مغامرات فرانسوا أولاند الأفريقية - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 10:59 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مغامرات فرانسوا أولاند الأفريقية

نشر فى : الأربعاء 30 يوليه 2014 - 9:40 ص | آخر تحديث : الأربعاء 30 يوليه 2014 - 9:40 ص

نشرت مجلة «ذا ايكونوميست» البريطانية مقالا يتحدث عن محاولة فرنسا لإعادة تنظيم الأمن فى منطقة أفريقيا شديدة الاضطراب. جاء فى المقال أن الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند تولى منصبه فى عام 2013 وهو يعلم القليل عن أفريقيا. فربما سار على خطى معلمه فرانسوا ميتران، غير أنه لم تكن له تلك العلاقات الحميمة التى كانت للرئيس الاشتراكى مع الرجال الأقوياء الأفارقة أو رجال الأعمال الفرنسيين من خلال شبكة المصالح المعروفة باسم Françafrique. ومع ذلك فإن لأفريقيا سبيلا للتدخل فى السياسة الفرنسية. وجولة السيد أولاند فى ساحل العاج والنيجر وتشاد فيما بين السابع عشر والتاسع من الشهر تأتى وسط إعادة تفكير أمنى.

•••

تعنى رحلة السيد أولاند التى كان يصاحبه فيها مجموعة من رجال الأعمال، إلى حد ما، وفقا للمقال، تشجيع الاستثمار والعقود فى مواجهة التنافس الصينى. لكن الهدف الأكثر إلحاحا هو الإعداد لتنظيم أمنى فرنسى جديد. وحدث مرتين فى العام الماضى، بحسم غير معتاد، أن أرسل السيد أولاند قوات فرنسية إلى صراعات أفريقيا: لصد الاجتياح الجهادى فى مالى، ولوقف الحرب العرقية الدينية فى جمهورية أفريقيا الوسطى. والآن ترغب فرنسا فى إعادة تنظيم قواتها فى المنطقة تحت شعار «العملية بارخان» التى تتخذ هيئة قوة مضادة للإرهاب قوامها 3 آلاف فرد.

سوف تكون القوة الجديدة دائمة، حيث يكون مقرها الرئيسى فى العاصمة التشادية نجامينا. وقد صُممت مع خمسة بلدان تمتد على الساحل هى بوركينا فاسو وتشاد ومالى وموريتانيا والنيجر، وجميعها مستعمرات فرنسية سابقة. وسوف يبقى ألف جندى فرنسى إلى أجل غير محدد فى مالى (مقابل أكبر عدد بلغته وهو 4 آلاف فى العام الماضى)، وهى تركز على العمليات المضادة للإرهاب فى الشمال، حيث التمرد والعنف. وسوف يتمركز 1200 جندى آخر فى تشاد، وينقسم الباقون بين قاعدة المراقبة فى النيجر، وقاعدة دائمة أكبر فى ساحل العاج، وبعض القوات الخاصة فى بوركينا فاسو. وسوف يمد الفرنسيون بارخان بـ20 طائرة هليكوبتر و200 مركبة مدرعة و10 طائرات نقل و6 مقاتلات و3 طائرات بلا طيار.

يرتبط التوقيت بقرب انتهاء «العملية سرفال» فى مالى. ويقول جان إيف لودريان وزير الدفاع: «لقد تحقق الهدف الأساسى من تدخلنا» وهو محق، بالمعنى الضيق للكلمة؛ فقد حمت العملية البلاد من سيطرة الإسلامويين ومن أن تصبح «جهادية». وجرت الانتخابات فى العام الماضى. ويوفر الفرنسيون الأمن اليومى لقوة الاستقرار التابعة للأمم المتحدة وقوامها 6500 فرد والمعروفة اختصارا بـMINUSMA.

ومع ذلك فقد وجد الفرنسيون أن التسليم بطىء وقدرة القوات الجديدة متفاوتة. وقد تأجل الترحيل مؤخرا بسبب تزايد العنف بين القوات المالية والانفصاليين الطوارق فى شمال مالى. وفى الرابع عشر من يوليو قُتل جندى فرنسى فى شمال مالى، وهو ما يؤكد عدم الاستقرار. وكان على هؤلاء الذين كانوا يأملون أن يتمكن الفرنسيون من الرحيل بسرعة (حيث قال لوران فابيوس وزير الخارجية من قبل إن دور فرنسا ليس البقاء بشكل دائم) أن يراجعوا طموحاتهم.

•••

وأوضح المقال أن التأكيد الجديد على محاربة الإرهاب يعكس تغيرا فى المبدأ العسكرى الفرنسى فى أفريقيا. فقبل ست سنوات، وفى عهد نيكولا ساركوزى، سلف السيد أولاند المحافظ، انتهت مراجعة للدفاع إلى أنه ينبغى على فرنسا التركيز على علاقات الدفاع الثنائية مع المستعمرات السابقة فى أفريقيا الناطقة بالفرنسية وبشكل أكبر على «القوس الاستراتيجى» لعدم الاستقرار من شمال أفريقيا إلى القرن الأفريقى والخليج. وبينما كان ذلك فى ذهن ساركوزى، فقد أغلق واحدة من ثلاث حاميات عسكرية فرنسية فى أفريقيا جنوب الصحراء، بالسنغال، وفتح واحدة جديدة فى أبو ظبى. وكان على القوات الفرنسية أن تعمل على نحو أقل باعتبارها شرطة إقليمية تدعم القادة المعرضين للخطر، وتهتم بشكل أكبر بالأمن العابر للحدود وتتصدى للإرهاب.

ازداد حجم التهديد منذ سقوط الرئيس الليبى معمر القذافى، وتحول التركيز جغرافيّا كذلك نحو «الطريق السريع» الصحراوى الذى يمتد من الحدود المسامية فى جنوب ليبيا عبر تشاد إلى المحيط الأطلسى. فعليه تتدفق الأسلحة والمخدرات والمهاجرون غير الشرعيين والجهاديون. وترغب فرنسا فى تمزيق هذه الشبكات التى تستهدف من حين لآخر مواطنيها كرهائن. ومن ثم كان التركيز الجديد على التواجد الأمنى الخفيف، مع القدرة على العمل بشكل سريع ومرن. وقول فرانسوا هيسبورج من مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية «إنه تغيير مهم للنموذج القديم. فأولاند يؤكد ويطور ما بُدِئ فى عهد ساركوزى».

ليست طموحات فرنسا الأفريقية المتغيرة بلا جدال. فقد أزعج البريطانيين الاهتمام الفرنسى غير المتوقع بنيجيريا، أكبر بلدان القارة عددا، التى كانت لها علاقات ما بعد كولونيالية قوية مع بريطانيا. وبطريقة تتسم بقدر غير عادى من المبالغة، دعا السيد أولاند القادة الإقليميين إلى باريس فى شهر مايو لعقد قمة بشأن الأمن فى نيجيريا لمناقشة كيفية التصدى لإرهابيى بوكو حرام فى الشمال الإسلامى. وبما أنه يقع على حدود نيجيريا أربعة جيران ناطقين بالفرنسيين بينهم النيجر وتشاد، فإن للفرنسيين اهتماما واضحا بالعملية. لكنهم كانوا من قبل يتصرفون بشكل منفرد فى المنطقة، والبريطانيون يَحْذَرون التدخل بأنشطة المراقبة الخاصة بهم. وفى الوقت نفسه، تكافح فرنسا بعمليتها فى جمهورية أفريقيا الوسطى. وكانت مهمتها إنسانية إلا من ناحية، وسط مذابح «دون الإبادة الجماعية» تقوم بها الجماعات المسلمة والمسيحية، ومن ناحية أخرى جهدا استراتيجيّا لتجنب انهيار الدولة التى لا مخرج لها على البحر والغنية بالمعادن فى تقاطع مع الكثير من الصراعات الإقليمية. ومع ذلك فإنه بعد سبعة أشهر، مازالت إراقة الدماء والسلب والنهب قائما. وفى رحلة قام بها فى وقت سابق من الشهر الحالى، هى السادسة بالنسبة له، اضطر السيد لودريان إلى تغيير خط سيره بعد ذبح 20 مدنيا فى إحدى المدن. ويصف تقرير للأمم المتحدة البلد بأنه «مقسم طبقا للأمر الواقع».

•••

وأشار المقال فى النهاية إلى أن السيد لودريان مازال يأمل فى تقليل عدد القوات الفرنسية فى جمهورية أفريقيا الوسطى ما إن تبدأ قوة الأمم المتحدة تولى الأمر من قوات حفظ السلام الأفريقية فى سبتمبر. لكن فرص حدوث ذلك ضئيلة. وقال مسئول فرنسى: «وجدنا الوضع فى جمهوريا أفريقيا الوسطى أسوأ مما كنا نظن. ونحن نميل إلى افتراض أننا نعرف هذه الأماكن لأننا كنا نديرها فى الماضى». ودون التدخل الفرنسى، ربما كان بالإمكان حدوث إبادة جماعية. لكن السيد أولاند يقلل من تقدير بأس القوة اللازمة لإحداث فرق، وهو ما يشجعه عليه بلا شك نجاحه السابق فى مالى وما إن يتواجد هناك حتى تبرز مشكلة الرحيل.

التعليقات