كيف يرى القائمون على «كرامة وتكافل» البرنامج بعد 6 أشهر من بدايته؟

آخر تحديث: الإثنين 3 أغسطس 2015 - 8:44 ص بتوقيت القاهرة

كتبت ــ ياسمين سليم:

المدير التنفيذى للبرنامج: نواجه عشوائية فى البيانات وفسادًا إداريًا ونسعى لوضع آلية جيدة للتحقق من المستحقين
شلقامى: البرنامج يحتاج إلى قوة تنفيذية وتمويل أكبر
مع بدء صرف معاشات «كرامة وتكافل»، وجه عدد من المراقبين انتقادات لطريقة تنفيذ البرنامجين، وطريقة اختيار المستحقين.. «الشروق» حاولت التعرف على أهم السلبيات والإيجابيات التى سجلها البرنامجان منذ بداية تنفيذهما، مع أطراف عدة من المهتمين بالبرنامج.
وكانت الحكومة فتحت باب التسجيل للمرة الأولى فى برنامجى الدعم النقدى المشروط وغير المشروط «كرامة وتكافل» منذ أكثر من 6 أشهر، قبل أن تبدأ الصرف للمستحقين بشكل تجريبى فى مارس الماضى، وبدأت الصرف الفعلى للمستحقين فى يونيو الماضى وبأثر رجعى 6 أشهر.
وقام أكثر من 200 ألف شخص بالتسجيل فى البرنامجين، بمحافظات أسيوط وسوهاج وقنا وأسوان والجيزة، وبلغ عدد المستحقين حتى الآن أكثر من 64 ألف مستحق، بحسب تصريحات سابقة لمديرة البرنامجين فى وزارة التضامن، نيفين القباج.
«كنت أحد الذين حصلوا على معاش (كرامة) قبل أن يتوقف الصرف بعد شهرين بسبب وفاة ابنى»، تقول والدة المعاق المتوفى جوزيف عطية، وتضيف: «أعرف عشرات الأسر فى محيطى ممن يحصلون على معاشات كرامة وتكافل، رغم أنهم لا يستحقون ولديهم مصادر دخل أو حيازات زراعية، فى حين أن هناك من يستحقون ولم يحصلوا على أى من المعاشين».
ويصرف معاش «كرامة» لكبار السن فوق 65 عاما والمعاقين الذين ليس لديهم دخل ثابت، بقيمة 350 جنيه شهريا، بينما يمنح «تكافل» معاشا شهريا للأسر الفقيرة بقيمة 325 جنيها، ويصرف بشكل تراكمى كل 3 أشهر، شرط استمرار أولادها فى المدرسة، وتلقى خدمات الرعاية الصحية.
وتؤكد أم جوزيف «للأسف لا يعرف الكثير من أهل البلد شيئا عن البرنامجين ولم تكن هناك الدعاية الكافية لهما».
وتسكن أسرة جوزيف فى مركز أبو تيج بمحافظة أسيوط، وهى محافظة ضمن المرحلة الأولى لتطبيق البرنامجين والتى تضم 6 محافظات، هى أسيوط وسوهاج وقنا وأسوان والمنيا والجيزة.
وتستهدف وزارة التضامن تغطية 500 ألف أسرة خلال المرحلة الأولى، وتتوقع أن يصل عدد، المستهدفين إلى ما بين 600 إلى 700 ألف أسرة فقيرة بنهاية العام المالى 2015/2016.
وتقول الأستاذة المساعدة بمركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، هانيا شلقامى، إن «البرنامج يحتاج تعبئة وإمكانيات وقوة تنفيذية أكثر مما تقدمه الوزارة حاليا»، مضيفة: «لا يعقل أن تخصص الموازنة العامة الجديدة مبلغا كبيرا لتنفيذ البرنامجين، دون أن يكون هناك ميزانية أو موارد للصرف عليهما».
وكانت الحكومة قد خصصت بندا مستقلا فى البيان المالى لمشروع موازنتها للعام المالى الحالى 2015/2016 بقيمة 4.7 مليار جنيه لصالح برنامجى الدعم النقدى «تكافل وكرامة».
وبحسب شلقامى، التى وضعت الخطوط العريضة للبرنامج قبل بداية تنفيذه، فإن البرنامج «يحتاج إمكانيات وتنفيذين أكثر من الموجودين حاليا»، وتشير إلى ضرورة وجود شخص محدد يتابع مثلا تدريب الإخصائيين الذين يجمعون البيانات، وآخر يتابع طريقة تطبيق معادلة الاستهداف وكيفية تنفيذها، «وهذا الأمر يحتاج لأموال ليتم تنفيذه على النحو الأمثل».
»فمثلا معادلة اختيار المستحقين، بها مشكلة فى التنفيذ، وتحديدا فى بعض البيانات وطريقة تحصيلها، لكنها الآن تراجع، وهذا أمر جيد»، تضيف شلقامى.
وترى أستاذة الجامعة الأمريكية أن تطبيق البرنامجين لا بد أن يوازيه بناء منظومة متكاملة للعدالة الاجتماعية كلها، وتقديم خدمات لهذه الفئات تساهم فى تحقيق نتائج جيدة على المستوى الاجتماعى، موضحة أنه لابد من وضع آلية تنفيذية واضحة، للرقابة ومنع وقوع الخطأ.
ورغم بعض التحفظات التى يبديها بعض المراقبين على البرنامج، يرى القائمون عليه فى وزارة التضامن الاجتماعى، أن البداية «طيبة وواعدة لمثل هذه البرامج فى مصر»، بحسب مستشار وزيرة التضامن الاجتماعى للعدالة الاجتماعية والمدير التنفيذى لبرنامجى «كرامة وتكافل»، نيفين القباج.
«فى مقابل البداية الجيدة، لدينا مخاطر كثيرة وشديدة يجب علينا التصدى لها، ليس فقط كوزارة ولكن كحكومة بالكامل، من خلال تطوير السياسات الإدارية والاجتماعية فى الدولة»، أضافت مستشارة الوزيرة.
وعددت القباج النقاط الإيجابية لبرنامج الدعم النقدى منذ تطبيقه، قائلة: «وجدنا تعاونا وتنسيقا شديدا بين الجهات المشاركة معنا فى تطبيق البرنامج، فمثلا عندما حدث هجوم على بعض الوحدات الاجتماعية فى العياط، من قبل مسلحين، كان الأمن يحمينا، كما أن وزارة الصحة قدمت لنا خدمات عديدة فى القومسيون الطبى والرعاية الصحية للمستحقين، كما ساعدتنا وزارة التخطيط فى نقل البيانات من الوزارات المختلفة، حتى إننا بدأنا إنشاء قاعدة قومية موحدة تضم جميع البيانات الحكومية، من أجل خلق مزيد من التواصل الحكومى».
وبحسب القباج فإن «وزارة المالية، كان لها دور كبير فى تنفيذ البرنامج، إذ أرسلت التمويل المالى المطلوب للبرنامج بشكل سريع، وحصلنا منها على نحو 400 مليون جنيه حتى الآن منذ بدء البرنامج، وهذا يعنى أن الوزارة تعتبر البرنامج ضمن مشروعات الحماية الاجتماعية فى الحكومة وليس مشروعا قصير المدى سينتهى بعد فترة».
استهداف الفقراء يأتى أيضا ضمن النقاط الإيجابية التى ترى القباج أن البرنامج حققها، «رغم بعض العيوب إلا أن بدء التنفيذ فى المناطق الأكثر فقرا بالصعيد يعد نقطة إيجابية جدا، فضلا عن عدم تدخل الموظفين فى استبعاد شخص أو قبوله فى البرنامج على حسب الأهواء الشخصية نظرا لأن الأمر يتم وفق معادلة إلكترونية».
ولا تخفى القباج وجود مخاطر فى أن يتحكم أحد الموظفين فى ادخال بيانات المستحقين، وتقول «من الممكن أن يحدث هذا حتى فى معاشات الضمان الاجتماعى، وهو خطر إدارى موجود طوال الوقت، ويحتاج لمتابعة كبيرة جدا».
وتجنبا للتلاعبات المحتملة، تسعى الوزارة إلى إنشاء منظومة متابعة وتحقق كبيرة للمستحقين فى البرنامجين، وتقول القباج: «سنبدأ بأخذ عينة ممن صرفوا معاشات كرامة وتكافل، ستقدر بنحو 30% من المستحقين الحاليين، وسنتأكد من خلال آليات معينة أحقيتهم من عدمها، ثم نكرر هذا الإجراء 3 أشهر، على 30 % آخرين من المستحقين، حتى نستطيع رصد الأخطاء ومعالجتها ونحن فى بداية البرنامج».
ووفقا للقباج: «سيتبع هذا الإجراء، وضع آلية تظلم، يستطيع من خلالها المرفوض من البرنامج التظلم بآليات واضحة».
وتعتبر القباج إن أبرز المشكلات التى واجهوها خلال تنفيذ البرنامج هى «عدم دقة البيانات التى لدينا سواء كانت حكومية أو غير حكومية والعشوائية الشديدة فيها»، وتضيف: «لدينا خرائط الفقر، تشير إلى المناطق الفقيرة فى مصر، وهذا شىء جيد، لكنها لا تجزم بأن هذه المناطق فقيرة».
وتتابع القباج: «عندما نزلنا على الأرض لهذه المناطق، وجدنا مثلا أن مركزا محليا، يصنف بأنه فقير جدا، 53% فقط من سكانه تم قبولهم ضمن المستحقين ورفض الباقون، لذلك نضطر فى بعض الأحيان النزول لقرى بعينها وليس استهداف مراكز».
حالات ليست قليلة من الفساد والإهمال الإدارى تم اكتشافها أثناء تنفيذ البرنامجين، بحسب القباج، «ليس فقط لموظفى وزارة التضامن ولكن أيضا لموظفى البريد، وهذا يحتاج إلى تطوير إدارى شديد وتشديد العقوبات على الفاسدين».
بعض أوجه الفساد التى واجهت القائمين على البرنامج بحسب القباج، «هى الإهمال فى ملء البيانات، وحصول بعض الموظفين على أموال من المواطنين للتسجيل، وادعاء بعض المواطنين ببيانات غير صحيحة وبأنهم يستحقون المعاشات، رغم أن لديهم حيازات أو بعض الأملاك».
وتضيف القباج: «لا أستطيع أن أجزم بأن البعض حصلوا على معاش كرامة أو تكافل بدون حق، وفى النهاية الفيصل هو التحقق والتظلم الذى سنبدأ فى تنفيذهما».
ولم تقدم الحكومة تمويلا كافيا حتى الآن لتنفيذ البرنامجين، «لأنها لا تعرف ما إذا كانا جيدين أم لا وتريد أن ترى النتائج أولا»، كما تقول مستشارة وزيرة التضامن، مضيفة أن الوزارة عليها أن تثبت جديتها أولا وفى حدود الإمكانيات المتاحة لديها.
وتمتلك وزارة التضامن خطة إعلامية لكن دون تمويل، وفقا لقباج: «لذلك نحاول التغلب على هذا الأمر بالاشتراك مع بعض الهيئات الدولية للتعريف بالبرنامج فى المناطق المستهدفة مثل اليونسيف وبرنامج المرأة فى الأمم المتحدة».
وتشير القباج إلى أنه من الضرورى: «خلق مواءمة بين البرنامج الحالى للدعم النقدى، وبرامج التنمية الأخرى التى تنفذها الحكومة، وهذا عبء كبير على الحكومة»، مضيفة أنه «لهذا السبب، ستبدأ الوزارة، برنامج فرصة، مع نهاية العام الحالى، الذى يستهدف توفير فرص تدريب للشباب ومساعدتهم، على إيجاد فرص عمل، فى المناطق المستهدفة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved