لسنا من شركاء الجريمة غير أن خطايانا كثيرة - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لسنا من شركاء الجريمة غير أن خطايانا كثيرة

نشر فى : الأربعاء 28 يناير 2015 - 8:25 ص | آخر تحديث : الأربعاء 28 يناير 2015 - 8:25 ص

فى بداية العام الخامس لثورة طلبت الكرامة الإنسانية والتحول الديمقراطى ولم تصب مطالبها العادلة إلى اليوم الكثير من النجاح وتواصل تراجعها على وقع التأسيس لسلطوية جديدة، ينبغى على الأصوات والمجموعات المدافعة عن الحقوق والحريات ــ الحركة الديمقراطية المصرية ــ تجاوز محدودية خطابها العلنى المقتصر على إدانة الانتهاكات المستمرة كجريمة القتل المأساوى لشيماء الصباغ وسندس رضا والضحايا الآخرين وعلى كشف مصالح «شركاء الجريمة» والإصرار على محاسبتهم وعلى السعى لإقناع الرأى العام بضرورة تطبيق مبادئ وقواعد العدالة الانتقالية ﻹيقاف الانتهاكات وإنهاء التهرب من المحاسبة.

لا أشكك فى مركزية المكونات هذه لخطاب الحركة الديمقراطية المصرية، ولا فى أهمية التعبير الدائم عنها دون يأس أو خوف أو تراجع. غير أنها تظل غير كافية لصناعة وجود إيجابى لها فى الواقع الراهن للمواطن وللمجتمع وللدولة.

فمسئوليتنا اليوم تجاه مصر وناسها، والإدانة القاطعة لكل إسالة للدماء تسقط الأبرياء من المواطنين ومن جنود وضباط القوات المسلحة والشرطة، والقراءة الموضوعية لجريمة القتل المأساوى لشيماء الصباغ وسندس رضا وضحايا الانتهاكات الآخرين، وإنقاذ المصداقية الأخلاقية والمجتمعية للفكرة الديمقراطية من العطب الذى تراه قطاعات شعبية متنوعة لحق بها تحتم معا إعمال النقد الذاتى إزاء مجمل ممارساتنا بنجاحاتها الغائبة وإخفاقاتها الكثيرة خلال السنوات الماضية.

لسنا من «شركاء الجريمة»، غير أن عبء انصراف الناس عن المطالب العادلة للحركة الديمقراطية يقع ــ بين أطراف أخرى ــ علينا حين تواصل فشلنا فى طمأنتهم لكون سيادة القانون وضمانات الحقوق والحريات والعدالة الانتقالية تمثل الأسس الجوهرية لتحقيق التنمية والتقدم ومحاربة الفساد وتحسين الظروف المعيشية، وتركناهم لتفضيل تجديد دماء السلطوية وتناسى إهدارها لكرامتهم.

لسنا من «شركاء الجريمة»، غير أن عبء الفشل فى الاقتراب اليومى من الناس، وفى تحفيزهم على عدم التنازل عن رفض المظالم والانتهاكات، وفى تثبيت معنى أن الأمل فى حاضر ومستقبل ديمقراطى لا تكتب له شهادة إخفاق أبدية أو وفاة لا بعث بعدها عندما تتصاعد الأزمات وتتراجع مسارات التغيير والبناء لكون المد والجزر دوما ما يتعاقبان، يقع أيضا علينا حين تواصل ــ وكما سجلت منذ صيف 2013 ــ استعلاء بعضنا على هموم الناس الحياتية والمعيشية، والانشغال المريض عنهم والاكتفاء فقط «بالمساجلات الأخلاقية» وبحراسة «خانات النقاء»، ديمقراطية كانت أو ثورية.

لسنا من «شركاء الجريمة»، غير أن عوامل كتوالى رحيل بعض رموز الحركة الديمقراطية المصرية عن الوطن، وابتعاد البعض الآخر عن المجال العام دون تفسيرات علنية/ صريحة تنقذ المصداقية الأخلاقية والمجتمعية وتؤكد حتمية التمسك بمواصلة العمل السلمى للانتصار لمطالبنا ومن داخل مصر وليس من خارجها، وتورط البعض الثالث ولفترة زمنية ليست بالوجيزة فى تبرير الخروج على الديمقراطية وتجميل وجهه فى الداخل والخارج حالت وما تزال بيننا وبين صياغة بديل سلمى/ متكامل/ حقيقى للسلطوية الجديدة.

لسنا من «شركاء الجريمة»، غير أن خطايانا ليست بالهامشية، ويلزمنا الإعمال الأمين للنقد الذاتى الاعتراف بها والاعتذار عنها بشجاعة ودون خوف من مواجهة الرأى العام أو تقوقع فى «خانات النقاء» والمساحات الرمادية المعتادة، ويؤسس لتجديد خطاب الحركة الديمقراطية باتجاه الاقتراب اليومى من الناس واستعادة إيمانهم بالروابط الإيجابية بين الحقوق والحريات وبين التنمية والتقدم وتنشيط الخلايا الكامنة لحلمهم بمصر الحرة والعادلة.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات