السفير شاهين عبد اللايف: رد على المزاعم والمبررات التى تدعو للسخرية من الجانب الأرمينى - منبر الشروق - بوابة الشروق
الإثنين 20 مايو 2024 4:18 ص القاهرة القاهرة 24°

السفير شاهين عبد اللايف: رد على المزاعم والمبررات التى تدعو للسخرية من الجانب الأرمينى

نشر فى : الخميس 12 أبريل 2012 - 1:20 م | آخر تحديث : الخميس 12 أبريل 2012 - 1:28 م
السفير شاهين عبد اللايف.. يتصنع الجانب الأرمينى الجهل بالحقائق التى تؤكد مسؤليته عن ارتكاب أعمال القتل الوحشية
السفير شاهين عبد اللايف.. يتصنع الجانب الأرمينى الجهل بالحقائق التى تؤكد مسؤليته عن ارتكاب أعمال القتل الوحشية

إن المقال الذى كتبه نائب وزير خارجية أرمينيا س. كوشاريان فى الصحافة المصرية، والدعاية الأخيرة الصاخبة للسفارة الأرمينية، التى تتمثل فى الرد على الحقائق المقدمة من أذربيجان فيما يتصل بالمجزرة غير المسبوقة للسكان الآذريين فى مدينة خوجالى، والتى جرت أحداثها فى 26 فبراير لعام 1992، لم يكن هو المثال الوحيد على التزييف الصارخ للحقائق، الذى يسعى الجانب الأرمينى من خلاله إلى محاولات إنكار مسؤليته عن سلسلة الجرائم المرتكبة خلال عدوانه ضد أذريبجان.

 

ويتصنع الجانب الأرمينى الجهل بالحقائق التى تؤكد مسؤليته عن ارتكاب أعمال القتل الوحشية، التى جرت فى ليلة الخامس والعشرين وحتى يوم السادس والعشرين من شهر فبراير لعام 1992، وأسفرت عن قتل 613 شخصاً من سكان خوجالى. وقد تم توثيق تلك المذبحة والاعتراف بها من قبل عدد من المصادر المستقلة مثل: بى بى سى ووكالة أسوشيتبريس وصحيفة اللوموند وصحيفة الإزفستيا والواشنطن بوست ونيويورك تايمز وغيرها من شهود العيان على تلك المأساة، والتى إعترف بها عدد من المسئولين الأرمن الرسميين رفيعى المستوى، وأيضاً عدد من المصادر العامة.

 

وهكذا، فإن نائب وزير خارجية أرمينيا يتجاهل توضيح كلمات وزير الدفاع فى بلاده والرئيس الحالى سيرج سركسيان، الذى اعترف على نحو لا يقبل الشك بالمسؤلية عن إبادة سكان مدينة خوجالى، وذلك بقوله: "قبل خوجالى، كان الآذريون يعتقدون أن بوسعهم المزاح معنا، ويظنون أن الأرمن شعب لا يستطيع رفع أياديه ضد السكان المدنيين. وقد استطعنا تحطيم هذا التفكير النمطى لديهم". (توماس دى وول ، الحديقة السوداء. أرمينيا وأذربيجان عبر السلم والحرب "نيويورك ولندن: مطبوعات جامعة نيويورك، عام 2003"، ص 172).

 

إن نائب وزير خارجية أرمينيا عليه أن يتذكر ما كشفه كاتب أرمنى آخر، والذى أعطى وصفاً تفصيلياً عن كيفية قتل الجنود الأرمن لسكان مدينة خوجالى، وذلك من خلال تمجيده الشديد لشقيقه الإرهابى مونتى ميلكونيان (ماركار ميلكونيان، درب شقيقى، والرحلة المصيرية الأميركية إلى أرمينيا "لندن ونيويورك: أى. ب .توريس، 2005"، ص 213 - 214 ) .

 

وعلى الرغم من محاولات الجانب الأرمينى العودة إلى إثارة الغموض للدوافع السياسية، وتقديم التفسيرات التى لا تستند إلى أساس لها حول الأحداث فى خوجالى، فإن الخطاب المؤرخ بتاريخ 24 مارس عام 1997 من المدير التنفيذى لمنظمة هيومان ريتس ووتش فى هلسنكى، والموجه إلى وزارة خارجية أرمينيا، يعد بدوره رد رئيسى آخر على الدعاية الأرمينية: "بوصفى المدير التنفيذى لمنظمة هيومن رايتس وتش/ هلسنكى ( هلسنكى ووتش سابقاً)، أود الرد على البيان الصادر فى 3 مارس عام 1992 لوزارة خارجية أرمينيا، حول إرتكاب أعمال القتل والذبح ضد المواطنين الآذريين فى مدينة خوجالى الواقعة فى إقليم قاراباغ الجبلى، فنحن حتى الآن نحمل المسئولية المباشرة للقوات الأرمينية فى قاراباغ عن موت المدنيين. كما نرغب بإخلاص فى عدم المزيد من التحريف نحو محتويات تقريرنا الصادر عام 1992".

 

للإطلاع إنظر فى الموقع التالى على شبكة الإنترنت:

http://www.hrw.org/en/news/1997/03/23/response-armenian-government-lettertown-khojaly-nagorno-karabakh.

 

وبتعبير آخر، فبينما قامت منظمة هيومان ريتس ووتش بتوضيح الأسلوب الذى لا لبس فيه للقوات الأرمينية، وتحمل مسؤليتها المباشرة عن موت المدنيين فى خوجالى، والإعراب عن أملها فى عدم تقديم المزيد من التفسيرات الخاطئة لتقريرها، ما زالت الدعاية الأرمينية تتواصل لدحض وتفنيد البراهين والأدلة، والدفاع عن ثقافة الإفلات من العقاب.

 

ويقوم الجانب الأرمينى دائماً بغض البصر والتزام الصمت حول كتاب البطل القومى الأرمينى زورى بالايان، والذى قدم أكثر الأوصاف المرعبة لمذبحة خوجالى، "عندما دخلت مع خاشاتور إلى البيت، كان جنودنا قد قاموا بالإمساك بفتى تركى (يعنى فتى أذربيجانى) يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً، وتعليقه إلى النافذة بالمسامير. وكان الفتى يصدر الكثير من الضوضاء، فقام خاشاتور بوضع ثدى أمه المقطوع داخل فمه. وقمت بسلخ جلد صدره وبطنه. وقد أصبحت روحى ترفرف بفخر لمساهمتى بنسبة واحد بالمئة فى الانتقام لأمتى. وبعد ذلك قام خاشاتور بتقطيع جسم الفتى إلى أشلاء، ورمى بها إلى كلب ينتمى إلى نفس موطن التركى. وقد فعلت نفس الأمر مع ثلاثة أطفال أتراك آخرين فى المساء.

 

لقد قمت بواجبى باعتبارى وطنيا أرمينيا. وفى اليوم التالى ذهبنا إلى الكنيسة لتطهير أرواحنا مما فعلناه فى الليلة الماضية. ("زورى بالايان" تطهير أرواحنا " عام 1996، ص 206- 262). وبينما تجرى محاولة تصوير الأحداث فى سومجايت بوصفها "مذابح" أو "مجازر" ضد الأرمن، فضلت الدعاية الأرمينية فى نفس الوقت الإغفال التام لعدد من الظروف ذات الأهمية الحيوية فى توضيح الأسباب الحقيقية لتلك الأحداث. ويبرز هنا على وجه خاص واحد من الشخصيات القيادية لتلك الإضطرابات، وهو إدوارد جريجوريان الأرمنى الذى يعود موطنه الأم إلى سومجايت، والذى كان متورطاً بصورة مباشرة فى ممارسة القتل والعنف ضد الأرمن. وطبقاً للحكم الصادر عن الشعبة الجنائية للمحكمة العليا لجمهورية أذربيجان السوفيتية، والمؤرخ بتاريخ 22 ديسمبر لعام 1989، فقد حُكم على جريجوريان بالحبس لمدة 12 عاماً. وقد وجدت المحكمة أن جريجوريان واحدا من منظمى الاضطرابات فى سومجايت.

 

وفى حقيقة الأمر، فقد جرى الإعداد والتخطيط مسبقاً للأحداث التى جرت فى سومجايت وغيرها من المدن الأذربيجانية، بوصفها أمراً ضرورياً للدعاية الأرمينية، وذلك لشن حملة دعائية واسعة النطاق ضد أذربيجان، وتبرير الأعمال العدائية اللاحقة ضد أذربيجان. إن الأحداث فى سومجايت وفى غيرها من المدن الأذربيجانية، كان من الصعب إدارتها دون مساندة قوية ودعم من الخارج. وكما كتبت صحيفة التايمز ، فإن قيادة كى جى بى (جهاز المخابرات السوفيتية) قد حاولت "إضعاف صلاحيات وسلطة الكرملين" و"تنظيم القلاقل وإثارة الإضطرابات، وذلك من خلال استغلال مشاعر الإستياء المحلى الحقيقية، كقاعدة لتلك الإضطرابات فى المدن عبر الإتحاد السوفيتى، بما فيها سومجايت وباكو.." (فلاديمير كروشكوف. الشيوعى السوفيتى المتشدد الذى أصبح رئيساً للكى جى بى، وقاد المؤامرة الفاشلة ضد ميخائيل جورباتشوف، تايمز أون لاين، 30 نوفمبر عام 2007)، يمكن مطالعة المادة عبر الموقع التالى:

http://www.timesonline.co.uk/tol/comment/obituaries/article2970324.ece

 

وبينما جرى الإعتراف دولياً بأن الإحتلال بالقوة لإقليم قاراباغ الجبلى والمناطق الأذربيجانية المجاورة له، والتطهير العرقى للأراضى المغتصبة، يشكل انتهاكاً فاضحاً من قبل جمهورية أرمينيا، وخرقاً لالتزاماتها نحو القانون الدولى، يتجلى لنا أن الدعاية الأرمينية تواصل تصويرها للاعتداء ضد أذربيجان باعتباره "مطلباً سلمياً لسكان إقليم قاراباغ الجبلى فى ممارسة حق تقرير المصير". وينبغى على الجانب الأرمينى أن يتذكر أيضاً مسئولياته نحو القرارات التى أصدرها مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، والتى تحمل أرقام: 822 و853 و874 و884.

 

إن حكومة جمهورية أذربيجان قد أوضحت مراراً أن الإدعاءات الأرمينية فى تطبيق مبدأ تقرير المصير تتناقض مع القانون الدولى، ولا يمكن القبول بها. وبتعبير آخر، فإن هذا الأمر يعد بمثابة الموافقة على نتائج انتهاك معايير القانون الدولى الرئيسية، وخاصة فيما يتعلق بالجرائم الدولية الخطيرة، فضلاً عن القاعدة التى تحظر استخدام القوة.

 

وبينما يصف الجانب الأرمينى نفسه بصديق العالم الإسلامى، فهو يقوم بمحاولة يائسة لإنكار الحقائق التى تقدمها أذربيجان حول التدمير المنظم المتعمد الذى يقوم به للتراث الثقافى الإسلامى الأذربيجانى، وتحقيره فى الأراضى التى إحتلتها أرمينيا.

 

وينبغى على وزير خارجية أرمينيا أن يعلم كذلك بأن التاريخ لم يسجل حالات مماثلة من قبل لتحويل الجوامع إلى حظائر للخنازير. فإن جامع أجدام فى الأراضى الأذربيجانية المحتلة، بالإضافة إلى تسعة جوامع أخرى تعود إلى منتصف القرن، والعديد من المواقع التراثية الإسلامية، لم يجر تدميرها فقط، بل تحولت أيضاً إلى حظائر للخنازير، وذلك كنوع من الإذلال للشعب الآذرى ولمشاعره وأحاسيسه الدينية. وكما يتضح لنا بصورة جلية فى الصور الفوتوجرافية ، فقد تم محو النقوش القرآنية ووضع نصوص مهينة باللغة الأرمينية بدلاً منها. وبالمناسبة، فإن هذه الصور قد التقطها أحد المدونين الشبان الروس، وهى متاحة بصورة واسعة على شبكة الإنترنت. ولو أن الجانب الأرمينى قد غمره النسيان وأصابه العمى عن رؤية هذا الواقع، فيمكننا إمداده بنسخ من تلك الصور.

 

إن مثل هذا التراث الإسلامى القيم الذى يعود إلى الشعب الآذرى فى قاراباغ، والذى إستطاع الصمود والبقاء على قيد الحياة أثناء الثورة البلشفية، ومقاومة السياسية الإلحادية الستالينية للإتحاد السوفيتى، لم يستطع الوقوف أمام التخريب الواسع وسياسة التطهير الثقافى التى تنتهجها أرمينيا.

 

وقد اعتمدت منظمة التعاون الإسلامى قراراً فى عام 1999 حول التدمير والتخريب للآثار والمزارات التاريخية الإسلامية الثقافية فى الأراضى الأذربيجانية المحتلة، باعتباره جزءا من عدوان جمهورية أرمينيا ضد جمهورية أذربيجان. ولكن الجانب الأرمينى ما زال يتجاهل هذا القرار.

 

ولن تصيبنى الدهشة لو أن الجانب الأرمينى قد قرر القيام بمحاولة آلية فاشلة آخرى للإنكار، أو على الأقل بمحاولة تلقى أى دعم لمبرراتها الملفقة التى تدعو للسخرية. وبدلاً من محاولة تقديم المبررات غير الناجحة لكل أفعالها، ينبغى على القيادة الأرمينية أن تضع فى إعتبارها بصورة جادة الوضع غير البناء الحالى لأرمينيا إزاء عملية تسوية النزاع. كما ينبغى عليها أن تدرك أن أرمينيا بسبب هذا النزاع قد أصبحت دولة معزولة فاشلة. وقد أدرك المسئولون الرسميون السابقون لأرمينيا، الأفق المحدود لأجندتهم السياسية الخطيرة وغير البناءة، وسرعان ما سوف يدرك سكان المنطقة، وخاصة السكان الأرمن الذين يعيشون فى حالة من الفقر المدقع، وليس لديهم سوى أمل وحيد فى الهجرة، أن إحلال السلم والإستقرار والتعاون فى حل هذا النزاع سوف يعود عليهم بالفائدة.

 

* سفير جمهورية أذربيجان بالقاهرة

شارك بتعليقك