محمود الجندى: كل المهرجانات الرسمية تجاهلتنى.. وتكريمى الأول جاء بمهرجان للهواة

آخر تحديث: الإثنين 1 سبتمبر 2014 - 11:23 ص بتوقيت القاهرة

إيناس عبدالله

«حاربت منذ 1967 حتى عام 1974 وخرجت من الجيش ولم أجد من يطبطب علىّ، وحفرت فى الصخر وبدأت العمل فى الفن كومبارس، وعليه لست مستغربا أنه بعد مشوار امتد 50 عاما أن يتم تجاهلى فى كل المهرجانات الفنية الرسمية».

لم يكن هذا هو العتاب الوحيد الذى تحدث به الفنان محمود الجندى فى حواره مع «الشروق»، بمناسبة تكريمه فى مهرجان «آفاق مسرحية»، ومنحه درع الوفاء، فقد وجه الجندى عتابا ولوما لأكثر من جهة ولأكثر من فنان غلب مصلحته الشخصية على حساب الفن، ولكل مسئول فرح بالمنصب وتجاهل الدور الحقيقى المسند إليه، بل ولابنه المخرج أحمد الجندى.

هل صحيح أن تكريمك فى مهرجان آفاق يعد التكريم الأول فى حياتك؟

ــ نعم، هذه هى المرة الأولى التى يتم تكريمى فيها، مع الوضع فى الاعتبار أن آفاق مهرجان للهواة، وليس مهرجانا رسميا، فكل المهرجانات الرسمية تجاهلتنى على مدى تاريخى الفنى كله، ولم ير القائمون عليها أن مشوارى الفنى يستحق التكريم، وللعلم فأنا سعيد للغاية بتكريم آفاق لأنه يعد تكريما حقيقيا لا تشوبه مجاملة، ولم يتدخل أحد لوضع اسمى.

هل ترى أن التكريمات الأخرى فى المهرجانات الرسمية غير شفافة؟

ــ بكل تأكيد غير شفافة وغير عادلة بالمرة، وتدور فى فلك أسماء بعينها، والمنظومة القائمة عليها فاسدة بحاجة إلى تغيير شامل، وها هو مهرجان المسرح القومى الذى أقيم مؤخرا.. أتساءل: من هم أعضاء لجنة التحكيم؟ فمع احترامى لكل من يسرى الجندى وحسن عطية، من هم زملائهم فى اللجنة، وما هى أعمالهم المسرحية، فنحن أمام مهزلة، والمهزلة الكبرى أن يتم التعامل مع مسرحيات الهواة بنفس أسلوب التعامل مع مسرحيات المحترفين بوضعهم فى مسابقة واحدة، لما فيه ظلم بين للهواة الذى يملؤهم الطموح.. إنها العشوائية التى تدمر الفن.

تقول إن المنظومة القائمة عليها فاسدة.. فهل تعنى وزارة الثقافة مثلا؟

ــ مهما تغير وزير الثقافة فالوزارة قائمة، إلى جانب أن الوزير المحترم المثقف أرى أن مكانه ليس فى مقعد وزارة الثقافة، وعاتب عليه قبول المنصب فظروفه الصحية تمنعه من مزاولة مهمته، فهذا المنصب بحاجة إلى وزير عملى ومنتج ومتحرك يتجول فى كل مكان لنشر الثقافة ورعايتها وتقديم يد العون للشباب المثقف ولكنه لا يستطيع، وقد دعوته مرارا وتكرارا لحضور مسرحيتى «اللى بنى مصر» هذه المسرحية التى عُرضت فى ظروف غاية فى الصعوبة، فلقد كنا نعرض على خشبة المسرح العائم نهاية كوبرى الجامعة حينما كان ميدان نهضة مصر وجامعة القاهرة مشتعلين بمظاهرات الإخوان، ومع ذلك تحدينا الظروف وحققنا نجاحا كبيرا بشهادة كل من كتب عنا، ومنهم ثروت الخرباوى وكمال الهلباوى وغيرهما، ومع ذلك لم يكلف وزير الثقافة نفسه بالحضور، رغم أن الوزارة فى كل مناسبة تشير إلى أن المسارح لا تزال مضيئة أى أنها تعمل فى الوقت الذى نعانى فيه من العمل بمسارح تحولت إلى «خرابات» امتلأت بالفئران.

وماذا عن الجمهور فى ظل تأكيد عدد كبير من المهتمين بالمسرح أنه أصبح بلا جمهور؟

ــ لقد قمت بإجراء جولات فى البنوك والشركات واجتمع مع رؤسائها أقول لهم إننى لم آت كى أحصل على دعم مادى فى شكل إعلانات أو رعاية ولكننى جئت طلبا للجمهور وكنت أطلب من المسئولين أن يرسلوا بعض موظفيهم ليشاهدوا المسرحية وإذا لم تعجبهم عزفوا عن الفكرة ولقد نجحت جولاتى فقام بنك الإسكندرية بشراء 2000 تذكرة للموظفين العاملين بالبنك وأسرهم ونفس الحال مع شركات أخرى، أخذت على عاتقى مهمة إعادة الجمهور إلى المسرح، وقمت بدعوة المدارس والجامعات، وهذا دور الفنان الحقيقى الذى خرج من عباءة المسرح وللعلم فمعظم المتواجدين على الساحة الآن خرجوا من عباءة المسرح ولكن للأسف كثير منهم تعامل بأنانية ولم يهتم سوى بالمقابل المادى الذى سيحصل عليه. ولم يهتموا بما يعرضونه على الجمهور وعليه ليس بمستغرب أن تقتحم البيوت أعمال تغازلهم وتثير غرائزهم،

هل تقصد الأعمال الدرامية؟

ــ بكل تأكيد فكثير من الأعمال الدرامية وضعت السم فى العسل، قدمت للناس أعمالا بهدف إثارتهم ولفت انتباههم وقامت بحشو مشاهد مستفزة وألفاظ خادشة وعرفت شبابنا أشياء لم نعلم نحن الكبار عنها شيئا.

تعرض مسلسلك ابن حلال لاتهامات مماثلة من النقاد خاصة بمشهد حرق الابن للأب فى نهاية العمل وهو ما استفز كثيرا من المشاهدين؟

ــ لم أجد فى مشهد حرق الابن لأبيه أى مشكلة، فنحن أمام ابن ضعيف الشخصية تعرض لإهانة وكسر لرجولته حينما قام أبوه بتعريته وطرده من البيت، وأمه ماتت منتحرة حرقا، وكذلك أخته فقام بهذه الفعلة فى لحظة غضب، ولم يكن الهدف أبدا أن يكون هذا المشهد رسالة لحرق الآباء، والذين حرفوا المعنى كانوا يريدون تشويه العمل الذى حقق نجاحا منقطع النظير.

لماذ لم يحقق الجزء الثانى لمسلسلك شارع عبدالعزيز نفس نجاح الجزء الأول؟

ــ لأنه مكتوب عليه الفشل قبل أن يبدأ، فلا يعقل أن يقوم بإخراج هذا المسلسل 4 مخرجين فكل يوم كنت أذهب إلى اللوكيشن أفاجأ بمخرج مختلف بوجهة نظر مختلفة يكمل شغل غيره، وهو لا يعلم كيف كان العمل يدار، ولكنى اجتهدت فى دورى وأزعم أننى حافظت على نفس المستوى.

شاركت ولأول مرة فى فيلم من إخراج ابنك أحمد الجندى «الحرب العالمية الثالثة» فكيف حدث اللقاء؟

ــ منذ فترة طويلة وأنا عاتب عليه وكلما شاهدته ألومه وأقول له كل الناس ترانى ممثلا موهوبا إلا أنت وكان يعدنى أن يستعين بى فى أحد أفلامه وفى يوم فوجئت به يعرض على هذا الفيلم وحينما حكى لى القصة أعجبتنى الفكرة لأنها جديدة ومختلفة وغريبة فوافقت رغم أن مشاهدى فى الفيلم قليلة ولكنى اعتز بها للغاية فهى جمعتنى بابنى لأول مرة.

وكيف كان اللقاء وهل تعامل معاك على أنك الأب وهو الابن؟

ــ منذ قراءتى للسيناريو وأنا أتعامل معه كمخرج ولقد قمت بإبداء بعض الملاحظات ولكنه اعترض عليها وطلب منى أن أشاهد الفيلم مع الجمهور وقال إنه يخاطب جمهورا غريبا علىّ بحكم سنى وبالفعل حينما شاهدت العمل وجدت حالة من التجاوب الكبيرة مع العمل وأدركت أن أحمد وأبطال العمل يجيدون قراءة الجمهور الذى يتوجه اليه.

كثيرون لا يعلمون أن أحمد الجندى هو ابنك فهل تعمد احمد أن يخفى هذا الأمر؟

ــ نعم، حتى حينما كان يعمل كمساعد مخرج مع مخرجين كبار لم يكن يعلم أحد أنه ابنى رغم أن أحمد من اسرة فنية خالصة فجده لأمه عبدالفتاح حسن كان من الرعيل الأول للمخرجين الذين عملوا بستوديو مصر وأمه رحمها الله كانت مونتيرة، وخاله مدير تصوير ولكنه كان لا يريد أن تطارده تهمة توريث الفن التى طاردت أسماء كثيرة، ونجح أحمد فى إثبات ذاته فى الأفلام التى تعاون فيها مع احمد مكى ومسلسل الكبير أوى وها هو فيلم الحرب العالمية الثالثة يحقق نجاحا منقطع النظير.

أخيرا.. ما الرسالة التى توجهها للمسئولين عن الفن أو عتاب لتجاهلهم لك كل هذه السنوات؟

ــ عشنا سنوات طويلة من التزييف ولقد ذقت مرارة التجاهل من كل مسئول منذ خروجى من الجيش منتصرا بعد أن خُضت حربين: النكسة والعبور، ومع هذا فلا أريد توجيه أى رسالة لهم فأنا يكفينى حب الناس وحب الله قبل كل شىء الذى ساعدنى ومنحنى وجها لم يشخ بسرعة فلقد لعبت أدوارا كثيرة بعمر بعيد تماما عن عمرى الحقيقى وهو ما جعلنى مستمرا فى الفن والعمل حاصدا نجاح الناس وإعجابهم وإشادة النقاد، أما عن التكريمات فلم تصبح لها قيمة لأنها غير خالصة وتشوبها شوائب كثيرة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved