وحيد حامد: إذا خيرونى بين حكم العسكرى وحكم «الإخوان» لاخترت «العسكرى»

آخر تحديث: الخميس 16 فبراير 2017 - 3:41 م بتوقيت القاهرة

كتب ــ حاتم جمال الدين:

- العقل المصرى تعرض لتجريف متعمد.. والمجتمع أصبح يقبل سلوكيات تمثل فعلا فاضحا فى الطريق العام

-القضاء على الحياة الحزبية جعل الصراع على الحكم بين التيار الإسلامى وسلطة يوليو دمويا

- الجزء الثانى لـ«الجماعة» يكشف انحياز «الإخوان» للحكومات الديكتاتورية
لم تكن ندوة الكاتب والسيناريست وحيد حامد كباقى الندوات الفنية فى معرض القاهرة للكتاب، بل فرض حضوره بين جمهور معرض الكتاب حوارا من نوع خاص، تناول العديد من أوجاع المجتمع سواء كانت فى السياسة أو الثقافة والاقتصاد والتعليم والادب والفن، فهو كما يصفه اصدقاؤه ومحبوه «نخلة ينال من يستظل بها الكثير من المعرفة والفكر والثقافة».

الندوة التى ادارها الاعلامى محمود الوروارى شهدت اقبالا جماهيريا كبيرا من رواد المعرض، وانطلقت من اكثر النقاط سخونة على الساحة المصرية، وهى المتعلقة بالحرية والديمقراطية، حيث قال حامد إن الديمقراطية الحقيقية فى مصر انتهت بزوال الملكية، وان اكبر نكبة تعرضت لها البلاد كانت مع اقرار نظام الحزب الواحد بعد ثورة 23 يوليو 1952، مشيرا إلى أن الحياة السياسية فى مصر قبل يوليو 52 كانت تتمتع بزخم فى ظل التعددية الحزبية، وتداول السلطة بين الاحزاب رغم كل الاخطاء التى شهدتها تلك الفترة.

وأضاف حامد أن غياب الحياة الحزبية فى مصر منذ 1952 جعل الصراع على السلطة بين التيار الإسلامى الطامع فى الحكم، وسلطة ثورة يوليو وما تلاها دمويا.

وشدد حامد على ان جماعة الإخوان المسلمين كانت طوال الوقت حركة سياسية تسعى للحكم تحت غطاء دينى، وانها ليست جماعة دينية كما تدعى.

وكشف عن انحيازه للفريق أحمد شفيق فى الانتخابات الرئاسية عام 2012 على حساب مرشح جماعة الإخوان آنذاك، محمد مرسى، رغم اعتراضه على بعض أفكار الأول، رافضا مقاطعة الانتخابات لأنه فى هذه الحالة ستكون الدولة بلا رأس، وأضاف: «لو خيرونى بين حكم الجيش والإخوان، سأختار الجيش»، لأن الحكم العسكرى وإن طال زمنه يظل قابلا للتغيير، عكس الحكم الدينى.

وانتقد العملية الانتخابية فى مصر التى قال عنها انها لا تأتى بالافضل، وذلك لانها تقوم على القبلية فى معظم انحاء مصر، ومنح الاصوات لمن يوزعون السكر والزيت على الناخبين، مشددا على ضرورة تنقية الحياة البرلمانية، واختيار الافضل، والذى يرشح نفسه بدافع وطنى وليس من أجل حصانة أو سلطة».
وقال: «كلنا مسئولون، وعندما نتخلص من أخطائنا، ونعمل على إيصال أشخاص أنقياء إلى قاعة البرلمان، ليعملوا لصالح الوطن والمواطنين، نستطيع أن نحقق جانبا من الديمقراطية الغائبة».

وشهدت الندوة نقاشا ساخنا بين وحيد حامد وأحد الحضور حول آلية تكوين الأحزاب، حيث أشار الكاتب الكبير لدور المواطن الغائب فى الحياة السياسية، ودعم التعددية الحزبية، وقال ان التغيير لا يأتى من الحكومات، ولكن المجتمع هو الذى يفرض على السلطة التغيير الذى يريده.

وفى مقارنة بين واقع المجتمع المصرى الامس واليوم، اكد حامد ان العقل المصرى تعرض لتجريف متعمد، وألقى بالمسئولية على الحقبة الخليجية، وقال ان الثقافة السعودية لعبت دورا فى تجريف العقل المصرى، مشيرا إلى أن عدد المنتقبات اللاتى قابلهن وهو فى طريقه لمقر الندوة داخل المعرض يكشف حجم التغيير الذى طرأ على المجتمع المصرى. وعلق قائلا: أريد مجتمعى المصرى كما هو بثقافته وتقاليده وحتى بأخطائه وسلبياته ولا أريد ان تسود ثقافة بلد اخرى غير ثقافة بلدى.

وعن الحياة الثقافية والفنية فى مصر، قال حامد، إن كل مرحلة زمنية لها ثقافتها وأدبها وفنها، وأن هناك سلوكيات منعته من تقديم كل شىء فى أعماله، وضرب مثلا بسلوكيات اصبحت مألوفة فى الشارع، وأصبحت لا تثير مشاعر الناس، وهى أشياء لم نكن نتخيل أن تحدث فى الشارع المصرى، ولو حدثت لاعتبرناها فى زماننا فعلا فاضحا فى الطريق العام.

وعن الجزء الثانى من مسلسل «الجماعة» قال وحيد حامد انه سيتناول الفترة من وفاة حسن البنا، وحتى إعدام سيد قطب، مشيرا إلى انه كان من المفترض تناول فترة زمنية أطول، ولكن وجد ان فترة حكم السادات تحتاج إلى دراسة اكبر، وتدقيق اعمق، خاصة وان السادات كان له دور كبير فى إعادة الروح للجماعة، واعادتها للحياة السياسية من جديد فى السبعينيات، وفى النهاية قتلته الجماعة.

واعترف حامد بأنه شأن كل المصريين لم تكن لديه معلومات كافية عن جماعة الإخوان، إلا أنه كان شاهدا على البلبلة التى حدثت فى المجتمع بسبب هذه الجماعة، ولذلك اتجه للبحث فى أوراقها لمعرفة الكثير عنها بعد ان قرر التصدى لكتابة عمل يتناول تاريخها.

وأكد وحيد حامد انه وصل إلى أشياء أفزعته عندما بدأ فى كتابة «الجماعة»، موضحا أن من يتعرض للتاريخ عليه أن يسعى للحقيقة المجردة مهما كانت نتائجها، وأنه خلال الجزء الأول وضع أسماء كل المراجع التى استعان بها لكتابة المسلسل لأنه لم يكن عملا فنيا بقدر كونه عملا بحثيا ومعلومات موثقة.

وأكد انه فى الجزء الاول اشار لأشياء تعد حسنات فى حياة حسن البنا، وتغاضى عن الانحرافات الشخصية للإخوان، وذلك لانه كان يسعى لتقديم حقائق من خلال عين مجردة، والتركيز على الامور المهمة، ولم يكن هدف العمل الهجوم على الإخوان.

وقال انه تعرض لهجوم شديد من قبل الإخوان بعد عرض حلقات هذا الجزء، وكان رده بجملة واحدة، وهى: «باب المحكمة مفتوح».

ألمح وحيد حامد إلى أن الجزء الثانى من مسلسل «الجماعة» يٌظهر أن الإخوان طوال عمرهم كانوا فى عداء شديد مع كل الحكومات الشعبية المصرية، بينما كانوا على وفاق شديد مع الحكومات الديكتاتورية، ومنها حكومتا على ماهر وإسماعيل صدقى قبل ثورة يوليو.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved