معارضة المنافى.. تجارب فاشلة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:59 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معارضة المنافى.. تجارب فاشلة

نشر فى : الثلاثاء 16 سبتمبر 2014 - 8:30 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 16 سبتمبر 2014 - 8:30 ص

هل أخطأ بعض قادة وأنصار جماعة الإخوان حينما غادورا مصر، واتجهوا إلى قطر وتركيا وماليزيا وإنجلترا والسودان ودول أخرى؟

وهل راهن الإخوان أكثر مما ينبغى على قطر، وظنوا أنهم لن يتعرضوا لأى ضغوط هناك، وأن خروجهم منها لن يكون إلا للعودة إلى حكم مصر من جديد كما تصور بعضهم؟!

المؤكد أن كل الدول تستخدم المعارضين المقيمين على أراضيها لمصلحتها الخاصة وتتخلص منهم إذا انتهى دورهم أو تسببوا فى فى ضرر لمصالحها يفوق ما يحققوه من مكاسب.

سيقول الإخوان بطبيعة الحال: وهل كان أمامنا خيار آخر غير الخروج والهروب إلى أى مكان بعيدا عن مصر؟

من مطالعة العديد من التجارب التى لجأ أصحابها إلى الهروب خارج الوطن والمعارضة من الخارج ثبت أن معظمها ينتهى بالفشل.

ومن مطالعة بعض التجارب المصرية بالذات سوف نتأكد من هذا الاستنتاج؟

عندما زار أنور السادات القدس المحتلة فى نوفمبر 1977 ثم وقع اتفاقيتى كامب ديفيد فى سبتمبر 1978 واتفاقية السلام فى مارس 1979 مع العدو الصهيونى، خرج بعض المعارضين المصريين خصوصا من الناصريين وبعض رموز اليسار إلى العراق وسوريا وليبيا ودول أخرى لمعارضة السادات خصوصا عبر الاعلام.

لم يستطع هؤلاء إيقاف قطار السادات المندفع، وتمكن إعلام السلطة من تشويه صورتهم رغم نبل مقاصد غالبيتهم، فى حين أن البعض القليل من هؤلاء استثمر المعارضة لمصلحته الخاصة.

السادات قتل على يد الإسلاميين، وعاد معظم هؤلاء إلى مصر بعد وفاته ليبدأوا مرحلة جديدة مع نظام مبارك.

فى المقابل فإن من عارض السادات من داخل مصر كانوا أكثر تأثيرا رغم قلة عددهم ورغم ما تعرضوا له من عمليات قمع وتنكيل من أجهزة أمن النبوى إسماعيل وقتها.

ربما راهن الإخوان أكثر مما ينبغى ليس فقط على قطر، ولكن على دور الخارج بصفة عامة ونسوا أن غالبية الشعب صارت ضدهم. وربما تكون تلك النقطة هى أكثر الأخطاء الاستراتيجية التى وقعوا فيها.

الآن أمام الإخوان طريقان: الأول أن يستمروا فى نفس منطقهم وهو العيش فى «جيتو الأوهام» والتصور أنهم عائدون غدا أو بعد غد إلى السلطة، أو أن يواجهوا الحقيقة الصعبة وهى أن الشعب لم يعد يريدهم، وبالتالى عليهم استخلاص العبر.

الطريق الأول يوفر لبعض قادتهم التنقل بين بعض العواصم الإقليمية والدولية، رغم أن بعض المقيمين فى الخارج منهم ــ خصوصا الشباب ــ يتعرض لظروف إنسانية بالغة القسوة من ناحية التشتت الأسرى، وهذا الطريق يجعل حال إخوان الداخل صعب جدا.

الطريق الثانى يحتاج رؤية عميقة وقراءة صحيحة للمشهد ويتخلص فى الاعتراف الفعلى بالأخطاء التى وقعوا فيها والاعتذار للشعب وإعادة تقييم مجمل مسيرتهم.

ليس المقصود بذلك إصدار بيان اعتذار، بل مراجعة فكرة الخلط بين السياسة والدين، والظن أنهم من يحتكرون الدين ويوزعون صكوكه، والتوقف عن ممارسة مبدأ «التقية» الذى تفوقوا فيه على بعض قادة الشيعة.

هذا الطريق يتطلب منهم الاعتراف بأن ما حدث فى 30 يونيو كان ثورة شعب ضدهم ولم يكن انقلابا حتى فى ظل تدخل الجيش لنصرة الثورة.

المعارضة من المنفى لم تنجح قبل ذلك فى مصر، وبعض قادتها ماتوا فى المنافى كمدا وحزنا.. وأغلب الظن أنها لن تنجح أيضا هذه المرة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي