الانبطاح حركة عسكرية تعني الاستلقاء على الوجه لتلافي النيران. بيد أن المجلس العسكري أوجد لها غرضاً آخر ألا وهو الخنوع أمام تهديدات أمريكا بقطع المعونة، وأمام المصالح الاستراتيجية والصداقة المتينة، التي أوردتنا موارد التهلكة، منذ أبرمت اتفاقية كامب ديفيد.
الخلاصة: لقد آثر المجلس العسكري المتغيرات من سياسات وحفنة من الدولارات، بالثوابت التي ترتكز عليها الدولة التي تريد أن تحترم نفسها أم الدول الأخرى وأهمها العدل.
ولم يلق بالاً بكرامة الشعب التي تصدعت مثل برج التجارة العالمي. وكنت أريد أن أسئل حماة العدالة المبجلين من القضاة، ونحن في معرض الحديث عن قضية التمويل الأجنبي، ماذا سنفعل الآن بعد أن نزعت المرأة المحتشمة التي تمسك بيديها ميزان العدل العصابة من على عينيها، وارتضت أن تميل كفة أمريكا، على حساب الكفة الأخرى الموضوع فيها الشعب بكرامته وكبريائه أمام العالم؟.
وفي الوقت ذاته لا أحب تلك النبرة المستهزئة من المعارضين وعنتريتهم الجوفاء عند استصدار التصريحات النارية، وحديثهم عن كرامة الشعب التي نُحرت على المذبح الأمريكي؛ لأنني على يقين أنهم ليسوا أقلَ من المجلس العسكري انبطاحاً، وأنهم لو كانوا في مكانه ما ترددوا في التدخل لإيقاف عجلة القضاء ورفع حظر السفر عن الأمريكان؛ ليفروا إلى بلدهم.
انظر جيداً، ستجد منهم من كان يتمنى أن لو حلت القضية بطريقة ودية، بعيداً عن العدالة والنيابة والمحاكم، والإعلام، أي بنفس الطربقة التي كان يحمي بها مبارك أعوانه من الفاسدين، اعلم أيها المعارض المبجل أن ثقافة الانبطاح تغمرك من رأسك إلى أخمص قدميك، ولن يفيدك التمسح بالكرامة الوطنية.. سقط القناع.