إيمان بيبرس تكتب: نجاحات المرأة تحت قبة البرلمان - منبر الشروق - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 4:39 ص القاهرة القاهرة 24°

إيمان بيبرس تكتب: نجاحات المرأة تحت قبة البرلمان

نشر فى : الأربعاء 6 أغسطس 2014 - 11:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 أغسطس 2014 - 11:30 ص

بعد أن رصدت في مقالي السابق التحديات التي تواجه المرأة وتعوق تواجدها في البرلمان سواء كانت هذه التحديات سياسية أو اجتماعية، أو اقتصادية، وجدت تساؤلات عديدة من البعض حول ماذا لو أزلنا هذه التحديات والمعوقات التي تحِد من فرص تواجد النساء بمجلس النواب، فهل سنرى منهن أداءً قويًا مُشرفًا؟!،

وأشار البعض منهم أيضًا إلى أنه لو كان الأداء البرلماني للمرأة المصرية خلال المجالس النيابية السابقة جيداً لكان أصبح إحدى أدوات تشجيع الدفع بمزيد من النساء على مقاعد البرلمان!

ما الذي يضيركم لو قرأتم التاريخ والمؤشرات والدراسات العملية التي أجريت حول واقع أداء المرأة المصرية في البرلمانات السابقة؟! ما الذي يضيركم لو أعطيتموها فرصة لتثبت أحقيتها في لقب نصف المجتمع كماً وكيفاً؟!.. فمعظم الكثيرين الذين يتغنون بالمرأة المصرية ودورها في الثورات والكفاح هم أول من يسلبونها حقها في تمثيل عادل في كافة المناصب والهياكل الرسمية للدولة.

ومن ثَم فإننا في هذا المقال سوف نستعرض ولو جزءًا بسيطًا من إنجازات المرأة المصرية وواقع أدائها تحت قبة البرلمان، فربما يظن البعض أن المرأة المصرية عندما دخلت مجلس الأمة لأول مرة في عام 1957 أن ذلك كان منحة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أو نوع من المغازلة السياسية لقطاع كبير من الشعب المصرى.

ولكن في الحقيقة هذا ليس سليما، فدخول المرأة وقتها في البرلمان جاء بعد متابعة كفاحها في العهد الملكي للحصول على حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وسنضرب مثلاً لنائبة مصرية دخلت البرلمان وحاربت به من أجل حقوق الكثيرين، وهذه النائبة هي «شيخة المحامين» السيدة/ مفيدة عبد الرحمن التي دخلت البرلمان في 1964 وحتى 1972، ومنذ دخولها البرلمان وهي تخوض معارك شرسة، ومن أشهر المعارك الانتخابية التي خاضتها الإصرار على تعديل قانون يحمي الورثة المستحقين في المعاش من استيلاء الدولة على نصيب من يتوفى منهم، وكانت تؤكد على ضرورة توزيع هذا النصيب على بقية الورثة الأمر الذي أحدث جدالاً شديداً.

كما طالبت بسرعة تعديل المادة الخاصة بسن الحضانة وضرورة رفعها من 7 إلى 9 سنوات للولد ومن 9 إلى 11 سنة للبنت وأن يضاف إليها 3 سنوات أخرى بعد ذلك يضم الابن للأصلح من الأبوين، كما ناقشت مشكلة خصم استبدال المعاش مدى الحياة لموظفي الحكومة ونجحت في أن يكون الخصم حتى سن الستين فقط.

والتاريخ ملئ بسيدات مصريات نجحن تحت قبة البرلمان، ففي مرحلة السبعينيات والثمانينيات والتى شهدت أكبر تمثيل للمرأة تحت القبة.. استطاعت المرأة أن تؤكد دورها في مجلسي الشعب والشورى وتتولى منصب وكيلة مجلس الشعب، ورئيسة اللجنة التشريعية به، ورئيسة لجنة التنمية البشرية بالشورى وذلك حتى بداية القرن الحالي.

وهناك دراسة أعدتها رابطة المرأة العربية بالقاهرة حول أداء بنات حواء بمجلس الشعب خلال الفترة من 2000 وحتى 2005، في محاولة لرصد وتحليل حقيقة ممارسة المرأة صلاحياتها الدستورية والتشريعية في البرلمان، بما يعكس دورها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ومدى قدرتها على تحمل المسؤولية والتعبير الصادق عن مشكلات المجتمع، وخرجت بعدد من النتائج التي تنفي الحكم على الأداء البرلماني للمرأة بالسلبية، ولقد جاءت أهم نتائج الدراسة كالتالي:

1- بالنسبة إلى استخدام الأداء البرلماني من المرأة النائبة في المجالات الثلاثة: السياسية والتشريعية والرقابية خلال مدة الدراسة فشاركت السيدات بهن بواقع 598 مرة.

2- معظم الموضوعات التي طرحتها المرأة في البرلمان حازت موافقة المجلس بنسبة 68.1% من هذه الموضوعات.

3- حول المستوى التعليمي للنائبة وأثره في الأداء البرلماني، انعكس ذلك على الأداء بشكل واضح، حيث بلغت النسبة بين أداء من هن في التعليم الجامعي وأعلى 15 ضعفًا مقارنةً بمن حصلن على تعليم متوسط في الأداء الرقابي، وتركزت جهود النائبات الجامعيات فما فوق في الأداء التشريعي بنسبة 80% من عملهن.

4- تفضيل النائبات وميلهن لمناقشة الموضوعات المتعلقة بالاقتصاد والشؤون المالية، حيث مثلت 38.6% من نشاطهن، وذلك على حساب باقي الموضوعات المرتبطة بالمرأة وقضاياها مثل المشكلة السكانية والأمومة والطفولة، يدعم ذلك المستوى التعليمي المرتفع للنائبات وخبرة بعضهن في المسائل الاقتصادية، وقد تمثل ذلك في مناقشة مشروعات قوانين الخطة والموازنة والاتفاقيات الدولية ذات الطبيعة الاقتصادية.

5- مثلت موضوعات الشؤون الاقتصادية والمالية.. مكان الصدارة في الأداء السياسي بنسبة 51.1% من حجم هذا الأداء لتشكل مستوى الشغف أو الاهتمام السياسي لدى النائبات؛ حيث قدمن اقتراحات عديدة لمحاربة الفساد ودعم المشاركة الشعبية والعمل على استرداد أموال البنوك، بجانب تطوير المكاتب التجارية في الخارج وزيادة الصادرات ومناقشة إعداد مصر لتكون سوقاً دولية وتطوير النظام الضريبي والاهتمام بالمشروعات الصغيرة وزيادة الاستثمارات.

7- اهتمام النائبات بتغليب المصلحة العامة على المصالح التي تخدم فئات محدودة من الشعب؛ حيث مثل هذا الجانب 92% من جملة أداء المرأة البرلماني، بجانب الارتفاع الملحوظ في نشاط النائبات من الفئات مقارنة بمن هن من العمال والفلاحين اللائي مثلن 70% من البرلمانيات في حين مثل نشاطهن نحو 10% فقط من حجم الأداء للمرأة في مجلس الشعب.

ونتائج دراسات كتلك الدراسة على سبيل المثال يبشر بأن أداء البرلمانيات السابقات لم يقتصر فقط على الاهتمام بمطالب فئة معينة من فئات الشعب؛ ولذا فبالتركيز على هذه الحقيقة وأن النائبة المصرية لها دور في التعبير عن المصالح العامة لأفراد الشعب فسوف ينتهي الاعتقاد السائد بأن دور النائبة قاصر فقط على خدمة النساء المصريات وخدمة مصالحهن، وكذا الاعتقاد بأن النائبة المصرية لا دور حقيقي لها في عملية اتخاذ القرار وتقديم طلبات الإحاطة وغيرها، وهكذا فلن يعزف الرجال والنساء على انتخابها، نظراً لجدارتها وقدرتها على التعبير عن مطالب الرجال والسيدات على حد سواء.

وأخيراً أطالب مختلف فئات الشعب بألا ينظروا إلى المراحل التي لم تنجح فيها المرأة تحت قبة البرلمان مثل السيدات اللاتي كُنّ في برلمان 2012، المنتميات لتيار الإسلام السياسي، إذ لم يعبرن عن النساء، أو عن مشكلاتهن الملحة، كما لا ينبغي الالتفات إلى برلمان 2010 إذ تم استغلال الكوتة النسائية التي تم إقرارها في يونيو عام 2009، من قبل الحزب الوطني الحاكم وقتئذ، فحصدت السيدات المنتميات للحزب الوطني على 57 مقعدًا من إجمالي 64 مقعدًا وهي عدد المقاعد المخصصة للكوتة، فبرلمان 2010 أو برلمان 2012 يمثلان سقطات تاريخية ولا يجوز تعميمهما بشكل يوحي أن المرأة تفشل تحت قبة البرلمان.. لذا يجب أن يتم اختيار النساء ليكنّ ممثلات للشعب كله وليس طائفة بعينها، ومن ثم يمكننا الحكم على نجاحاتها أو إخفاقاتها.

شارك بتعليقك