أحمد أبو بكر محمود: العاطفة الثورية والعصيان المدنى - منبر الشروق - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 8:03 م القاهرة القاهرة 24°

أحمد أبو بكر محمود: العاطفة الثورية والعصيان المدنى

نشر فى : الثلاثاء 14 فبراير 2012 - 9:20 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 14 فبراير 2012 - 9:25 ص
ميدان التحرير (صورة أرشيفية).. تصوير: أحمد عبد اللطيف
ميدان التحرير (صورة أرشيفية).. تصوير: أحمد عبد اللطيف

قبل أى قرار هام ينبغى على المرء الإجابة على ثلاثة أسئلة أين يقف، أين ينتوى الذهاب. وكيف يصل إلى مقصده. لابد من هذه المقدمة قبل الحديث عن ما أطلق عليه العصيان المدنى. فى تقديرى المتواضع أن العصيان المدنى دوما يظل السلاح الأخير، تسبقه فعاليات كثير ويظل فى النهاية البطاقة الأخيرة. يتم التهديد به أكثر من استعماله. لم أسمع يوما عن عصيان مدنى يتم البدء به.

 

لنرجع إلى تاريخنا القريب. فى 2010 وبعد تحالف البرادعى مع الإخوان المسلمين وتمكنهم من جمع حوالى 850 ألف توقيع على بيان التغيير ليتم عدد الموقعين مليونا. حدث شد وجذب "إعلامى" بين البرادعى وبين النظام. وكان مما تم التهديد به الدعوة إلى العصيان المدنى. ولكن الدعوة لم تتم. كانت الدعوة سلاح إعلامى. رغم من القدرة رقميا على حشد نصف مليون على الأقل لهذا الهدف.

 

فى أيام ال18 يوما. نتذكر جيدا. مع حالة الشلل والفراغ الأمنى الحادثة. لكنه لم تحدث حالة عصيان مدنى. كان الموظفون يذهبون لأشغالهم صباحا ثم يمتلئ بهم ميدان التحرير بعد الثالثة. حدث إضراب سائقى النقل العام قبيل التنحى. لكن بتعريف المصطلح لا أعرف هل مصر كانت بها حالة عصيان مدنى.

 

هل توقفت المطارات وشركات الكهرباء ومحطات الوقود والموانئ عن العمل. لا أعلم. وبفرض أن قبيل التنحى كان هناك عصيان مدنى عام شامل. فالهدف كان واضحا كبيرا ومستحيلا يستحق العناء، رحيل حسنى مبارك.

 

للإجابة على السؤال الأول، أين نقف. ما هو وضع الثوار الداعين للعصيان المدنى العام. هل وراءهم غطاء شعبى هادر؟ ما هو مطلبهم؟ تسليم السلطة فى أقرب فرصة. لمن، لرئيس منتخب؟ متى. فى أقرب فرصة. يأتيك الجواب من الكائن الخرافى المسمى برجل الشارع العادى. "باب الترشح فى مارس وهيسلموا السلطة فى يونيو انت عايز ايه بقى، مايو ولا ابريل! عايزنى اشل البلد عشان كام يوم! وبعدين انت عايز رئيس مصر يجى مرة واحدة من غير ما نعرف هنختار مين!" إذن ليس هناك غطاء شعبى هادر مثل وقت الثورة كما أن المطلب نفسه غير واضح. "تسليم السلطة".

 

السؤال الثانى: أين تريد الذهاب؟ الإجابة بسيطة. رئيس مدنى منتخب فى أقرب فرصة ورحيل المجلس العسكرى. هذه ليست إجابة. الإجابة فى تقديرى تكون: انتخابات رئاسة يوم كذا فى شهر كذا، والتى بكل الأحوال لن تخرج عن نطاق اواخر أبريل أو بدايات مايو. فالمقصد النهائى هو تقديم للانتخابات الرئاسية عدة أسابيع فقط. هذا ما سوف يفهمه الناس.

 

السؤال الثالث: كيفية الوصول إلى الهدف. هناك قنوات سياسية. وهناك الرأى العام. ثم هناك التظاهر. يلحقه الية الاعتصام. وتصعيدا يمر الأمر بالإضراب العام. ينتهى بالعصيان المدنى. ما حدث بكل بساطة هو حرق للمراحل كما كتب البعض. وقفز الداعون إلى السلاح الأخير دون وجود غطاء شعبى كامل ودون توضيح للهدف ودون المرور بخطوات الضغط الشعبى وتم استخدام السلاح الأكبر. العبثية تكمن فى اختيار يوم 11 فبراير استنفارا لهمم الجماهير التى فى تقديرى ملت من الفعاليات. بينما هذا اليوم هو يوم إجازة رسمية عند قطاعات واسعة من الشعب ! مما يدل على عاطفية وعبثية الاختيار.

 

ما حدث كان بكل بساطة فرصة ذهبية للسلطة الحاكمة للنفخ فى الأمر وتكبيره وتصويره على انه خطر داهم. واستغلالا لحالة الرفض المبدأية من المواطنين يتم التعامل معه إعلاميا بالشكل الإحترافى المطلوب. وتوصيفة على أنه هدم للدولة وأن الشعب المصرى الهمام "غير المهتم أساسا بدعوى العصيان" أفشل المخطط وحافظ على بلاده التى يعشقها.

 

المثير للإحباط أن من دعى للعصيان بعد إدراك موضوع الإجازة. قرر أنه إضراب. وبعد ما تمت الدعوة للإضراب الذى لاقى قبولا عند القطاعات الطلابية على حد معلوماتى. تم التعامل معه على هيئة مسيرات. فى النهاية اليوم مر بدون أى أثر سياسى إيجابى. بل فرصة سانحة للسلطة الحاكمة للتوحد أكثر مع جموع شعبها المغوار ضد قوى الشر الظلامية التى تريد هدم الدولة "تسجيل ممدوح حمزة – تسجيل الاشتراكيين الثوريين - الجمعيات الممولة خارجيا".

 

على سبيل المثال. فى اكتوبر 2010 قام فى فرنسا إضارب عام. للاحتجاج على قانون مرره البرلمان بمد سن التقاعد الى 62 عام. "ونشرت صحيفة «لوباريزيان» نتائج استطلاع للرأي أظهرت أن 69 في المئة من الفرنسيين يؤيدون الإضراب، وبينهم 61 في المئة يدعون الى إضراب مفتوح لموظفي القطاعين العام والخاص، الى أن يُعاد النظر في القانون الجديد الذي يعتبره ساركوزي «ركيزة» لإنجازاته. "حوالى 70 % تأييد شعبى فى أمر هام جدا يمس كل مواطن فرنسى. وفى النهاية للعلم الإضراب لم ينجح فى إلغاء القانون. ليتنا نقرأ ونتعلم. أختتم بطرفة. عند مرورى بمستودع البوتاجاز القريب من البيت وجدت اللوحات التالية "عمال وموظفو شركة بوتاجاسكو يلعقون اعتصامهم ويرفضون دعاوى العصيان المدنى" لا تعليق!

شارك بتعليقك