اللت والعجن - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 4:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اللت والعجن

نشر فى : الإثنين 27 أبريل 2015 - 9:25 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 أبريل 2015 - 9:25 ص

ما اجتمع مصريان هذه الأيام إلا وكان مصطلح تطوير الخطاب الدينى ثالثهما. نحن شعب يعشق تكرار مصطلحات كثيرة دون بذل أى جهد لاختبارها وتدقيقها. وإذا كنا نعذر المواطن العادى أحيانا إذا فعل هذا الأمر، فكيف نعذر الإعلاميين ومن يفترض أنهم متخصصون؟.

تأملوا أى برنامج تليفزيونى أو إذاعى أو مقال صحفى، تجدوه لا يخلو تقريبا من ترديد هذا المصطلح الذى صار الأكثر شيوعا وغموضا فى وقت واحد.

نحتاج فعلا إلى تطوير الخطاب الدينى وإصلاحه، لكن ما أقصده اليوم هو طريقة تفكيرنا بشأن هذا المصطلح. هناك قلة متخصصة ولديها وجهات نظر حقيقية لهذا التطوير. هذه الفئة لا تصل كثيرا إلى الإعلام، وإذا وصلت لا تستطيع النفاذ إلى أصحاب القرار. الفئة الغالبة هى جوقة «الهتيفة» والببغاوات، ومعظمهم يفعل ذلك بحسن نية. هؤلاء يرددون المصطلح من دون معرفة ما هو المقصود بهذا التطوير، وما هى الصورة التى يريدون للخطاب الدينى أن يكون عليها.

يقول هؤلاء أيضا إنه لابد من تنقية التراث الفقهى مما علق به من شوائب، وإذا سألت أحدهم وما هى هذه الشوائب التى تريد تنقيتها، يصمت أو يذكر لك حديثا أو بضعة أحاديث ضعيفة سمعها عرضا، ويعتقد انه أنجز المهمة وصار فقيها متخصصا!!!.

خلال متابعتى للجدل الذى اندلع بشأن الباحث إسلام بحيرى، اكتشفت أن هناك قلة تفهم فعلا فى الموضوع، وكلما استمعت إليهم اكتشفت أن معلوماتى فى هذا الموضوع قليلة.

أحد هؤلاء وهو الباحث محمد الدويك الذى استضافه الأستاذ عمرو خفاجى فى برنامجه الموضوعى والرصين على قناة أون تى فى قبل نحو أسبوعين، وتحدث بصورة جادة وعقلانية ومن دون صراخ أو إهانة أو تجريح لأحد، وطرح أسئلة مهمة أكثر مما قدم من أجوبة معلبة.

هذا الباحث المحترم يقدم دليلا جديدا على ما هو سائد فى السوق أى «كلما علا صوتك وزاد منسوب صراخك كنت فارغا ولا تملك من الأمر إلا الضجيج».

ليس عيبا ألا أكون عارفا أو مطلعا بدقة على قضية أو موضوع معين، وبالتالى ليس مطلوبا منى أن أفتى فى كل شىء.

صباح الأربعاء الماضى تحدث الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ووضع يده على نقطة مهمة فى هذا الصدد.

اقترح الطيب فى افتتاح الندوة التحضيرية لمؤتمر التجديد فى الفكر الإسلامى، ان يتم الاتفاق مثلا على مجموعة من القضايا والمشكلات الخلافية المحددة حتى يمكن مناقشتها والوصول إلى حد أدنى من التوافق بشأنها مثل قضايا الجهاد والخلافة والتكفير والولاء.

إذا استطعنا فعلا أن نحسم الجدل حول هذه القضايا الأربع، فاننا نكون أسدينا للأمة الإسلامية خدمة جليلة لا تقدر بثمن.

نون الجماعة فى فعل «استطعنا» لا تعنى كل من هب ودب، أو كل من أمسك قلما أو ميكروفونا.. المقصود هم العلماء والباحثون المتخصصون والمتبحرون فى علوم الدين من داخل الأزهر أو من خارجه.

هذه الفكرة عبر عنها ببراعة الدكتور أحمد كمال أبوالمجد عضو مجمع البحوث الإسلامية فى نفس الندوة، حينما قال إن هناك مجموعة من المصريين يسعون «لتجديد الخطاب الدينى ولكنهم ليسوا على قدر من العلم ويحتاجون لمحو الأمية حتى يستطيعوا تفهم معنى كلمة التجديد والتراث.

ظنى الشخصى أنه ليس هؤلاء فقط هم من يحتاجون إلى محو أميتهم الدينية، بل أيضا بعض العلماء داخل الأزهر، هؤلاء يحتاجون حقا ان يقرأوا علوم الفقة والحديث والتفسير من جديد وبمناهج مختلفة وأن يطلعوا على علوم العصر وتطوراته، وبعدها يمكنهم أن «ينظروا» علينا كما يشاءون بدلا من «اللت والعجن» الذى يمارسونه حاليا.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي