رحلة صحفى غير نقابى إلى «عمومية الصحفيين».. «بينى وبينك كارنيه وعساكر ومواطنون شرفاء»

آخر تحديث: الخميس 5 مايو 2016 - 10:24 م بتوقيت القاهرة

كتبت ــ أسماء مصطفى ومعتز سليمان ونجلاء سليمان:
- صحفى لضابط رفض دخوله النقابة: «انتوا باعتينا نتشتم».. وسيدة تصرخ: «مش لاقيين نأكل ولادنا وانتوا قابضين»

جمعية عمومية «غير عادية» لنقابة الصحفيين كان هذا هو العنوان الذى انطلق يجذب المحتشدين من كل أبناء المهنة، أمس، لمقر النقابة بوسط القاهرة، احتجاجا على اقتحام قوات الشرطة لمقر النقابة، لكن الشرطة نفسها أبت أن تسير الأمور بالبساطة التى تليق بها، فكان قرارها بمنع دخول أى صحفى لا يحمل «كارنيه النقابة».. أما المتدربون وغير الأعضاء فلا مكان لهم.
منذ بداية نهار الأربعاء الماضى، وبالتزامن مع دعوات المشاركة لأعضاء نقابة الصحفيين انتشرت دعوات أخرى بالتزام غير النقابيين المكاتب والدعم «الفيس بوكى»، لأن الوصول للنقابة سيكون ضربا من الخيال بسبب الحصار الأمنى.
قرار المشاركة لدى عدد كبير من الصحفيين لم يكن بالسهل خاصة على غير النقابيين، فعلى الرغم من ترهيب بعض الزملاء المناهضين لفكرة الجمعية العمومية، وبأنه سيتم إلقاء القبض على المشاركين، والنقابة ستتخلى عنهم، وبين تشجيع البعض الآخر بأنه «يوم الكرامة»، وأن النقابة هى قلعة الحريات ويجب تخطى الصعاب من أجل الحفاظ عليها، كان القرار بالمشاركة والحضور.
على مداخل شارعى عبدالخالق ثروت ورمسيس، تجمهر عدد من المتظاهرين حاملين صور ولافتات كتب عليها عبارات دعم للرئيس عبدالفتاح السيسى، وفى الخلفية انطلقت أصوات المهرجانات الشعبية والأغانى الوطنية، ولكن عند الاقتراب منهم ينشدون لك أغانى وقصائد من السباب والشتائم الخارجة التى قد لا يخطر على بال أحد.
التفاصيل هى البطل الفاعل، فمواجهة «المواطنين الشرفاء وقوات الأمن» كانت غير عادية، وبعد جولة فى شوارع وسط البلد، كان اليأس هو سيد الموقف، لكن التمسك بالحضور جعل المحاولة مرة أخرى خطوة واجبة، ومن شارع رمسيس، المدخل الأكثر قربا لنقابة الصحفيين اتجهنا لفتحة صغيرة فى نهاية الحواجز الحديدية التى وضعتها قوات الشرطة، تسمح فيها للصحفيين من حاملى كارنيه نقابة الصحفيين بالعبور، وقررنا الانتظار والتفاوض، رغم أصوات أغانى المهرجانات الصادرة من السماعات الضخمة التى اصطحبها عدد من المواطنين فى وقفة مؤيدة للرئيس والشرطة أمام مدخل شارع عبدالخالق ثروت.
بعد الخروج من البؤرة التأديبية التى صنعها المواطنون الشرفاء، يدخل الصحفى ليمر على خطوة قوات الأمن، كارنيه الجريدة التى يعمل بها والبطاقة الشخصية التى تحمل «حاصل على بكالوريوس كلية إعلام قسم صحافة» غير كاف لجعلك تمر، ولكن بعد محاولات والمرور على قيادات أمنية عديدة، والالتفاف من عدة مداخل جاءت الموافقة الأمنية على العبور.
العدد لا يزيد على مائة فرد، وعلى الرغم من أن ذلك الضجيج المصاحب لهم كان يوحى بأن آلافا مؤلفة هنا رابضون، لكن كل هذا لا يهم، فالهدف الآن واضح تماما، كل ما نريده هو الدخول للنقابة حتى لو لم نحمل عضويتها، الأمر الذى رفضه الضباط بشدة، حتى وصل الأمر لاشتباك مع بعض الصحفيين ومشادات كلامية، أدت فى النهاية إلى بشرى من أحد الضباط «هادخلكوا كلكوا، بس روحوا الناحية التانية»، هنا صاح أحد الصحفيين«يا أفندم هيضربونا»، فتعهد الضابط بالحماية، بعدها اتجه جمع مكون من قرابة 30 صحفيا إلى الجهة الآخرى من الشارع، مسافة لا تزيد على 200 متر سمعنا فيها كل ما لذ وطاب من شتائم واتهامات من قبل الوقفة المؤيدة.
ملابس سوداء، ونظارات شمسية والكثير من مساحيق التجميل، هكذا كانت هيئة السيدات المشاركات فى الوقفة المؤيدة، إحداهن اصطحبتنى منذ الخطوة الأولى حتى الوصول للجهة الآخرى جنبا إلى جنب، تلقى على مسامعى تحذيرات أقلها «إحنا مشينا الإخوان، وهنمشيكوا» وأكبرها يعف العقل عن تذكره حتى، قابلتها أنا وزميلة مصورة بابتسامة مرة وتجاهل مرة أخرى، لكن دون جدوى، بعنف لكزتنى السيدة ذاتها فى ذراعى لأنتبه لما تقول وأخبرتنى أنى طفلة أنا وزملائى، وأننا نظن أنفسنا صحفيين، لكن لا أحد منا يحمل كارنيه الصحافة، هنا قاطعتها سيدة أخرى متسائلة: «صحفيين دول ولا داخلين كباريه؟»، بعدها صوت ذكورى من الخلف ينادينا «يا قافشين، يا طابور خامس يا قابضين»، فتؤكد سيدة أخرى كلامه «إحنا مش لاقيين نأكل عيالنا وانتوا قابضين».
وأخيرا، وصلنا للجهة الآخرى، وانتظرنا قرابة الـ10 دقائق فى انتظار أن يفى الضابط بوعده، لكن شيئا لم يحدث سوى توافد المزيد من «المواطنين الشرفاء» والمزيد من الأوصاف والاتهامات، فقررنا العودة حيث كنا، بالمدخل الصغير المقارب لنقابة المحامين، وهنا كان صبر أحد الزملاء قد نفد، فصرخ فى الضباط «انتوا بتضحكوا علينا وباعتينا نتشتم»، بعدها بدقائق، لا نعلم من أين جاء الفرج، لكن الضابط المسئول عن كتيبة التأمين قرر السماح لحاملى كارنيهات الصحافة حتى غير النقابيين بالدخول.
من أكثر المشاهد اللافتة والحزينة سيدة عجوز فى العقد السادس من عمرها تقف متكئة على عصى طبية، بمدخل شارع عبدالخالق ثروت هدفها الأساسى سب الصحفيات اللاتى قررن المشاركة فى الجمعية العمومية بأبشع الألفاظ، تحت مسمع ومرأى قيادات الأمن المكلفين بتأمين محيط النقابة، ولم يتحرك لهم ساكن لوقف هذه البذاءات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved