سياسة إسرائيلية جديدة بشأن سوريا - العالم يفكر - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سياسة إسرائيلية جديدة بشأن سوريا

نشر فى : الجمعة 27 فبراير 2015 - 10:10 ص | آخر تحديث : الجمعة 27 فبراير 2015 - 10:10 ص

نشر مركز بروكينجز الأمريكى مقالا لإيتامار رابينوفتش، السفير الإسرائيلى السابق بالولايات المتحدة الأمريكية وكبير المفاوضين مع سوريا فى الفترة من 1992 إلى 1996 والخبير فى السياسات وسياسة الشرق الأوسط، حول ضرورة وكيفية انتهاج اسرائيل سياسة جديدة والتخلى عن صمتها تجاه ما يحدث فى سوريا. فطوال أربع سنوات تقريبا، منذ مارس 2011، وإسرائيل تتحاشى اتخاذ قرار. ويشير رابينوفتش إلى أن واضعى السياسات والمحللين الإسرائيليين ينقسمون إلى مدرستين فيما يتعلق بمستقبل سوريا. تقول الأولى، المعروفة بـ"الشيطان الذى نعرفه"، إنه على الرغم من كل عيوب الرئيس السورى بشار الأسد ونظامه فهما مفضلان على البديل الإسلاموى أو الجهادى، وعلى الفوضى التى يرجح حدوثها إذا انهار النظام. وتقول المدرسة الأخرى إنه كما أوضحت حرب عام 2006 فى لبنان بجلاء، فإن محور إيران وسوريا الأسد وحزب الله يمثل تهديدا أخطر بكثير بالنسبة لإسرائيل.

•••

يوضح رابينوفيتش أن الجدل القائم لم يُحسَم، وأسهم عدم وجود اختيار واضح إلى حد كبير فى الموقف السلبى الذى تتخذه إسرائيل. وهذا الاتجاه تعززه إسرائيل من خلال حرص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتفضيله للوضع القائم، وكذلك بالاقتناع بأن قدرة إسرائيل على المساعدة فى تشكيل مستقبل السياسة السورية يعوقها تردد المعارضة فى أن يُنظَر إليها على أنها حليف لإسرائيل أو وكيل لها. وخطاب النظام منذ البداية هو أن هذه ليست حربا أهلية حقيقية، بل مؤامرة دبرها أعداء سوريا فى الخارج.

الواقع أن إسرائيل ليست سلبية بالكامل. فقد تصرفت مرارا لمنع نقل السلاح إلى حزب الله، وردت على الاستفزازات الصغيرة على امتداد خط النار فى الجولان، وعرضت ضمنا تقديم مساعدات إنسانية. لكن من بين جيران سوريا الخمسة، إسرائيل هى عدو سوريا وشريكها فى المفاوضات المتقطعة، وهى الأقل تورطا فى الحرب الأهلية المدمِّرة والأقل تأثرا بها.
ويرجح رابينوفيتش تغيير ذلك الآن نتيجة لثلاثة تطورات مهمة:

• نجاح النظام، بمساعدة ضخمة من إيران ووكيلها اللبنانى، حزب الله، فى تقوية قبضتها على 40 بالمائة من أراضى سوريا التى تسيطر عليها.

• إضعاف المعارضة المعتدلة أو العلمانية أو الإسلاموية المعتدلة باعتبارها فاعلا عسكريا وسياسيا.

• القرار الواضح الذى اتخذته إيران وحزب الله لتكثيف وجودهما ونشاطهما فى الجولان السورية وتوسيع مواجهة حزب الله مع إسرائيل من الحدود اللبنانية الإسرائيلية إلى مرتفعات الجولان.

ويمثل هذا التطور الأخير انعكاسا غريبا للأدوار. ففى التسعينيات تفاوضت سوريا على السلام مع إسرائيل وعملت ضدها فى جنوب لبنان ومن خلال لبنان، وحافظت بذلك على جبهة هادئة فى الجولان. ويحاول حزب الله الآن الحفاظ على حدوده مع إسرائيل هادئة نسبيا بينما يعد الأرض ويختبرها لفتح جبهة جديدة مع إسرائيل فى الجولان.

•••

ويقصد رابينوفيتش التطورات الحاصلة فى الشهر الماضى. ففى 18 يناير دمرت إسرائيل (دون الاعتراف بمسئوليتها) مركبتين فى الجولان مما أدى إلى مقتل جنرال إيرانى وابن عماد مغنية رئيس عمليات حزب الله الذى قُتِل فى دمشق فى تفجير سيارة عام 2008. وانتقم حزب الله بمهاجمة مركبات إسرائيلية عند سفوح جبل الشيخ بالصواريخ، وهو ما أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين وجرح آخرين عديدين. وعقب تلك الأحداث بعث الطرفان لبعضهما رسالة مفادها أنه ليس لديهما رغبة فى التصعيد وحينها استُعيد الهدوء. وفى 28 يناير ألقى زعيم حزب الله حسن نصر الله واحدا من أكثر خطاباته نارية، حيث أكد أنه لا يخاف أحدا، وأنه لا يعترف بـ"قواعد الاشتباك" الخاصة بإسرائيل وأن "هذه الثلة من شهداء القنيطرة تعبر من خلال امتزاج الدم الإيرانى واللبنانى على الأرض السورية عن وحدة القضية ووحدة المصير ووحدة المعركة التى عندما جزأتها الحكومات والتيارات السياسية والتناقضات والانقسامات دخلنا زمن الهزائم فى الستينيات، عندما وحّدها الدم من فلسطين إلى لبنان إلى سوريا إلى إيران إلى كامل المنطقة، دخلنا فى زمن الانتصارات".

ويفسر رابينوفيتش ما أنكره نصر الله وهو "قواعد الاشتباك" فهو فى حقيقة الأمر يقول إن الردع الذى حققته إسرائيل بعد حرب 2006 فى لبنان لم يعد له وجود. والواقع أن مؤسسة الدفاع الإسرائيلية شعرت لبعض الوقت أن حزب الله يتصرف على نحو أكثر عدوانية ويجهز بنية تحتية فى الجولان السورية من أجل هجمات ضد إسرائيل. وكان المقصود بالعملية الإسرائيلية إرسال إشارة إلى حزب الله بأن هذا السلوك الجديد غير مقبول من إسرائيل. لكن الاشتباكات التى وقعت فى أواخر يناير انتهت بالتعادل. والتعادل يوضح حقيقة أن إسرائيل لا يمكنها تحقيق انتصارات سهلة فى حرب استنزاف جديدة مع حزب الله. وخطر الانحدار إلى الحرب مشكلة أخرى، ومع أنه من المحتمل أن تنتهى هذه الحرب بانتصار إسرائيلى، فإن تكلفتها قد تكون مانعة إلى حد كبير.

•••

فى هذه الظروف يرى رابينوفيتش أنه من الأفضل أن يكون خيار إسرائيل هو أن ترسل إشارة إلى حزب الله ورعاته الإيرانيين بأن ردها على التصعيد على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية والجولان لن يكون محليا، وأنه ربما يستهدف كذلك وحدات ومنشآت تابعة لنظام الأسد، وبالتالى يؤثر على مسار الحرب الأهلية السورية. ولن يكون هذا قرارا بسيطا أو سهلا. وفى ظل الظروف الحالية بسوريا، قد تسير الأمور لمصلحة الدولة الإسلامية وتكون على عكس ما يهدف إليه الهجوم الغربى ضدها. وقد تتسبب كذلك فى رد سورى مهم. ويعتقد رابينوفيتش أن هذا نداء لابد للقيادة الإسرائيلية من توجيهه إذا ما استمرت الاتجاهات التى لوحظت فى يناير الماضى، وسوف يتعين توجيه هذا النداء بتنسيق وثيق مع واشنطن لربطه بالسياسة الأمريكية فى سوريا والعراق. وربما يسود الحذر وضبط النفس إلى حد كبير، لكن أساس التغيير الكبير فى سياسة إسرائيل نحو الحرب الأهلية الإسرائيلية قد وُضِع.

التعليقات