الدكتور محمد إبراهيم الدسوقى يكتب: رسالة إلى أمى وأبى - منبر الشروق - بوابة الشروق
الإثنين 17 يونيو 2024 3:26 ص القاهرة القاهرة 24°

الدكتور محمد إبراهيم الدسوقى يكتب: رسالة إلى أمى وأبى

نشر فى : الجمعة 11 نوفمبر 2011 - 1:25 م | آخر تحديث : الجمعة 11 نوفمبر 2011 - 1:27 م
لقد كان صوتها الحنون الذي يأتيني فى غربتى  عبر الهاتف كالبلسم الشافى  يبث فى أعماق نفسى الراحة والسكينة
لقد كان صوتها الحنون الذي يأتيني فى غربتى عبر الهاتف كالبلسم الشافى يبث فى أعماق نفسى الراحة والسكينة

اليوم يوم مولدى ولكى أحتفل بهذا اليوم بحق لم أجد غير ذكرى أمى وأبى فهم أولى أن أتذكرهم وأحتفى بهم وأدعو لهم..

 

لقد رحلت أمى منذ خمس سنوات وقبلها أبى بسنوات قليلة وأنا مؤمن أن الموت حق على كل الكائنات.

 

لكنى مازلت أفتقدها كثيراً فأنا أحبها بكل ذرة فى كيانى ولكن لم أكن أتخيل أن كل سعادة وبهجة فى حياتى أستمدها منها.

 

لقد كان صوتها الحنون الذي يأتيني فى غربتى عبر الهاتف كالبلسم الشافى يبث فى أعماق نفسى الراحة والسكينة فيخفف عنى عناء غربتى وبدعواتها كانت تزول همومى.

 

لقد أفنت عمرها لنا، لقد ذاب عودها ووهبت صحتها وحياتها لنا و لم يكن لها حظ من نفسها فهى شمعة أضاءت من أجلنا.

 

لقد حملتنى وهناً على وهن – وأنقذتنى من الموت غرقاً وأنا طفل صغير وطافت بى فى المستشفيات لسنوات طوال لتعالجنى ولم تتأفف ولم تتململ.

 

بل صبرت ولجأت الى الله وكنت أسمع دعاؤها فى ظلمة الليل وهى تبتهل إلى المولى عز وجل أن يشفينى ويخفف عنى --- حتى مَنّ الله على بالشفاء.

 

لقد رحل جزء منى وأشعر بفراغ كبير بعد فقد أمي وأبي كنت أحسب أنى كنت بهم باراً.. ولكنى أيقنت أن هذا البر لم يكن كافياً ولم أعرف مقدار ماقدموه لى إلا عندما رُزقت بأطفالى، حينها عرفت أن كل ماقدمته لهم لا يساوي ليلة واحدة سهروا فيها من أجلي.

 

تمنيت لو يعود الزمان للوراء لكى أزيدهم براً وأطلب منهم الدعاء وأن أُقُبل الثرى تحت أقدامهم ألاف المرات ما أعظمها من نعمة أن يكون لك أب أو أم على قيد الحياة كي تستمتع ببرهم ورضاهم.

 

فيا من له أب او أم على قيد الحياة – إنك تملك كنزاً لايضاهيه كنز – فإظفر برضاهم وإستمتع بخدمتهم لتسعد فى الدنيا والاخرة – ولاتستكثر ماتقوم به من بر لهم – فما يعطونه لنا كثير وما نعطيه نحن قليل.

 

لا تتأفف إذا مرضوا – فلقد حملتك أمُك وهناً على وهن – ورعاك أبوك ورباك صغيراً –

 

قال الله تعالى:

 

(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ). الإسراء(23-24) --صدق الله العظيم

 

وقد قال أبو العلاء المعرى:

 

العيشُ ماضٍ، فأكرِمْ والدَيكَ بهِ، *** والأُمُّ أوْلى بإكرامٍ وإحسانِ

 

وحَسبُها الحملُ والإرضاعُ تُدْمِنُهُ، *** أمرانِ بالفَضْلِ نالا كلَّ إنسانِ

 

أعزائى واخوانى.. إنها فرصة لمن مَنّ الله عليه بأبوين أو أحدهما على قيد الحياة أن يقتنص الفرصة ليسعد فى الدنيا والأخرة، ولمن مات أبويه أوأحدهما فمازال أمامه فرص كثيرة أن يبر بهم ولندعو الله لمن قضى منهم بالمغفرة وأن يسكنهم الله فسيح جناته ولندعو الله لهم بهذا الدعاء كلما تذكرناهم :

 

"اللهم هذا عبدك ، وابن عبدك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبيها وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر ، وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت ، وأن محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به ، وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غنى عن عذابه ، وقد جئناك راغبين إليك ، شفعاء له اللهم إن كان محسنا فزد فى إحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه .. وآته برحمتك رضاك ، وقه فتنة القبر وعذابه ، وأفسح له فى قبره ، وجاف الأرض عن جنبيه ، ولقه برحمتك الأمن من عذابك ، حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين "--- آمين

 

وعلى الله قصد السبيل

شارك بتعليقك