. و إما أن يكشف المجلس العسكرى عن نيته بعدم تسليم السلطة إلا لمن يرضى عنه ويرضى عنه النظام الدولى.

 

وساعتها ستكون المواجهة الأصعب فى تاريخ الثورة وتاريخ مصر كلها. فلا الجيش هو جيش 54 ولا الشعب هو شعب 54. وهذا هو استيعاب الإخوان لعبر التاريخ التى نصحها العسكرى بقرائته.

 

الخلاصة: لقد إستوعب الإخوان درس لجنة الدستور بعدم الاعتماد على الآخرين. فالكل له مصالحه ويمكن أن يُضغط عليه كما أن أى من المرشحين لا يحمل برنامج الإخوان.

 

وإذا كان محتماً على الجماعة المواجهة فلا يصح إلا بالاعتماد على أحد أبنائها. ولكن الشاطر ليس كأى أحد. إنه المناضل الصلب والاسم الأصعب فى كافة مواجهات النظام والمحكوم عليه رقم واحد فى جميع القضايا.

شارك بتعليقك