ردًا على مقال المسئولية التاريخية للنخب الإسلامية (٢ــ٢) - نادر بكار - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ردًا على مقال المسئولية التاريخية للنخب الإسلامية (٢ــ٢)

نشر فى : الثلاثاء 26 مايو 2015 - 9:30 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 26 مايو 2015 - 9:30 ص

ختمت الجزء الأول من هذه المقالة ــ التى أكرر أنها (تعقيب ) بأكثر من كونها (ردا) ــ بالتأكيد على سلبية (العزلة الشعورية)، التى تقوقع داخلها كثير من الإسلاميين، وأشار إليها صاحب المقال فى ثانى استدراكاته الخمسة على النخبة الإسلامية.. اتفقت معك على أهمية القراءة ــ بل وأزيدك الاستفادة ــ من التراث الإنسانى غير الإسلامى بحثا عن الحكمة وطلبا للمعرفة.

لكنى ورغم اقتناعى بتجذر حالة (العزلة الشعورية ) تلك أخالفك فى تحديد مآلاتها من حيث رؤيتك لها منطلقا لـ(قصر) المناصب الحساسة فى الدول (الإسلامية) على المسلمين.. فإن التعامل بواقعية مع حقيقة الدولة القومية وتنوعها الثقافى والعرقى كما وصفت لا يعنى إنكار (هيمنة) ثقافة بعينها على مثل هذه الدولة القومية، وإلا فعلى سبيل المثال فإن الثقافة (المسيحية)

لتطغى على كل دول أوروبا تقريبا وتترك بصمتها المميزة من أول شكل علم الدولة نفسه، مرورا بمنع المآذن وتجريم بعض المظاهر الإسلامية، ناهيك عن تمييز عنصرى لا تخطأه عين يحرم المسلمين من الترقى فى المناصب القيادية أو الحساسة كما ذكرت..لا أظنك قطعا تردد ما يردده المفلسون من التفريق بين (مهاجرين مجنسين) وبين مواطن أصلى، بل المفروض ألا

تعترف الدولة الحديثة بهذه التفرقة من الأساس.. هل يمكن أن نرى لألمانيا مستشارا مسلما؟ هل يصبح وزير خارجية هولاندا عربى الأصل؟ هل يتقلد منصب وزير الدفاع فى بريطانيا إفريقى الجذور؟.. أوباما يضطر بين كل مناسبة وأخرى فى الدولة الأكثر ديمقراطية فى العالم أن يسخر من مزاعم اتهامه بالإسلام.. إشاعة إسلامه تعتبر تهمة ينفيها عن نفسه بمنتهى القوة،

فأى مثال ٍتريدنا أن نحتذيه؟

•••

وأما عن ثالثا ورابعا معا فأقول:

لست من هؤلاء المصطفين سياسيا وراء موقف الإخوان المسلمين، ويزعجنى بشدة محاولة خلط الأوراق وغسيل الأدمغة التى تحرص الجماعة بإلحاح بقياداتها العليا والمتوسطة على ممارستها مع معسكرات المتعاطفين معها.. وكأنها تعترف أن خطأها الوحيد كان فى حسن نيتها ولطف معشرها، والحق أن الأمر كما ذكرت تماما كان محاولة لإجراء تبديل وإحلال ليس أكثر مع

نظام مبارك.. محاولة (للفهلوة) انقلب معها السحر على الساحر وباءت بفشل ٍهائل.. سجلت هذه الموقف قبل ستة أشهر من السقوط الكبير للجماعة على صفحات هذه الجريدة فلا أقوله اليوم من موقع التنظير البعيد عن مربع المسئولية.. لكن الذى لا أستسيغه هو إضفاء الصفة الملائكية ولو ضمنيا على من وصفتهم بالقوى الثورية.. إذا كان الإخوان قد أجرموا حينما وصلوا

إلى حكم البلاد، وليس لديهم خارطة طريق واضحة للإدارة، فالقوى الثورية لم تعرف أصلاً معنى الإدارة!

•••

وختاما أقتطف لك مما كتبت فى أبريل ٢٠١٣ بعنوان (سأنتقدك.. لأنك لست الإسلام):

(تصور أن الأفراد لا فارق بينهم وبين المنهج، وتوهم أن انتقاد الخطأ ــ ولو بصورةٍ علنية ــ طعنٌ فى المشروع الإسلامى ذاته، واعتقاد أن كل ما يخرج من قيادات الحركة صوابٌ لا مرية فيه، كلها خصال تبيح تأويل الأخطاء وتبريرها بدلاً من اعتماد فضيلة النقد الذاتى والاستفادة من الأخطاء للانتقال خطوة على منحنى التعلم.

عمر انتقد إصرار أبى بكرٍ على الدفع بخال بن الوليد إلى صفوف القيادة العليا.. وأبوذر ٍانتقد بعض سياسات عثمان بن عفان الاقتصادية لو جاز لنا التعبير، ورغم أنه خالف إجماع الصحابة فإن أحدا لم يتهمه فى دينه.

لم نتفق مع شعبنا على أن نسكت إن وجدنا أخطاء واضحة لا تقبل التأويل، لم يتابعنا الناس ويقبلوا باختيارنا

لنجامل من نشاء ونشتد على من نشاء، بل عاهدناهم أن نقول الحق ولو على أنفسنا، والمسلمون ــ كما فى الحديث ــ على شروطهم.

أفق من وهمِ أنك أنت الإسلام، فحالة التماهى بين الأشخاص مهما علا قدرهم فى نظرك وبين المنهج الصافى المعصوم أمرٌ شديد الخطورة على مشروعك نفسه، وإحساسك أن شعب مصر بأكمله فريق وأنا وأنت نمثل فريقا آخر هو إحساسٌ فاسد يخالف ثوابت الدعوة التى درجنا عليها..).