أين البرلمان؟ - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أين البرلمان؟

نشر فى : الخميس 23 أكتوبر 2014 - 7:40 ص | آخر تحديث : الخميس 23 أكتوبر 2014 - 7:40 ص

لا يمكن تصور أن الحكومة التى تعتزم إبهار العالم بإتمام مشروع قناة السويس الجديدة والمليون فدان والمليون وحدة سكنية و«المليون كيلومتر طرق» خلال عام، تقف عاجزة عن تقسيم الدوائر الانتخابية بما يتيح إجراء الانتخابات البرلمانية التى فات موعدها الدستورى مهما كانت تبريرات «المبرراتية» من رجال الحكم ومواليهم.

إن استمرار غياب البرلمان حتى الآن وعدم الالتزام بالموعد الذى أقره الدستور لبدء إجراءات الانتخابات الفعلية فى 18 يوليو الماضى يطعن فى شرعية نظام الحكم ككل، لأننا ببساطة أصبحنا أمام نظام حكم لا يحترم التزاماته، سواء تلك التى أقرتها خارطة الطريق المعلنة يوم 3 يوليو 2013 أو التى نص عليها الدستور المعدل لعام 2014.

والحقيقة أنه لا توجد مشكلة فى تقسيم الدوائر، لأن خبرات الإدارة المصرية فى هذا المجال راسخة، لكن يبدو أننا أمام نظام حكم يخشى إجراء الانتخابات البرلمانية قبل أن يصبح «كل شىء تحت السيطرة» فيضمن تفصيل برلمان «على المقاس»، دون أن يتوقف كثيرا عند مخاطر التهرب من التزاماته الدستورية وفى مقدمتها بدء إجراءات الانتخابات وفقا للتوقيتات التى نص عليها الدستور.

وأخشى ما أخشاه أن يكون الحكام الجدد قد نسوا أو يتناسون أن المسمار الأخير فى نعش نظام حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك كان برلمان 2010 الذى أعده ملك الحديد أحمد عز «على المقاس». ثم جاء المسمار الأول فى نعش نظام الرئيس المعزول محمد مرسى عندما أصر نظامه على قانون انتخابات يضمن برلمان «على مقاس الجماعة».

إن انتهاك الالتزامات الدستورية، ومحاولة تخليق «برلمان أنابيب» لن يحقق لمصر أى تقدم نحو نظام ديمقراطى حقيقى، بل إن وجود برلمان قوى معارض للرئيس عبدالفتاح السيسى سيعزز فرص نجاح الرئاسة ومصر على السواء وليس العكس. ولو كان لدينا برلمان قوى لما انهار نظام حسنى مبارك، ولو كان لدينا برلمان «من أصله» لما أصدر محمد مرسى إعلانه الدستورى الذى كان بداية النهاية لحكمه البائس القصير. ولكن يبدو أن قصار النظر حول الرئيس السيسى أقنعوه بأن البرلمان المعارض يمكن أن يعرقل خططه للنهوض بالبلاد، وكأن الرئيس ،أى رئيس، هو وحده حامل مفاتيح التقدم والرقى وحامى حمى الوطن ونهضته.

احترام الدستور ليس هبة من الرئيس للشعب، وشعبية الرئيس الطاغية ليست مبررا لتجاوز هذا الدستور وأحكامه، والرئيس المنتخب مهما كانت نسبة تأييده يظل مجرد رأس السلطة التنفيذية ولا يمكن أبدا القبول به سلطة تنفيذية وتشريعية معا للأبد.

المفارقة أن مؤسسة الرئاسة منذ 3 يوليو 2013 أصدرت أكثر من 150 قانونا، القليل منها تحتمه الضرورة التى منحت الرئيس سلطة التشريع فى غياب البرلمان، والكثير منها كان يجب أن ينتظر البرلمان، ومع ذلك فإن هذه المؤسسة مازالت تتعثر فى إصدار التشريعات المطلوبة لاستكمال بناء مؤسسات نظام الحكم وانتخاب البرلمان.

استمرار غياب السلطة التشريعية على هذا النحو واستمرار الغموض الذى يحيط بموعد إجراء الانتخابات يخصم من شرعية نظام الحكم ويثير الشكوك فى نزاهة الانتخابات المقبلة وفى جدارة البرلمان الجديد.

التعليقات