يوميات الإرهاب والقمع - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يوميات الإرهاب والقمع

نشر فى : الخميس 24 أبريل 2014 - 6:20 ص | آخر تحديث : الخميس 24 أبريل 2014 - 6:20 ص

وراء يوميات الأعمال الإرهابية والكشف الممتد من الضحايا والمصابين سعى لدفع المجتمع لاعتياد الدماء والعنف والحزن، وراء يوميات القمع وانتهاكات حقوق الإنسان والسياسة التى أميتت وتعرض علينا مشاهد انتخابية مشوهة ومنزوعة المصداقية والتنافسية سعى لدفع المجتمع للصمت عن الظلم ولاعتياد الخوف والحزن أيضا. ولا نجاة لمجتمعنا ولا إنقاذ لإنسانيتنا إلا بالمقاومة الفعالة لهذه الاعتيادية السوداء.

طغت يوميات الإرهاب والقمع على مجتمعات من قبلنا وأغرقتها لعقود طويلة فى المتواليات اللعينة للفقر والضعف والتفتت والحرية الغائبة والتنمية المعطلة. ولم تنجح بعض هذه المجتمعات فى تجاوز يوميات الإرهاب والقمع إلا بمواجتهما معا وبحلول تمزج بين السياسى والاقتصادى والاجتماعى والأمنى. لم تفلح أبدا مقايضة الناس «إما القضاء على الإرهاب وقبول القمع أو طلب الحرية وتعاظم الإرهاب»، لم تفلح أبدا وخلفت فى المجتمعات التى تورطت فى المقايضة هذه كشوفا طويلة من الضحايا وغيابا متصلا للأمن وللحرية وانهيار للدول وللسلم الأهلى.

طغت يوميات الإرهاب والقمع على البرازيل وكولومبيا وأوروجواى وأيرلندا ونيجيريا وليبيريا وباكستان ونيبال وغيرها من المجتمعات، وبعد سنوات وأحيانا عقود من تطبيق المقايضة «تنازلوا عن الحرية لكى نقضى على الإرهاب» وتزييف نظم الحكم لوعى الناس بفاشية «إما مع الحكم أو مع الإرهاب»، وبعد أكلاف كارثية تيقنت المجتمعات من فشل المقايضة ومن ضرورة مواجهة الإرهاب دون تورط فى الظلم والقمع والانتهاكات وبحلول تدمج القوى المختلفة فى الحياة العامة والسياسية شريطة التزامها السلمية، واستجابت بعض نظم الحكم وانهار منها من لم يستجب أو ما لبث يعانى من وضعية تفتت وتفكك وعجز دون تغيير.

دعونا نقاوم اعتيادية الإرهاب والقمع باستدعاء خبرات المجتمعات التى سبقتنا إلى المعاناة منها، خبرات من نجح فى تجاوزها كالبرازيل وايرلندا وليبيريا ونيبال وخبرات من أغرقته فى متوالياتها اللعينة ككولومبيا ونيجيريا وباكستان. دعونا نرفض اعتياد الدماء وأرقام الضحايا والظلم والانتهاكات، ونجدد الرفض كلما تكرروا، ونطالب بمواجهتهم معا دون مقايضة «تنازلوا عن الحرية لكى نقضى على الإرهاب»، ونذكر حكام اليوم بأننا لا نريد «عشرية دموية» كالجزائر فى التسعينيات ولا نريد تنازلا عن الحرية يطول أمده إلى حد لا معقول بقاء رئيس غير قادر صحيا على الاضطلاع بمهام منصبه كالجزائر فى ٢٠١٤ - من غير المقبول أن يطلق على ما حدث فى الجزائر منذ أيام انتخابات رئاسية، فالأمر كان قد حسم سلفا وبقاء السيد بوتفليقة كان مؤكدا.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات