محمد نشأت يكتب: نكسة عبد الناصر - منبر الشروق - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:31 م القاهرة القاهرة 24°

محمد نشأت يكتب: نكسة عبد الناصر

نشر فى : الإثنين 10 يونيو 2013 - 1:50 ص | آخر تحديث : الإثنين 10 يونيو 2013 - 1:50 ص
محمد نشأت
محمد نشأت

إحدى قناعاتي الشخصية بخصوص التاريخ السياسي المصري هي أن كل حكام ثورة يوليو - باستثناء الرئيس الراحل محمد نجيب المطموس من تاريخ الثورة عمدًا - لا يختلفون كثيرًا عن بعضهم البعض.

 

مَن أمم القناة، وبنى السد العالي، وأصدر قانون الإصلاح الزراعي، ووقع اتفاقية الجلاء، هو نفسه مَن أسس حكم العسكر في مصر، ومنحهم ما يقرب ثلثي الأراضي المستردة للدولة طبقًا للإصلاح الزراعي، وترك أصدقائه من الضباط الأحرار يعيثون في الأرض فسادًا.

 

وهو أول من أسس لمصطلح أمن الدولة ومخبريها، وهو أول من عرفت البلاد معه مصطلح المعتقلات والتعذيب حتى الموت، ومن عبر الجيش في عهده القناة كان وحده سببًا في تدمير ثلث الجيش! ولم يكتفِ بذلك، بل أعلن حالة من الكذب الإعلامي العام في البلاد جعلت الشعب الوحيد الذي لا يعرف شيئًا عن الحرب الدائرة في مصر هو شعب مصر، وهو أول من أسس للتوريث وبدأ ثقافة الفرعون الذي هو في الوقت ذاته الرئيس المؤمن! وأخيراً.. حسني مبارك. ولا حاجة للمزيد.

 

قناعاتي السابقة لا تغير شيئًا من ولائي إذا تعلق الأمر بمصر.. فسأحتفل بجلاء الإنجليز وبتأميم القناة وإن كرهت عبد الناصر، وسأحتفل بحرب أكتوبر وبضربتها الجوية الأولى وإن كرهت السادات ومبارك. سأحزن في ذكرى النكسة وذكرى العدوان الثلاثي وذكرى الثغرة حزنًا على انتكاسات الوطن وأرواح شهداءه. سأفرق بين حرب خاضتها مصر بأبنائها ومباراة شطرنج خسرها عبد الناصر وحده.

 

أن تجد في ذكرى النكسة من يحتفل بخسارة عبد الناصر، بل ويسميها نكسة عبد الناصر، فهو ليس إلا سفهًا من بعض السفهاء الذين فرحوا في ذكرى حزن سنوي لآلاف الأسر الباكية حزنًا على أبنائهم وإخوتهم، وذكرى ضياع الأرض وهزيمة الجيش.

أن تجد أحدهم يقول: في مثل هذا اليوم كان الطيارون سكارى في حفل بسيناء.. قل لي.. بأي شيء تحتفل؟

 

لو كانت النكسة في دولة أخرى وفرحت بها لقلت لك ما برعتم في ترديده دومًا: من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم. لكنها – نظريًا – أرضك ووطنك أو - على الأقل - هي دولة شقيقة لوطن البترول الممول لجماعتك!

 

يا هذا.. أين تركت عقلك – إن وجد – حينما سرت وراء القطيع محتفلاً بيوم انتصار إسرائيل؟ أتفهم كون – عزيزك – شيمون بيريز وأهله وعشيرته أصدقاءك الجدد بعد أن كانوا قديمًا – في هتافاتك – أحفاد القردة والخنازير.. لكن أبناء شعبك هم أصدقاء قدامى وجيران وزملاء! يا هذا.. إنهم على الأقل أصوات صناديق الانتخاب القادم بعد أشهر.

 

أعلم أن احتفالك بالنكسة ليس إلا كرهًا لعبد الناصر، وكرهك لعبد الناصر ليس إلا لأنه عذب أبناء جماعتك – وهو مبرر كافٍ – ولكن.. ألم تكرهه يومًا لجرمٍ ارتكبه في حق البلاد كافة؟ ألم تشعر نحوه بأي تعاطف تكريمًا لإنجاز شارك فيه؟ هل اختزلت حياتك في جماعتك؟ هو بالتأكيد حقك، ولكن لماذا تختزل الوطن – قديمًا وحديثًا – في جماعتك؟

 

لم قصرت حكمك على عبد الناصر حول ما فعله بالجماعة؟ ولم تقصر البلاد اليوم عليها؟ لم ترضَ بوضعٍ متردٍ سقطت فيه البلاد فقط.. لأن الجماعة هي الحاكمة، ثم تدعي تطبيق الشريعة وتتمسك بمشروع إسلامي أنت أبعد ما تكون عنه؟!

 

يا هذا.. أية عقيدة تلك التي تطوعها لتتمسك بالمصالح والمفاسد حينما تخاطب شيمون بيريز، وتتشدق بالولاء والبراء حينما تتحدث عن أبناء وطنك ودينك؟ أجبني.

شارك بتعليقك