د. سحر محمود عيسى: الإعلام واللغة.. رؤية تستحق التأمل - منبر الشروق - بوابة الشروق
الجمعة 12 سبتمبر 2025 11:10 م القاهرة

د. سحر محمود عيسى: الإعلام واللغة.. رؤية تستحق التأمل

نشر فى : الخميس 8 مارس 2012 - 9:50 ص | آخر تحديث : الخميس 8 مارس 2012 - 9:59 ص
د. سحر محمود عيسى.. حول بيان العلاقة بين اللغة والإعلام
د. سحر محمود عيسى.. حول بيان العلاقة بين اللغة والإعلام

إطلالة مهمة وطرح سلس جذاب حول موضوع يستحق التوقف والتأمل فى كتاب "اللغة والإعلام، مستويات اللغة والتطبيق" للدكتور/ محمد البكاء الأستاذ بجامعة بغداد..

 

وحول بيان العلاقة بين اللغة والإعلام يقول المؤلف: "إذا كانت اللغة وسيلة إنسانية لتوصيل الأفكار، والانفعالات والرغبات عن طريق نظام من الرموز التي تصدر بطريقة إرادية كما رأى معظم الباحثين التقليدين، فإن الإعلام يهدف إلى: تزويد الناس بالأخبار الصحيحة، والمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات، بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً موضوعياً عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم.

 

وبذا تتضح العلاقة بين اللغة والإعلام، التي حاولنا في هذا الكتاب إلقاء المزيد من الضوء في تبيان حقيقتها، ثم اشتراطات هذه العلاقة من حيث سلامة اللغة الإعلامية، التي لا تخرج عن إطار اللغة النثرية في التعبير عن الفكرة وصياغتها في رموز لتكوين الرسالة الإعلامية، وهذا بخلاف ما ذهب اليه بعض الباحثين الإعلاميين الذين عدّوا (لغة الإعلام) أحد مستويات اللغة في مقابل: الشعر والفنون عامة (المستوى الفني) والعلوم(المستوى العلمي).

 

جاء الكتاب فى أربعة مباحث يسبقها تمهيد استعرض فيه المؤلف تعريفات اللغة من وجهات نظر مختلفة، ثم إطلالة ثانية حول تعريف الإعلام مع بيان الراجح فى كل.

 

أما المبحث الأول فكأن عنوانه: "لغة الإعلام" وفيه إطلالة مهمة على عنصر الدلالة وذلك كما يقول المؤلف "لأن عنصر أية لغة ترجع إلى أمرين مهمين هما: الصوت والدلالة".

 

والمبحث الثانى "مستويات اللغة" وعالج فيه المؤلف "المستوى الفنى" انطلاقا من اهتمام العرب بجماليات لغتهم وحرصهم التام على سلامتها، كانت أيضا هناك وقفة مع المستوى العلمى بقسميه: النثر العلمى والنثر الصحفى.

 

أما المبحث الثالث فكان موضوعه: "لغة الصحافة" ويتحدث عنه المؤلف قائلا: "أما المبحث الثالث (لغة الصحافة) فقد اتجهنا فيه إلى تقييم لغة الصحافة العربية وتقويمها، وذلك بعد أن بالغ بعض الباحثين الصحفيين في بيان فضل الصحافة على اللغة العربية.

 

ولكننا نرى: إذا كان جزء من هذا التقييم يصدق على بعض رواد الصحافة العربية الذين وقفوا بين طريقين (العامية والفصيحة) ثم هداهم التفكير إلى أن يختاروا لأنفسهم حلاً وسطاً، هو: الكتابة باللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم على أن يخففوا شيئاً فشيئاً من القيود الكتابية التي كان يرسف في أغلالها الأدب الشائع في القرن التاسع عشر، تسعفهم في ذلك قدرتهم اللغوية وتمثيلها (قواعد ومفردات وأساليب) على الرغم من أن ذلك ليس حكماً عاماً على كل ما كتب إبان ظهور الصحافة العربية خاصة إذا أخذنا بنظر الإعتبار ما فعلته (الترجمة) التي ما نزال نقاسي الأذى مما خلقته في لغتنا الكريمة".

 

وما ذكره المؤلف هنا يعد –فى رأيى –إلماحة مهمة جديرة بالاهتمام لأن "اللغة" هى المنبع الأصيل للجمال لذا فإن الصحافة هى التى نهلت من هذا النبع العذب الرقراق وروت به فؤادها لكنها فى المقابل –كذلك- أغفلت هذا النبع حينا وتركته جانبا واستسلمت لجذور نبت ضعيف هاو.

 

ومن هنا كان ثمة تباينا بين مستوى فنى على قدر كبير من الرقى والجمال ومستوى آخر يعبرعن جدار متصدع متشقق وضوء خافت لا نرى به شمسا ولا نفتح منه نافذة، و"لغة" رقيقة تارة وركيكة تارة أخرى.

 

أما المبحث الرابع فهو يختص بالجانب التطبيقى ويقول عنه المؤلف: أما المبحث الرابع (الجانب التطبيقي) فقد حرصنا فيه على تبيان ما يقع فيه الصحفيون من أخطاء لغوية، ونحوية، وصرفية، عن طريق رصد بعض الكتابات الصحفية لمدة شهر واحد في صحف عراقية ثم تصويب هذه الأخطاء وصولا الى نتائج نراها ضرورية لأنها بنيت على أساس النسب المئوية (الجزئية والكلية) لتكرار الخطأ ونوعه.

 

كما أنها تصلح أن تكون أساسا لوضع منهج لغوي _ نحوي ننطلق منه في تدريس (اللغة العربية) التي لا يمتلك رجل الإعلام وسيلة غيرها لإبلاغ رسالته التي يشترط فيها: الصحة والوضوح وحسن الدلالة.

 

وأتوقف هنا عند هذا الجانب الحيوى –أيضا- لأنه لا يعتمد على التنظيروالرصد والتتبع فحسب، بل يتجاوز هذا كله إلى قراءة تأملية هادئة ترتكز على القواعد النحوية والصرفية مع الحس الفنى والذائقة الرقيقة والعناية بسياق الموقف والصياغة والجملة والتركيب.

 

الكتاب صدر بطبعته الأولى عن دار الشؤون الثقافية بغداد 1990 ثم عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع بدمشق.

 

وبعد فإن هذا العمل يحمل مستوى إبداعيا راقيا فى اختيار موضوعه وطرحه ومعالجته وصياغته وهو يعد إضافة مهمة فى مكتبتا العربية فكل التقدير والامتنان لمؤلفه د/ محمد البكاء على جهده الطيب الكريم.

شارك بتعليقك