ينتهك الحق المقدس فى الحياة، تستباح الدماء، تنتحر قيم العقل والعدل والحرية والكرامة، يموت الحب والأمل فى القلوب وتذهب السعادة عن الوجوه ومحلها تتسارع خطى ويتصاعد ضجيج وحوش القلق والخوف والرياء والنفاق والظلم؛ والمكارثيون كما هم يرفعون الصوت ويدعون امتلاك الحقيقة المطلقة ويخونون الآخر ويرهبون المجال العام (أو ما تبقى منه) بأختامهم الزائفة ويرقصون على خرائط الدماء وأشلاء الضحايا ومشاهد الدمار.
يتغول وحش الإرهاب فى مصر ويضرب بدموية فى أماكن مختلفة ويسقط العديد من الضحايا ويفرض الحزن على ربوع الوطن، ومكارثيو تبرير العنف يسوقون مقولاتهم المتهافتة لتمرير القتل والجرائم والاعتداءات، ويتشامتون فى الدماء والأشلاء والدمار بعد أن تحللوا من كل قيمة أخلاقية وإنسانية، ويخرجون على الناس باحتفاء إجرامى ومريض بوحشية ودموية الاغتيالات والتفجيرات الإرهابية.. من جريمة قتل النائب العام إلى إرهاب الشيخ زويد الذى أسقط عددا مروعا من الضحايا.
يتغول وحش الإرهاب فى مصر، ومكارثيو القمع وتبرير العصف بسيادة القانون وبضمانات التقاضى العادل وبحقوق الناس وحرياتهم يسوقون مقولاتهم التى لا تقل تهافتا تارة بشأن قتل الإرهابيين دون محاكمات وتارة بشأن حتمية التخلص من «الأعباء الإجرائية» التى تنص عليها القوانين لمواجهة عصابات الإرهاب «بفاعلية» وثالثة بشأن الاعتماد الأحادى على الأدوات العسكرية والأمنية ورابعة بشأن إسكات أصوات الدفاع عن حقوق الإنسان، ويتناسون فى غيهم أن الدولة ليست كالعصابة وأن لها عقلا قوامه هو سيادة القانون وأن التزام سيادة القانون يمثل ضرورة لحسم المواجهة طويلة المدى ضد الإرهاب وأن دون العدل الذى لا يستقر إلا بضمان الحقوق والحريات لن تتمكن الأدوات العسكرية والأمنية ومعها الأدوات التنموية والفكرية من إبعاد البيئات المجتمعية القابلة للعنف عنه وعن ممارسيه.
يتغول وحش الإرهاب فى مصر، ومكارثيو التشدق بأختام النقاء الثورى الزائفة وبشعارات الديمقراطية والحرية ورفض الاستبداد ــ وهى جميعا منهم براء ــ واستدعاؤهم لها لا يرتب سوى الخصم من فرص تقبلها الشعبى وتهديد مصداقية المدافعين عن الديمقراطية دون مكارثية ودون تبرير للإرهاب وللعنف، يسوقون مقولاتهم المتهافتة للترويج لتفسيرات ميكانيكية فاسدة تربط بين حضور الإرهاب وغياب الديمقراطية وتتجاهل أن الإجرام الإرهابى يضرب بوحشيته ودمويته فى البلدان الديمقراطية وفى السلطويات، ويتناسون أن التطرف والجهل والفقر وتراجع فاعلية مؤسسات وأجهزة الدولة تمثل أيضا مسببات لصناعة بيئات مجتمعية قابلة للعنف وعوامل لحضور الإرهاب، ويتورطون فى الصمت عن عصف اليمين الدينى حين سيطر على رأس السلطة التنفيذية بسيادة القانون وبالحقوق والحريات وعن توظيفه لخطاب التحريض المجتمعى والطائفى والمذهبى لتمرير ممارسات
الإقصاء والتمييز ضد المختلفين معه والمعارضين له، ويظهرون بادعاء «البطولات الكبيرة والصغيرة» نزوعهم المريض للمزايدة على حزن الناس إزاء وحشية ودموية عصابات الإرهاب وعلى طغيان مشاعر القلق والخوف على الضمائر والعقول وهى تتابع واجفة انتشار خرائط الدماء وتزايد قوائم الضحايا وعلى الضغوط الحياتية والضميرية والعقلية المتصاعدة التى يواجهها كل من يدين الإرهاب ويرفض العنف وينشد مواجهتهما دون عصف بسيادة القانون والحقوق والحريات.
ينتحر العقل، يموت الحب والأمل، تخضب الدماء الطاهرة أرض الوطن المكلوم، والمكارثيون يرقصون على أشلاء الضحايا ومشاهد الدمار بصخب ورداءة لم تعرفهما مصر من قبل.
غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.