برعاية دولة مبارك - محمد موسى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

برعاية دولة مبارك

نشر فى : الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 8:40 ص | آخر تحديث : الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 1:47 م

بتمهيدات إعلانية مبهرة، ظهر قبل أيام أول حوار "رسمي" مع مبارك، في صحيفة "الوطن" التي سبق وأن نشرت له الحوارات "الصيني"، وبعده بساعات سربت "اليوم السابع" وقائع جلسة مبارك وطنطاوي بمستشفى المعادي.

مصادفة يمكن أن تحدث في الإعلام الكندي أو الفرنسي، لولا أنها تتويج لجهود جيوش مبارك في مجالات أخرى غير الإعلام، من أجل العودة إلى الصدارة بشكل "رسمي".

الجزء الظاهر للعيان من شبكات مبارك، وهم رجال المال والأعمال، التحقوا مبكرا بسفينة النظام، وعلاقتهم بالدولة تمضي بالقواعد القديمة، من دون تغيير . وفور إعلان الرئيس عن مبادرة صندوق تحيا مصر، انهمرت المساهمات بالمليون والمليار، وتبرع رموز الحزب الوطني المحلول بوحدات سكنية، وبضائع، والتقى معظمهم بمسئولين على رأسهم إبراهيم محلب رئيس الوزراء.

أما الجزء "الغاطس" من النظام فيعمل بدأب للعودة في المرحلة المقبلة. أحمد عز التقى قبل أيام مع 230 نائبا سابقا للحزب الوطني في أحد فنادق القاهرة، لتشكيل جبهة في البرلمان المنتظر، كما ذكرت الزميلة أميرة العادلي، بالأهرام المسائي. وقبل يومين عقد الاتحاد العام لنساء مصر، مؤتمرا للإعلان عن قائمة من المرشحات في الانتخابات المقبلة، وتصدرت نساء الوطني المشهد "بحكم الخبرة"، حتى أن ممثلة لحزب التجمع قالت إن الانتخابات ستكون صعبة، لأن "الفلول راجعين بقوة".

لكن الطلقة الرئيسية في المعركة جاءت بتوقيع حسني مبارك، المسجون قضائيا بتهمة الاستيلاء على أموال القصور، والمحبوس احتياطيا على ذمة قضايا أخرى.

تحدث مبارك عن أن "الفساد والرشوة وخلافه، ليست اتهامات بالقول أو العبارات المرسلة، وكل شىء خضع للتحقيق والمحاكمات.. وكمان لازم نعرف أن الفساد موجود فى العالم كله. إحنا كافحنا الفساد كتير، المهم أنه لم يكن برعاية الدولة كما يزعم البعض".

إذن مبارك يواصل مرافعته ضد اتهامه بالفساد، مرافعة بدأها في 10 أبريل 2011، وفي كلمته لقناة العربية من شرم الشيخ، حين جدد التأكيد على "عدم امتلاك حسابات أو أرصدة خارج جمهورية مصر العربية"، بنص الكلمة كما حفظناها عن ظهر قلب.

هذا الأسبوع تحولت نبرة المرافعة إلى العاطفية في عتابه القاسي للمشير طنطاوي، "ما يهمنيش أنا أتحاكم أو حتى أموت، فأنا عشت كتير، عمرى 87 سنة، لكن ولادى ذنبهم إيه؟.

ليه تنتقموا منهم بالشكل ده، مع إنهم مظلومين، وضيعتوا منهم أجمل 4 سنين من عمرهم وحرمتوهم من ولادهم وزوجاتهم، عاجبك إن جمال كمّل الخمسين وهو موجود فى السجن، ومحروم من بنته، وعلاء، عمره ما كان له دعوة بالسياسة ولا بالحكم وكان كاره السلطة".

ذنبهم ايه؟.

ذنب كل العائلة عرفته "رسميا" بسويسرا في ديسمبر الماضي، وقبل شهور من إدانة مبارك قضائيا بسرقة مخصصات القصور الرئاسية، وقبل أن أتأكد أن مبارك السجين يكذب، كما كان يفعل مبارك الرئيس، ومبارك المطارد في شرم الشيخ.

سوزان كيستر نائب رئيس وحدة المعاونة القانونية بوزارة العدل السويسرية، قالت لمجموعة من الصحفيين المصريين، إن الحكومة السويسرية تقدر أموال عائلة مبارك بنحو 410 ملايين فرنك سويسري، بالإضافة إلى نحو 350 مليون فرنك في حسابات مسئولين في نظام مبارك.

وكل هذه الثروات تم تجميدها من جانب سويسرا، انتظارا للتنسيق القانوني، قبل إعادتها لأصحابها، لشعب مصر.

هذه الأموال، كما قال لنا ناشطو المجتمع المدني هناك، هي ما تم اكتشافه من أموال آل مبارك، وليست "كل" الأموال.

وأضيف أن هذا ما وصل إلى أراضي سويسرا الشقيقة، أما ما تم نهبه من فلوسنا إلى جهات وبلاد أخرى، فلا يعلمها إلا الله، ومبارك وعائلته.

وفي أبريل من العام الماضي قال اللواء محمد عمر وهبي رئيس هيئة الرقابة الإدارية، إن حجم الأموال المجمدة في سويسرا وإنجلترا بلغ حوالي 934 مليون دولار لأكثر من 200 شخصية من رموز النظام الأسبق.

هذا الفساد لم يكن برعاية الدولة، بل كان فساد الدولة نفسها.

هناك مبادرة للدكتور نور فرحات لتوثيق جرائم مبارك ضد بلده في صورة بحث علمي، وليس مجرد أقوال مرسلة، لكن هناك كارثة أكبر من سرقاته وفساده وإفساده، أكبر من الفساد الذي كان يتم "برعاية الدولة".

هناك قائمة عملاقة بجرائم مبارك السياسية، التي ترقى إلى حد التخريب المنظم للبلد في كل المجالات، وتجريفه من الأمل، وهي جريمته الكبرى، التي يدفع الجميع ثمنها إلى الآن.

"كانت 30 سنة زبالة، وقاعدين تطبلوا له، المسكين!. 30 سنة بهدل البلد وجابها الأرض".

هكذا "شخط" عمرو أديب في أصحاب الحملة، وهو يضيف: الناس ماتت وراحت في ستين داهية، واللي هرب واللي اتقتل، والباشا قاعد يقول ان الولد عنده خمسين سنة. الولد؟ الولد كان سافف البلد، الولد كان حاطط جزمته علينا كلنا".

يفوق المذيع فجأة ليسأل: ازاي واحد مسجون بيدي حوار للجرايد؟ دا في أنهي بلد؟.

مبارك اختتم أكاذيبه بأنه لا يهمه "إذا كان الرأى العام يتحول إلى التعاطف معى من عدمه.. وإنما يهمنى أن الحقيقة تظهر، ونعرف جميعا من الذى قتل وتآمر، ومن الذى اجتهد فى خدمة الوطن".

الشعب أيضا يريد أن نعرف الحقيقة، من قتل ومن سرق، ومن يجتهد الآن لتبييض صفحة المجرمين.

محمد موسى  صحفي مصري