جريمة القطيف محاولة لإخراج العفريت من القمقم - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جريمة القطيف محاولة لإخراج العفريت من القمقم

نشر فى : الأحد 24 مايو 2015 - 9:15 ص | آخر تحديث : الأحد 24 مايو 2015 - 9:15 ص

الجريمة الإرهابية التى ارتكبها أحد الانتحاريين وفجر خلالها نفسه فى مجموعة من المصلين الشيعة فى أحد مساجد منطقة القطيف شرق السعودية يوم الجمعة الماضى، قد تكون لها نتائج وتداعيات كارثية نسأل الله أن يجنبنا إياها أو على الأقل يخفف منها.

إن لم نعرف حقيقة مشاكلنا وأزماتنا وأمراضنا النفسية كعرب ومسلمين، فلن نتقدم أبدا.

واقع الحال يقول إننا نتصارع ونتقاتل طائفيا للأسف الشديد، وأى إنكار لذلك سيزيد من فداحة المشكلة بدلا من حلها. لدينا صراع طائفى بين السنة والشيعة فى مناطق كثيرة من عالمنا الإسلامى.

بديهيا الأزمة ليست وليدة اليوم أو الأمس القريب، هى جرح نازف يتجدد منذ عام ٣٦ هجرية وموقعة الجمل ثم صفين ثم الانقسام بين على بن أبى طالب رضى الله عنه، ومعاوية بن أبى سفيان والتحكيم ومقتل على ثم مقتل الحسين فى كربلاء.

كل الأديان السماوية وحتى الوضعية انقسمت إلى شيع وطوائف وملل ونحل. الدين بطبيعته إطلاقى وكلى، وأنصاره لا يرون فى الأديان والطوائف الأخرى إلا كفرا بواحا.

وبما أن غالبية أنصار أى دين أو طائفة لا يؤمنون بحق الآخر فى الإيمان بمعتقد أو مذهب آخر، تنشأ الحروب الدينية أو المذهبية، وهى مرتبطة بعوامل كثيرة منها درجة الوعى والتحضر والتعلم واحترام حق الآخر فى التميز والاختلاف.

كل الأديان تقريبا شهدت انقسامات تلتها حروب بين أنصار كل مذهب، وهو الأمر الذى حدث فى الإسلام أيضا. هذا الصراع يتجدد حينا ويخفت حينا آخر.

ولسوء حظنا فإننا الآن نعيش واحدة من فترات صعود الصراع المذهبى بين السنة والشيعة مصحوبة بحرب مفتوحة يشنها المتطرفون والتكفيريون السنة ضد بقية أهل مذهبهم.

إذًا الصراع موجود، لكن الولايات المتحدة لعبت دورا كارثيا فى إعادة إشعال الصراع مرة أخرى، حينما غزت العراق فى مارس ٢٠٠٣ وحلت الجيش العراقى وهمشت السنة، الأمر الذى قاد لاحقا إلى المأساة التى نعيشها الآن متمثلة فى داعش، هذا التنظيم الذى يدين بالفضل أيضا إلى السياسات الطائفية المقيتة لغالبية أركان الحكم فى العراق، خصوصا رئيس الوزراء السابق نورى المالكى الذى سلم العراق عمليا لإيران.

فى اليمن فإن الحرب الدائرة هناك هى عمليا إحدى تجليات الصراع المذهبى بين غالبية الشعب اليمنى ضد جماعة الحوثيين التى تريد تسليم اليمن لإيران.

الصراع نفسه موجود فى سوريا ــ وإن كان بدرجة أقل من العراق، وليس هو السبب الأساسى ــ بسبب إحساس غالبية الطائفة السنية بالتمهيش إضافة للسياسات الكارثية لنظام بشار الأسد، وبصورة أشد وضوحا فالصراع موجود فى لبنان منذ زمن، بعد أن انتهى الدور النضالى المحترم لحزب الله ضد العدو الصهيونى، وانتهى الحال بالحزب ليحارب فقط بجانب بشار الأسد فى دمشق على أساس طائفى.

الأمر نفسه موجود فى باكستان بين الغالبية السنية والأقلية الشيعية.

فى غالبية بلدان الخليج فإن التوترات المذهبية موجودة لكنها خامدة أو مقموعة، ويبدو أن التفجير الإرهابى الأخير فى المسجد الشيعى بالقطيف هو محاولة لإشعال هذا الصراع، وإخراجه من القمقم، لتدخل المنطقة كلها فى الدوامة المذهبية.

سبب المشكلة ليس فقط تطرف داعش أو القاعدة، إيران تلعب دورا خطيرا أيضا، وكذلك بعض المنظمات الشيعية المتطرفة فى العراق وفى معظم المنطقة.

مرة أخرى وليست أخيرة، السنة لن يقنعوا الشيعة ليعودوا سنة، والشيعة لن يقنعوا السنة ليتحولوا إلى مذهبهم.اذا لماذا لا يعبد كل شخص ربه بطريقته، ونؤجل حسم هذا الصراع إلى يوم القيامة ونتفرغ لإعمار الدنيا، حتى لا نخسر الدنيا والآخرة؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي