إسلام حافظ يكتب: قطار النهضة - منبر الشروق - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 6:19 ص القاهرة القاهرة 24°

إسلام حافظ يكتب: قطار النهضة

نشر فى : السبت 23 مارس 2013 - 12:00 ص | آخر تحديث : السبت 23 مارس 2013 - 12:00 ص
الرئيس محمد مرسي
الرئيس محمد مرسي

"حسبى الله ونعم الوكيل في اللي خربوا البلد".. لأول وهلة لم أفهم ما تقصده السيدة التي تجلس بجانبي في عربة القطار بهذا القول.. هل تقصد الحكام أم الثوار.. أم الاثنين؟ فكل طرف على شاكلته يتحدث، يرى أن الآخر هو السبب الرئيسي في خراب البلد، وهو فقط المصلح والمنقذ، هو فقط من يصلح لحكم البلاد وإخراجها من كبوتها، هو فقط من يملك المفتاح السحري الذي يعجز الجميع عن إيجاده.. جميعهم مصلحون ومخّربون في نفس الوقت!

 

لم أنتظر كثيرا حتى أفهم ما تقصده السيدة، فقد بدأ التوك شو البلدي بين الركاب.. أخذ الشيخ والعامل والطالب والجاهل خطوات للأمام، وصارت السيدة في المنتصف تدير الحوار من على الكرسى !قالت هما إيه اللي وداهم المقطم؟ عايزين يحرقوا المقرر ليه؟ بيخربوا ليه فى البلد؟ هي البلد ناقصة! وبدأ النقاش الساخن بين المحللين السياسيين.. انقسموا إلى فريقين.. فريق مع السيدة وفريق ضدها، كل فريق يود إفحام الآخر بالمعلومات والتصورات والآراء السياسية المبنية على معلومات موثوقة من القنوات غير الموثوقة التي يتابعونها ليل نهار حتى أصبحوا يرددون ما يسمعون دون محاولة للتفكير فيه.

 

اجتمع أنصار عيسى وباسم وسعد والإبراشى في اليمين، واجتمع أنصار خميس وأبو إسلام وشعبان وبدر في اليسار، وانطلق المترو مسرعا في محطاته إلى أن حدث ما أفقده انطلاقه.. جاءت إشارة مفاجئة للسائق تأمره بالتوقف لأن هناك مجموعة تعترض القطار وتعتصم على القضبان وتوقفه. ارتفع الضجيج بين الناس ما بين سب وشتم وتعاطف وتأييد، وصارت العربة أشبه بمسرح توك شو كبير.. تجتمع فيه مصر بكل فئاتها وآرائها.

 

قال أحدهم بصوت مرتفع: لا لوم على الثوار فيما يفعلون.. شباب ثائر قتل أصحابه وأخواته أمام عينه، سرقت ثورتهم وثروتهم وأحلامهم وتاريخهم أمام أعينهم، ضاعت حقوق شهدائهم أمام أعينهم، سجن وسحل أقاربهم أمام أعينهم، أهينت كرامتهم أمام أعينهم.. ماذا تنتظرون منهم غير أنهم يكونوا ضد النظام؟!

 

رد أحدهم: ليس هؤلاء من نزلوا يوم 25 يناير.. تقدروا تقولوا ما ذنب جنود الأمن المركزى حتى يسبوا ويضربوا بالحجارة؟ ما ذنب البلد حتى تحرق منشآتها؟ ما ذنب الناس التي تعيش بجوار ميادين الاعتصام؟ ما أفهمه جيدا أنه حتى وإن اختلفنا مع الرئيس في بعض الأمور علينا أن نصبر أربع سنين ونرى ما يمكن فعله لأنه أول رئيس منتخب.. ولو فشل نغيره.

 

أما أنا فأقول.. إذا ما ذنب مبارك حتى نحاسبه؟ ماذا فعل مبارك أكثر مما فعله مرسي في شهور قليلة؟ إذا تتحدثون عن العيش والحرية والعدالة والكرامة.. أهدرت جميعها في ستة أشهر. ولو تحدثتم عن بطش الشرطة وقتل متظاهرين.. أليس من قتل أمام الاتحادية وفي الذكرى الثانية لمحمد محمود متظاهرين؟ يفرق إيه جيكا وكريستى عن مينا دانيال والشيخ عماد وسيد بلال وأحمد بسيونى؟ وإذا كنتم تتحدثون عن الكرامة يفرق في إيه حمادة صابر عن ست البنات وخالد سعيد؟ وإذا كنتم تتحدثون عن الحرية تفرق في إيه معتقلات مبارك عن معتقلات مرسي، وأمن دولة مبارك وأمن وطن مرسي؟ وإذا كنتم تتحدثون عن الهيمنة والسيطرة والاستبداد يفرق في إيه الحزب الوطني عن الحرية والعدالة؟ ويفرق إيه التوريث عن التمكين والأخونة؟

 

للأسف.. أصبحنا -وبما لا يدع مجالا للشك- نسير على القضبان، نواجه قطارا سريعا أهوج.. لا يميز بين الجميع، لن يفرق بين مؤيد أو معارض، سيدهس الجميع إذا أراد.

سيادة الرئيس.. أستحلفك بكل ما هو غالي أن ترحل وترحم مصر، أنت السواد الأعظم الآن. ارحل واترك مصر للمصريين. أرجوك تحلى لمرة واحدة فقط بالرجولة واترك الشعب يقرر مصيره.

شارك بتعليقك