محمد زين العابدين: الزرع والحصاد من الثوار للإخوان - منبر الشروق - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 10:31 م القاهرة القاهرة 24°

محمد زين العابدين: الزرع والحصاد من الثوار للإخوان

نشر فى : الأحد 12 فبراير 2012 - 9:25 ص | آخر تحديث : الأحد 12 فبراير 2012 - 9:27 ص
محمد زين العابدين
محمد زين العابدين

أحوج ما نكون هي المصارحة والمكاشفة في ثورة بلغ العالم مداها ولا تبارح حناجر صانعيها تُقتطف ثمارها غضة وتُستحلب شماريخها خضراء فرحا بالثمر الذي لم ينضج بعد.

 

الثورة التي راح صانعوها (يتلون) في الطرقات حتى تاهت خطاهم فُاتهموا بالتخريب وإسقاط الوطن والواقفون على حدودها مذبذبين بين هؤلاء وهؤلاء عين على الثورة وعين على النظام وبعد أن ظهر طرحها قطفوا ثمارها قبل أن تنضج وتترعرع.

 

واندفعت نخب اعتادت النفاق والتلون فلا تبرح مكانك حتى تجد نصير الأمس للنظام هو عدوا له اليوم ويختلط الثائر عندك بالمتآمر ورغم ذلك نحن الآن لسنا بصدد تحليل الأحداث المغيب عنها جموع المواطنين الذين لم يذوقوا حلاوة الماضي ليصبروا على مر الحاضر فللسياسة شيوخها وللنفاق علماءه وللمناورة حكمائها.

 

وهذا ما لم يتوفر في الثوار المارقين عن عصا الطاعة والذين ثاروا بفطرتهم دون أيدلوجية واضحة أو مخطط مسبق هم ثاروا، لأنهم قرروا ذلك ولم يدر بخلد أحد وقتها أن ينجحوا في خلع النظام فثار خلفهم البسطاء والعامة هذا هو الحد وكفى ثورة لاقتلاع النظام وماذا بعد.

 

وماذا بعد هذه، كانت بمثابة الغربال الذي انفرجت طاقته فسقط كل شئ ورجعت الثورة بلا شئ لنفاجئ بها وهى التي بلا رأس تولدت منها آلاف الرؤؤس التي تكرس لأيديولوجيتها وتبرز كل طاقتها وشيخوختها السياسية لخلق مقاعد مميزة في هذا القطار الضال تاركين خلفهم ما أتت الثورة من أجله حتى أصبحت الأحداث تروى بالأثر كأن يقال يحكى أن ويروى فلان وروايته ضعيفة أو حسنة.

 

فأحداث الأمس سراب الليل كفيل، لأن يطمس معالمها وشهودها وأدلتها لتقيد كلها ضد مجهول وهذا كفيل بصناعة الأزمات وهو مسار يخدم شيوخ السياسة والمتحولين ليعتلوا تاريخا لم يصنعوه.

 

فلا تبرح أن تجد الإعلام ووجهاءه وصناعه ومتحدثوه هم أنفسم من سجدوا وصلوا للنظام السابق فمنهم من انحنى ومنهم من قبل الأيادي ومنهم من رقص وراقص القوم خلفه، وفى السياسة أيضا وجهاءها هم أنفسهم من خدم النظام وسايره أو رضي عنه وترضاه أو غنم منه واغتنى ربما ليس هذا المهم ولكن الأهم هو تاريخ الأمم وكيف يصاغ.

 

كنا ندرس هذا التاريخ وتحولاته يُفرد لنا في الكتب الدراسية والمكتبات ويشرح لنا كيف تقوم الأمم ولم يذكر لنا راوي واحد عن دور العلماء في صناعة التاريخ الثوري، ولكن قُدر لنا أن نعيشه ونراه في ثورتنا لنكتشف أن فهم الدين هو أشبه بحبيبات الرمل في الصحراء تتفق في لونها وتختلف في أحجامها وحيزها ومداها ليختزل كل فريق فقهاءه الذين يشحنون له البسطاء والعامة لصناعة مجده وتاريخه.

 

ولنكتشف أن الدين ليس فى حد ذاته غاية عند هؤلاء ولكن هو وسيلة ُتمتطى لبلوغ الأماني كما قال رسول الله أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان يجادل بالقرآن.. ليبدأ الجهل بأبجديات الفقه الإسلامي كمن يؤذن في مجلس الشعب واختلاف وتنافر العلماء حول الواقعة أو كمن يجزم بأن شهداء بور سعيد ليسوا بشهداء وإنما قتلى اللهو الحرام.

 

وكمن قال بأن من في التحرير وشوارعه الجانبية هم مخربون يجب قتالهم هم إذن علماء الأمس ولكن لأسياد اليوم وطموح وآمال رعيل بعينه وهكذا تعلمنا الثورة دروس واقعية لدور العلماء في صناعة الملك، وكيف يكون خطر العالم الذي يتحدث بالقرآن إذا امتزج علمه بالسياسة.

 

والمفارقة الغريبة في أحداث الثورة هي أن من أشعلها لم يكونوا أصحاب أيديولوجيات دينية وأول من ُأتهم هم أنفسهم ليزرع الثوار ثورة أبهرت العالم ويجنى ثمارها من وقف في بدايتها على حدود الأرصفة يتابعها ويحصى خطواتها أو ربما حرمها كما هو في أدبيات فهمهم والتي من هشاشتها لم تثبت فالخروج على الحاكم كفر.

 

ولكن من حكم بعد الخروج فليس بكافر وليتاجر بها من سجدوا وعبدوا النظام السابق والغريب أن نداء الثوار هو عمق الشريعة الإسلامية (عيش – حرية – عدالة اجتماعية) وما نادت به التيارات الإسلامية ظاهر الشريعة الإسلامية من حكم وملك واستقرار وأن من نادي به الثوار هو من أبكى رسول الله (إن هدم الكعبة أهون على الله من دم امرئ مسلم) وهو القصاص لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

واسترداد الأموال المنهوبة ومحاسبة مرتكبيها، أما ما نادت به التيارات الإسلامية هو ظاهر الدين التمكين في الحكم والصبر على الظالم وغض الطرف عنه وهذا هو الفكر المنقول والمرحل من أزمات سياسية مشابهة حدثت في التاريخ الإسلامي نحن إذن أمام مرحلة سياسية بحته لا علاقة لها بالدين إلا فيما يخدم تطلعات بشرية وصراع سياسي بحت فُتقتص الآيات والأحاديث وُتفصل بما يخدم رواتها.

 

فما كان حرام قطعيا بالأمس هو الآن مشروع ويحتاج إلى تقيم ومشروعية قتل الأمن والشرطة في الثمانينيات هو الآن حرام، إن أول من أُعتصم في البرلمان هم الإخوان المسلمين وخاصة رئيسة الآن وبعد الثورة استنكروه على من حاول الاعتصام من الأعضاء وإن أول من دعا إلى الإضراب العام في 2008 هم الإخوان المسلمين والذي حرموه الآن.

 

ولذا إن زج القناعات الدينية والفهم الشخصي للتأويل والتفسير بما يتراءى ويتواءم مع مصلحة الحزب أو الجماعة والإيحاء بأنه صحيح الدين لم تتفق علية التيارات الإسلامية مجتمعة نظرا لاختلاف طموحاتها ورغباتها لذا لم يجد رواجا عند مخالفيهم لتبقى الثورة في حد ذاتها منج إسلامي وقادتها هم خليط من توجهات ومفاهيم إسلامية متنافرة فيثور الثائرون ويحصد المتربصون ويزرع الثوار أنشودة الوطن ليغنيها الإخوان المسلمين وبطرب.

شارك بتعليقك