الطريق اللاديمقراطى إلى الديمقراطية - سمير كرم - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الطريق اللاديمقراطى إلى الديمقراطية

نشر فى : الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 8:15 ص | آخر تحديث : الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 8:18 ص

إذا استعرضنا طريق الثورات نتبين ان كل الطرق المؤدية إلى الديمقراطية لا تكون هى بحد ذاتها ديمقراطية. بل على العكس أن الثورات التى قامت من أجل الديمقراطية لم تكن هى ثورية بحد ذاتها.

فقط عندما تنتصر الثورات الشعبية يكون بإمكانها إقامة نظام ديمقراطى فى جوهره. تشهد على هذا الثورات التى شهدتها اوروبا منذ الثورة الفرنسية فى القرن الثامن عشر (1789) حتى الثورة المصرية فى القرن العشرين (1952). وكذلك الثورات التى قامت فى العالم فى الوقت ما بين هذه الثورة وبعدها. ونحن ندرك بطبيعة الحال أن بعض هذه الثورات فشل فى إقامة نظام ديمقراطى. لكننا ندرك أن كل هذه الثورات كان يهدف إلى إقامة نظام ديمقراطى ولكنه سقط فى طريق الوصول إلى هذا الهدف إما بسبب حرب أهلية استبدت بالاحداث أو بسبب تدخل خارجى كان أكثر اكتساحا منه لموقف الجماهير. ولعلنا ندرك ان الشعوب التى ثارت من أجل اقامة نظام ديمقراطى لم تنجح جميعا فى اقامته. وأقامت نظاما ادعى الديمقراطية ولم يكن نصيبه منها كافيا لوصفه بالديمقراطية والامر الذى لا شك فيه هو ان بعض النظم التى قامت نتيجة ثورة أو نتيجة انقلاب عسكرى اختلفت بشأنها وجهات النظر الخارجية. بعض هذه النظم اعتبر ثورة وبعضها الآخر اعتبر انقلابا عسكريا فحسب.

وينطبق هذا على ثورة مصر فى عام 1952 التى اعتبرتها كل شعوب افريقيا ثورة بينما اعتبرتها نظم كثيرة مجرد انقلاب عسكرى. ويذكر بهذا الصدد بوجه خاص موقف الولايات المتحدة الامريكية التى تعاملت مع النظام المصرى فى اعقاب يوليو 1952 باعتباره انقلابا عسكريا. ولكن عندما تهيأت الظروف لاستقرار النظام الذى رأسه انور السادات وعادت العلاقات الدبلوماسية إلى تكوينها الطبيعى بين الولايات المتحدة ومصر اعتبرت الولايات المتحدة ان النظام المصرى قد استقر وخرج من بوتقة الثورة إلى انفتاح واسع يسمح بان تقام معه علاقات طبيعية ومستقرة. بل ان الولايات المتحدة استطاعت ان تتجاوز حدود العلاقات غير الطبيعية عندما تدخلت بشكل خفى لتمكين النظام الجديد بعد اغتيال السادات من ان يستقر ويزيح من طريقة الجماعات الاسلامية التى ارادت ان تستولى على السلطة وقتها.

وفى هذا الصدد يقول الكسى دو توكفيل مؤلف كتاب «حول الديمقراطية فى أمريكا» أن «الحالة الوحيدة التى قد تنشب فيها حرب أهلية هى حين ينقسم الجيش على نفسه، ففريق يرفع راية الثورة وفريق يبقى على الولاء، إنما الجيش مجتمع صغير مفعم بالحيوية قادر على كفاف نفسه لفترة من الوقت.. وعليه يصح التسليم بحقيقة عامة مؤداها أن الحروب الاهلية فى عصور المساواة تبيت اندر وأقصر مدة.. ليس ما ينجح فى مكافحة عادة الرخاء واشتهائه إلا اشتهاء الحرية وعاداتها». كتب دو توكفيل هذا التعبير خلال الفترة من 1835 إلى 1840. وعلى الرغم من أن هذا الكتاب نجح فى وضع صورة واضحة للديمقراطية الأمريكية بقيت على صحتها إلى ما بعد الحرب الاهلية الأمريكية وحتى الآن.

•••

تناول موضوع الطريق الديمقراطى إلى اللاديمقراطية أو موضوع الطريق اللاديمقراطى إلى الديمقراطية نجد انفسنا بصدد التعرض لمشكلة قد تبدو شديدة التعقيد فى وجهيها ولكن الأمر المؤكد أنها مشكلة يواجهها الطريق الثورى سواء توجه بالفعل إلى الثورة ونجح فى اقامة النظام الديمقراطى، أو انحرف طريق الثورة عن التوجه نحو الديمقراطية فاقام نظاما غير ديمقراطى. وقد آن لنا ان نقر باننا نطرح المشكلة من هذه الزاوية بالذات فى طريقنا لطرح السؤال عن الثورة التى تعيشها مصر الان. هل هى ثورة ديمقراطية تقصد بالتأكيد إلى اقامة نظام ديمقراطى ام انها ثورة لا ديمقراطية وبالتالى لا تستطيع ان تقيم ثورة ديمقراطية فى مصر. ومن حيث لا يدرى الاخوان الذين أطاح بحكمهم تحالف قوى بين الشعب المصرى والجيش المصرى فان السؤال الذى يبقى ملحّا هو اذا كانت حركة الشعب المصرى والجيش المصرى التى أطاحت بحكم الاخوان هى حركة ديمقراطية أو حركة غير ديمقراطية.

الامر المؤكد هو أن هناك إجابتين لا ثالث لهما على هذا السؤال المزدوج. إجابة يعتنقها بوضوح وشفافية الشعب والجيش. وهى اجابة تقول إن الاساس فى هذا التحالف هو ثورة 25 يناير 2011 التى تطورت مع الاحداث فى صورة ثورة 30 يونيو 2013. والاساس فى الثورات المذكورة هو ان الديمقراطية هى التى تغلبت واستمرت فى الحكم. أما الاجابة الثانية فهى تبدو مترددة وفاقدة الثقة بماضيها ومستقبلها على السواء. الثورة الاولى واضحة وقوية وقد تمكنت من الانتصار فى مصر فى تآزر مع الشعب والجيش، وانتصرت فى المواجهة الديمقراطية التى وقعت فى صورة انتخابات الرئاسة والنتيجة المبهرة التى اسفرت عنها. ومنذ ذلك الوقت لا تزال محاولات من قبل الاخوان مستمرة فى السقوط من محاولة إلى اخرى للبرهنة على استمرارها فى المقاومة.

فى هذا الوقت تمكنت الديمقراطية الحاكمة من البرهنة على قدرتها فى السياستين الداخلية والخارجية، وبقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، على اثبات ثقة الشعب المصرى بها وثقة شعوب العالم بها بناء على هذه الثقة الداخلية. وفى هذا الوقت اخفقت القوى الإخوانية بدعمها الخارجى المتردد والفاقد للاتجاه نتيجة للانقسام الواضح الذى يعانيه فى البرهنة على أى شىء ثابت أو قادر. هكذا تكون الديمقراطية المصرية الجديدة قد انتصرت، وتكون اللاديمقراطية الإخوانية ومساندوها فى الداخل والخارج قد لقيا هزيمة فى المجالين قبل أن تنقضى على هذا التشابك فترة عام واحد. ولهذا يمكن اعلان الاخفاق التام للإخوان وانصارهم فى داخل مصر وخارجها حتى قبل ان تجرى الانتخابات البرلمانية لاستكمال الصورة الديمقراطية.

سمير كرم  كاتب سياسي مصري
التعليقات