«الشروق» تكشف « وهم علاج حالات الطوارىء»

آخر تحديث: الجمعة 1 أغسطس 2014 - 9:55 ص بتوقيت القاهرة
كتبت ــ أسماء سرور وياسمين عبدالرازق:

الحكــومة أصدرت القـرار لإنقاذ المضطرين .. والمستشفيات للمرضـى: ادفــع تتعالج

«الصحة» تؤكد تنفيذ القرار دون شكاوى.. ولجان للمرور على المستشفيات للتأكد من تطبيقه

مواطن يشتكى عدم قانونية دفعه رسوما .. ومسئول بالمستشفى يرد: «هات لنا محلب هنا يقول الكلام ده.. وسلم لنا عليه»

«غرقة الرعاية الصحية»: القرار لم يصل للمستشفيات الخاصة بشكل رسمى ..ومطالبات بتحديد تعريف دقيق لـ«الحالات الطارئة»

بانوب: القرار «عاطفى» ويورط الحكومة .. وأبعاده على المستشفيات أو المرضى غير مدروسة

 

رغم مرور نحو شهر على إصدار رئيس مجلس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، القرار رقم «1063» لسنة 2014، الذى يلزم جميع المنشآت الطبية الجامعية والخاصة والاستثمارية بعلاج حالات الطوارئ أول 48 ساعة مجانا، إلا أن «الشروق» رصدت تباينا فى تطبيق القرار.

القرار ينص على التزام جميع المنشآت الطبية الجامعية والخاصة والاستثمارية المرخص بإنشائها طبقا لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981، والمستشفيات التابعة لشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، بتقديم خدمات العلاج لحالات الطوارئ والحوادث بالمجان لمدة 48 ساعة، يخير بعدها المريض أو ذوويه فى البقاء بالمنشأة على نفقته الخاصة بالأجور المحددة المعلن عنها، أو النقل الآمن لأقرب مستشفى حكومى.

كما نص القرار على أن تتحمل الدولة تكاليف العلاج من موازنة العلاج على نفقة الدولة، ولا يجوز نقل المريض إلا بعد التنسيق مع غرف الطوارئ المركزية أو الإقليمية المختصة أو غيرها، لتوفير المكان المناسب لحالته الصحية فى جميع الأحوال.

وقال أحد المواطنين لـ«الشروق» ويدعى هشام محمد، إنه توجه إلى مستشفى قصر العينى القديم الساعة 2 بعد منتصف الليل مع ابنة أخيه ملك محمد (8 سنوات)، بعد إصابتها بإغماء نتيجة انفجار فى القرنية.

وتابع: «الأطباء قالوا إنها تحتاج عملية عاجلة، ورفضوا علاجها إلا بشرطين، أن نشترى لهم مستلزمات العملية من أدوية وخيوط جراحة وقطن من صيدليات خارجية، وأغلبها من النواقص غير المتوافرة فى الأسواق، إلى جانب تبرع أحد أقارب المرضى بقربتى دم، وإذا كان هناك سبب يمنع الموجود مع الحالة من التبرع يطلب أى متبرع وفقا لقرار إدارى من مدير المستشفى».

وأوضح أن الأطباء أجروا الجراحة فى الفجر، بعد مرور أكثر من ساعتين على دخول الطفلة، بعد شراء المستلزمات المطلوبة بـ400 جنيه.

وأضاف: «دخلت لمساعد الجراحة المسئول عن مستشفى الاستقبال والطوارئ وقلت له إن المستشفى ملتزم بعلاج الحالة مجانا وأن دفع أى رسوم أمر غير قانونى ومخالف لقرار رئيس الوزراء إبراهيم محلب ووزير الصحة، وكان رد الطبيب على قائلا (ابقى هات لنا محلب هنا يقول الكلام ده، وسلم لنا عليه، وده قرار مدير المستشفى، وهيتنفذ غصبا عن الكل)».

وقال محمود حجاج، مسئول إدارى بمستشفى قصر العينى الفرنساوى، إن أحد زملائهم العاملين بالمستشفى تعرض لحادث سيارة، ووصل إلى قسم الاستقبال والطوارئ بالمستشفى ورفض المستشفى علاجه، وقام الزملاء بجمع مبلغ من المال كمساعدة فى علاجه، إلا أنه توفى.

وأوضح أن المستشفى يفتقر لأبسط الأدوية، التى من المفترض وجودها مثل المحاليل الطبية والقسطرة.

وأكد أن المستشفى يطالب المريض بدفع 4 آلاف جنيه قبل حجزه تحت بند إجراء التحاليل والأشعة اللازمة للحالة ككشف مبدئى، وفى حالة عند توافر المال لا يتم الموافقة على استقبال الحالة، مضيفا أنه اشتكى تردى الاوضاع فى المستشفى لنقابة الأطباء وأن مدير المستشفى قام بمعاقبته وتحويله للتحقيق.

ويقول أحمد ممدوح، الذى وصل لطوارئ مستشفى أحمد ماهر التعليمى، إنه تعرض لحادث سيارة أدى إلى شرخ فى القدم، وعندما وصل المستشفى لم يجد ما يكفى من العلاج حتى «الجبيرة»، واضطر إلى الشراء من الخارج ودفع 16 جنيها سعر الجبيرة و100 جنيه أشعة داخل المستشفى.

وأضاف: «معظم المرضى يعرفون أن علاج الطوارئ مجانا، لكن القرار من سنوات مجرد حبر على ورق وتصريحات للمسئولين على صفحات الجرائد، والمريض يضطر ليدفع أى مبلغ لأنه فى حالة حرجة».

وفى حالة أخرى، قالت والدة الطفل عمر، الذى سقطت أنبوبة على قدمه، أنه دفع ثمن الأشعة والتحاليل، بينما كان العلاج من المستشفى بدون أى مقابل، ولكن عند إعادة فك الجبيرة دفعنا المقابل.

من جانبه، قال الدكتور محمد سلطان، رئيس قطاع الرعاية العاجلة بوزارة الصحة، إنه تم تشكيل لجان للمرور على المستشفيات للتأكد من تطبيق القرار، مؤكدا أن القرار ملزم وأن المستشفيات التى لم تلتزم بالتنفيذ سيعرضها للتحقيق لمعرفة أسباب عدم قبول الحالة.

وتابع: «لم تصل أى شكاوى رسمية حتى الآن، وفى حالة التأكد من وجود مخالفة للقرار تصل العقوبات إلى الغلق للإخلال بقرار رئيس مجلس الوزراء والامتناع عن تقديم الخدمة مجانا أول 48 ساعة، كما تكون قد أخلت ببنود ترخيص المستشفى التى أهمها تقديم الخدمة الصحية والطبية».

إلا أنه طالب المرضى باللجوء إلى المستشفيات التابعة لوزارة الصحة بدلا من المستشفيات الخاصة، وقال إن الوزارة تتلقى شكاوى المواطنين من تنفيذ القرار، من خلال إدارة التراخيص والعلاج الحر التابع للوزارة.

وشدد على ضرورة تحديد تعريف دقيق للحالات الطارئة حتى لا يساء التعامل مع القرار بما يحمّل الدولة مبالغ إضافية دون داعٍ، مضيفا أن الوزارة ستضع مسودة توضيحية للقرار تضم كل التفاصيل المتعلقة بالقرار.

وطالب سلطان إدراج موازنة لعلاج الطوارئ تعتمد على عدد الحالات، لافتا إلى وقوع 114 ألف حالة إصابة بحوادث الطرق سنويا فى مصر.

وأكد مسئولون فى غرقة مقدمى الرعاية الصحية، التى تضم جميع المستشفيات الخاصة على مستوى الجمهورية، إن القرار لم يصل إليهم بشكل رسمى، وأن القرار لا يعنى أن المستشفيات تعالج الحالات مجانا، لكن أن تتحمل الدولة تغطية مصاريف العلاج، مضيفين أن المستشفيات لا تمانع تطبيقه، لكن بشروط أن تدفع الوزارة تكاليف العلاج، مع إيضاح صريح لطبيعة حالات الطوارئ التى تهدد حياة المريض.

وقال نائب مدير مستشفى الساحل التعليمى، الدكتور محمد سليمان، أن جميع الخدمات الصحية، مجانية كما ينص الدستور، ولكن بعض الأماكن داخل وزارة الصحة تأخذ رسوما رمزية، مبينا أن مستشفى الساحل كمستشفى تعليمى يتم العلاج مجانا، وكذلك العناية المركزة، موضحا أنه المستشفى تعالج الحالة دون طلب دفع أى مبالغ لأن العلاج على نفقة الدولة.

من جانبه، اعتبر الدكتور سمير بانوب، أستاذ التخطيط والإدارة الصحية ومستشار الرئيس الأمريكى للتأمين الصحى، أن قرار الحكومة هو قرار عاطفى لم تدرس أبعاده على المستشفيات أو المرضى أو تكلفته على الحكومة عندما تضطر لدفع تكلفة هذا العلاج.

وتساءل بانوب عن تعريف حالة الطوارئ التى ينطبق عليها القرار، والفارق بين الطوارئ الحرجة والعاجلة، «وكذلك هل سيطبق هذا القرار على المستشفيات الحكومية أو العامة التى ترفض حالات الطوارئ حاليا حتى يدفع المريض الرسوم أو تحصل على صك نفقه الدولة السحرى»، حسب قوله.

وانتقد أستاذ الإدارة الصحية الزام القرار علاج المريض فتره الـ24 ساعة الأولى بدلا من ربط ذلك باستقرار الحالة وزوال الخطر عن المريض ونقله بأمان إلى مستشفى حكومى يقبله لاستكمال العلاج، وهو العرف الدولى المتبع به فى أغلب دول العالم.

وتوقع رفض المستشفيات الخاصة للقرار، مضيفا: «القطاع الخاص فى مصر لديه قدرة فائقة على نصب الشباك للحكومة، التى لم أر لها مثيلا فى 78 دولة عملت معها».

وتابع: «الحكومة يتم توريطها فى مستنقع آخر جديد اسمه علاج الطوارئ، وأتوقع بعد عاما آخر أو أقل القطاع الخاص سيكسب كثيرا والحكومة ستدفع صاغرة والمريض المصرى يموت أو يعانى من الطرد بين المستشفيات الخاصة والحكومية».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved