بالصور.. كازينو بلدية بازل.. هنا ولد الحلم الصهيوني ونكبة العرب

آخر تحديث: السبت 4 يوليه 2015 - 1:48 م بتوقيت القاهرة

سويسرا- خالد أبو بكر :

من الصعب على أي عربي تطأ أقدامه أرض بازل من دون أن يتجرع عذابات الحسرة والألم بمروره أمام "كازينو بلدية بازل"، الذي احتضن المؤتمر الصهيوني الأول، الذي نظمه مؤسس الصهيونية الحديثة، ثيودر هرتزل سنة 1897م.

وأمام ذلك المبنى الضخم لهذا الكازينو الذي يعود تاريخ وضع أول لبنة فيه إلى سنة 1826م، تمر أمامك في لحظة كل عذابات الفلسطينيين والعرب، وأنين الجرحى والشهداء في الحروب المتعاقبة بين العرب وإسرائيل، فمن هنا.. من هذا المبنى ولدت المؤامرة.. ووضعت النطفة الأولى للشتات الفلسطيني، ولضياع الحلم العربي.

يطل كازينو بلدية بازل على ميدان "القدمين العاريتين"، الذي تعود تسميته بهذا الاسم لأن المنطقة التي يقع فيها كانت مصبا لأحد الأفرع الصغيرة لنهر الراين، الذي يمر في قلب بازل، فكان من يمرون بالقرب من هذا المصب يخلعون أحذيتهم ويرفعون ثيابهم لأعلى كي لا تتبلل بالماء.

الغرض الأساسي الذي بني لأجله كازينو بازل هو تقديم العروض الموسيقية، ولذلك فقاعة الموسيقى الكبرى به، والتي يعود تاريخها إلى سنة 1876، تعد واحدة من أفضل قاعات الحفلات الموسيقية في العالم، بروعة تصميمها وتجهيزها بالتقنيات الحديثة التي تساعد العازفين على المزيد من الإبداع والإبهار، والقاعات الأخرى الموجودة بالكازينو، تشهد العديد من المناسبات التي تتسم بأجواء كرنفالية مثل المؤتمرات الهامة، وعروض الأزياء العالمية وحفلات الموسيقى الكلاسيكية.

وبالعودة إلى المؤتمر الصهيوني الأول الذي شهده كازينو بلدية بازل سنة 1897م، فإن بطله هو ثيودر هرتزل، الذي حوَّل الصهيونية من مجرد فكرة إلى حركة ومنظمة، ومن ثم فقد خَلَق الإطار اللازم لصدور وعد بلفور سنة 1917، الذي منحت فيه إنجلترا وعدا لليهود بتأسيس وطن قومي لهم في فلسطين.

ويقول من أرخوا للمؤتمرات الصهيونية مثل الدكتور عبد الوهاب المسيري، صاحب موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" إن هذا المؤتمر حضره ما بين 200 و250 مندوباً من جمعية "أحباء صهيون"، ونصفهم من شرق أوربا، كما كان هناك 11 حاخاماً، والباقون من مهن مختلفة.

وأعد هرتزل برنامج المؤتمر، وصمم ماكس بودنهايمر الزعيم الصهيوني الألماني شارته، وهي درع أزرق ذو حواف حمراء كُتبت عليه عبارة: "تأسيس الدولة اليهودية هو الحل الوحيد للمسألة اليهودية"، وفي وسطه أسد يهودا، وحوله نجمة داود واثنتا عشرة نجمة إشارة إلى أسباط إسرائيل.

افتُتح المؤتمر يوم الأحد 29 أغسطس 1897 في صالة الاحتفالات بالكازينو. وأصدر قرارات تُعرَف باسم "برنامج بازل" الذي أصبح الوثيقة النظرية والعملية لأهداف الصهيونية حتى انعقاد المؤتمر الصهيوني الثالث والعشرين سنة 1950.

ولم يكن هناك مفر، بعد تحديد الأطر النظرية والتنظيمية، من تأسيس الأداة التنظيمية التي تتولى تحقيق الأهداف الصهيونية التي جسَّدها "برنامج بازل" وتكون في الوقت نفسه بمنزلة هيئة رسمية تمثل الحركة الصهيونية في مفاوضاتها مع الدول الاستعمارية الرئيسية آنذاك من أجل استمالة إحداها لتبنِّي المشروع الصهيوني؛ ولهذه الأغراض، تأسست المنظمة الصهيونية خلال المؤتمر الصهيوني الأول كإطار يضم كل اليهود الذين يقبلون برنامج بازل ويسددون رسم العضوية (شيكل). وأُنيطت بالمنظمة مهمة إقامة الدولة الصهيونية لتحقيق "الخلاص" ليهود العالم أجمع، وانتُخب هرتزل أول رئيس للمنظمة.

وقبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول كان لليهود حضورا قويا في بازل، وزاد تعلقهم بها بعد هذا المؤتمر، ويمكنك ملاحظة ذلك وأنت في مطار EuroAirport Basel فستجد رحلات يومية مباشرة من بازل إلى تل أبيب، فضلا عن انتشار الحاخامات بزيهم الأسود المعروف وقباعاتهم العريضة في شوارعها سواء مقيمين أو زائرين.

وبجانب كازينو بلدية بازل يحرص اليهود الذين يحجون إلى هذه المدينة على زيارة مقر إقامة هرتزل أثناء انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول، وهو فندق "جراند ليه تروا روا"، الذي افتتح لأول مرة سنة 1844، وأعيد تجديده في 2004، والواقع في البلدة القديمة لبازل والمطل على نهر الراين.

ومن المفارقات أنه في مواجهة كازينو بلدية بازل يوجد مطعم عربي اسمه "علاء الدين"، يقدم الأطباق اللبنانية الشهيرة، ويثير انتباهك شعار المحل، وهو عبارة عن مصباح علاء الدين الشهير، مجسدا حالة التردي العربي في مواجهة التخطيط الصهيوني، فما زلنا بانتظار خروج علاء الدين من المصباح، لتحقيق الحلم بهزيمة الصهيونية، وتحرير فلسطين!

 

محرر الشروق أمام كازينو بلدية بازل

كازينو بلدية بازل بالليل

مطعم علاء الدين الموجه لكازينو بلدية بازل