محمد هانى رئيس قنوات cbc لـ«الشروق»: نجاح الإعلام لا يشترى بالمال

آخر تحديث: الأربعاء 7 مارس 2018 - 9:16 م بتوقيت القاهرة

حوار ــ أحمد فاروق:

-ميزانية رمضان لن تتجاوز 230 مليون جنيه.. ونرفض أن تتحول استضافة النجوم فى برامجنا إلى تجارة


-عدم وجود شركات أبحاث لقياس نسب المشاهدة ثغرة فى الصناعة.. لكن غياب النتائج أحيانا يكون أفضل من التضليل


-الرقابة على المسلسلات مسألة تتعلق بحقوق المجتمع وليس بالحريات.. ولدينا مواصفات تطبق على «أبلة فاهيتا»


-الهجوم على لميس الحديدى لم يغير من مواقفها على الشاشة.. وأعتبرها أهم مقدمة برامج شئون جارية فى مصر


-ليس مطلوبا من تليفزيون الخدمة العامة منافسة القنوات الخاصة.. وإطلاق قناة دولية ليس سهلا على المستوى المهنى


-خيرى رمضان أحد أهم مؤسسى cbc وليس مجرد مقدم برامج.. ويمتلك قرار العودة فى اللحظة التى يحددها


-حوارات الأستاذ هيكل مع cbc أتاحت لى فرصة نادرة بالعمل صحفيا تحت رئاسة تحريره آخر 3 سنوات من حياته


-الرئيس يصنع إعلاما مختلفا فى مؤتمرات الشباب يحقق جزءا من تصوره الشخصى لدور المهنة فى بناء الدولة


-ليس هناك اتهام يسمى إعلاما محسوبا على الدولة.. ونقترب من الإدارة السياسية كلما اقتربت من مصالح الناس


-من الخطأ التعامل مع باسم يوسف باعتباره ناشطا سياسيا.. وكل من يظهر على الشاشة يجب أن يكون مذيعا محترفا


-الموالاة ليست اتهاما دائما والمعارضة أيضا ليست شرفا دائما.. وأتحدى أى شخص يقول «صوتى لا يصل»


-نعانى فى مصر من مراهقة سياسية.. ومفهوم الحرية يحتاج إلى إعادة نظر


يرى أن الاعتصام بالمهنة هو السبيل الوحيد للانتصار على التصنيفات، وأن العمل فى ظل اللا قانون لم ينتج عنه سوى الفوضى، وأن اطلاق قناة دولية يحتاج مواصفات لا تتوافر حاليا فى صناعة الإعلام المصرى، وأن العمل بدون قياس لنسب المشاهدة أفضل من التضليل والتقارير الفاسدة، وأن الرقابة على الدراما حق للمجتمع وللمشاهد، وأن مفهوم الحرية يحتاج إلى إعادة نظر.


إنه محمد هانى رئيس قنوات cbc، الذى يتحدث لـ«الشروق»، بعد أيام من الاحتفال بمرور 7 سنوات على اطلاق الشبكة، حيث ناقشناه فى الخطة التى أعلنها لعام 2018، وإلى أى مدى تلتزم بالأسقف التى حددها ملاك القنوات، كما يتحدث هانى خلال الحوار عن شكل العلاقة بين الإعلام والدولة، ويكشف عن رأيه فى تطوير التليفزيون المصرى، ورؤيته للإعلام الذى يقدم من خلال مؤتمرات الشباب.

 

يقول محمد هانى: شبكة Cbc أعلنت خريطة عام 2018، لأنها تحاول أن تساهم فى خلق قواعد وأدبيات قد تكون مقبولة وإيجابية، تفيد الصناعة، فى وقت كل ما يحدث فيه جديد ومختلف وربما لم يمر علينا من قبل، كما أنها تكشف وتوضح كيف تفكر المحطة، فعندما تكون الخريطة بالكامل معلنة أمام المشاهدين والوكلاء الإعلانيين، سيكون استقبال الجميع لها منظما، وسيدرك ما الذى تريد أن تقوله cbc.

 

* التزمت القنوات المصرية بألا تتجاوز ميزانية المحتوى فى رمضان المقبل 230 مليون جنية.. فهل تعاقدكم على 5 مسلسلات لن يتجاوز هذا الرقم؟
نحن ملتزمون بالقرار الذى اتفق عليه ملاك القنوات فى نوفمبر الماضى بنسبة 100%، وندعم ونشجع فكرة تحديد سقف لحجم شراء المحتوى، لقناعتنا أن ذلك فى مصلحة الصناعة والمنافسة.
وبشكل عام نحن لدينا الحقوق الحصرية للمسلسلات التى تم الإعلان عنها، وهي، "عوالم خفية"، و"ليالي أوجيني"، و"رحيم"، و"طايع"، و"الوصية"، لكن بشكل نظرى، لن تكون جميعها حصريا على شاشتنا، فالميزانية لن تسمح بذلك، حتى إذا كان لدينا القدرة على شرائها جميعا، لن نفعل، لأن حجم سوق الإعلان لا يستوعب ذلك، ولن نحقق عائدا يغطى هذه التكلفة، وبالتالى السوق يفرض علينا أن نعرض 3 مسلسلات فقط بشكل حصرى، ومسلسلين بالتزامن مع قنوات أخرى.

 

* هل تحديد 250 ألف جنيه كحد أقصى لأجر الضيوف قابل للتطبيق فى برامج بحجم «صاحبة السعادة» و«أبلة فاهيتا»؟
ــ قبل صدور هذا القرار فإن قنوات cbc لم تكن من المحطات التى راهنت على الأموال، ودستورنا قائم على مبدأ عدم اللعب بكارت الفلوس، لأن النجاح لا يشترى، والإعلام لا يصنع بكثرة الأموال، أو الدخول فى مزايدات مع غيرنا للفوز بنجم أو مذيع أو أى محتوى بشكل عام، وأعتقد أن التجارب التى كانت ولا تزال موجودة تؤكد هذا الكلام، النجاح دائما فكرة وفريق واحتراف.
وبشكل عام، علاقتنا بالنجوم تبادلية، فكما نستفيد من ظهورهم فى برامجنا، هم أيضا يستفيدوا من وجودهم على شاشتنا، لكن فى نفس الوقت ليس لدينا مانع من حصول النجم على أجر مقابل وقته كنوع من التقدير، لكن أن تتحول هذا المسألة إلى تجارة، فنحن لا نقبل، ولا نريد النجم الذى يتمسك بالأجور المبالغ فيها، وأتوقع أن الجميع سيتفهم تدريجيا أن هذه القرارات لمصلحتنا جميعا، وليس لمصلحة القنوات فقط.

 

* جميع القنوات المصرية تشكو من تحقيق خسائر وصلت ذروتها فى 2017.. كيف ولماذا تستمر قنوات cbc إذا لم تكن تحقق أرباحا؟
ــ كل نوع من الاستثمار له دورة رأس مال، تختلف حسب النوع والحجم، وفى صناعة التليفزيون نظريا يحتاج المستثمر 5 سنوات يكون خلالها لدية القدرة على الصمود، حتى يبدأ يعادل بين الإنفاق والعائد الذى تحققه.


وcbc التى انطلقت فى 2011 كانت قد عادلت فى وقت قياسى بين الإنفاق والعائد فى عامى 2012 و2013، لكن بسبب الظروف السياسية والارتباك الذى مرت به البلاد منذ نهاية حكم الإخوان مرورا بثورة 30 يونيو، بدأت القنوات تتأثر اقتصاديا مع بداية 2014، واستمر هذا الوضع، حتى جاء القرار الأصعب والأكثر قسوة على الجميع بتعويم الجنيه مقابل الدولار فى نوفمبر 2016، حينها أصبح نفس المنتج يكلف المحطة 3 أضعاف.


فى ظل هذه الأجواء، كان من الطبيعى أن تخسر القنوات، لأن التكلفة لم تكن متوقعة، وبالتالى كان أمام كل مستثمر إما أن ينسحب من السوق أو يصمد، وبالنسبة لـ cbc، قررت أن تستمر وتؤكد أن لديها قدرة على الصمود فى 2016 و2017، مع محاولة تقليل الخسائر بالبحث طول الوقت عن حلول ابداعية مبتكرة لزيادة الموارد، وتخفيض نسب الهدر فى الإنفاق، دون الوصول إلى حد الانكماش حتى لا تكون النتيجة سلبية.

 

* إلى أى مدى اصيب الإعلام بالضرر لأنه أصبح محسوبا على الدولة.. وما هى المسافة بين cbc والحكومة؟
ــ ليس هناك اتهام يسمى إعلاما محسوبا على الدولة، وليس بالضرورة أن يكون محسوبا، فالإعلام يجب أن يدعم الدولة لأنها الاطار العام التى نعمل تحت مظلتها جميعا، وبالتالى أظن أنه من العبث أن يكون هناك إعلام ضد الدولة.
ورأيى الشخصى كصحفى، أن الإعلام يقترب من الإدارة السياسية كلما اقتربت من مصالح الرأى العام، ويبعد عنها كلما ابتعدت عن هذه المصالح، فهذا دائما هو الميزان الذى تتحدد من خلاله المسافة بين الإعلام وأى إدارة سياسية.
وهذه مسألة متغيرة، ولا ينبغى أن تكون قاعدة، فالإعلام مطالب بأن يتخذ موقفا بناء على المعلومات، وكل فترة زمنية يتم تقييم الناتج العام، وعلى أساسه يتجدد الموقف، فمثلا فى حكم الإخوان تم تقييم المشهد، فاتخذت cbc موقفا أن تكون بعيدة عن الإدارة السياسة وضدها، وبعد ثورة 30 يونيو غيرت القنوات موقفها وأصبحت أقرب للإدارة السياسية.

 

* تعرضت لميس الحديدى لهجوم شديد من الموالاة لمجرد قولها «مفيش سياسة فى مصر».. هل وجود صوت معارض فى الإعلام يمكن أن يهدد النظام؟
ــ المعارضة ليست شرفا دائما، والموالاة ليست اتهاما دائما، ولا فضل لإحداهما على الأخرى إلا بنوع الممارسة وبالنزاهة الوطنية، وفكرة أننا نصنف أنفسنا هذا التصنيف الجامد، بأن يكون فلان معارضا فى المطلق ودوره فى الحياة أن يقول لا، وفلان من الموالاة فى المطلق، فهذا ليس موجودا فى الدنيا، وإذا كنا نتحدث عن تداول سلطة وعلى حياة سياسية، فهذا معناه أن المعارض عندما يصبح فى السلطة سيكون أنصاره موالاة وليسوا معارضة، وظنى الشخصى أننا لدينا فى مصر مراهقة سياسية ولا نصل لهذا المعنى.
أما بالنسبة للجزء المتعلق بلميس الحديدى، فأعتقد الإجابة تتلخص فى سؤالين هما: هل منعت لميس بعد ما قالته؟، وهل قالت فى الحلقات التالية عكس ما قالته؟ والإجابة لا.
وبالمناسبة، رأيى الشخصى وهذا ليس انحيازا، أن لميس الحديدى، هى أهم مقدمة برامج شئون جارية ــ توك شو ــ فى مصر، والأكثر احترافية فى نفس الوقت.

 

* ما هو حجم الحرية التى يتمتع بها الإعلام المصرى حاليا؟
ــ نحن نقيم الحرية بطريقة خطأ وقديمة، ويجب أن يكون لدينا شجاعة إعادة النظر فى مفهوم الحرية، لأننا فى هذه اللحظة التى نعيش فيها لا يستطيع أحد أن يكبت حرية غيره، ولا يستطيع أحد أن يمنع صوت غيره من الوصول، ومدى قوة تأثير هذا الصوت أو الرأى تقاس حسب كيفية استقباله من الكتلة العامة.
فمثلا قبل 30 سنة، كنت تستطيع أن تقول إنك مقموع وصوتك لا يصل، عندما لا تستطيع الكتابة فى جريدة ورقية أو تمنع من الظهور على شاشة التليفزيون المصرى، بعد فترة المفهوم توسع، فربما لا تظهر على نفس المنصات السابقة، لكن تستطيع أن تظهر على القنوات والصحف الخاصة، أما فى الوقت الحالى أصبحنا فى المطلق، وبالتالى أتحدى أى شخص أن يقول «صوتى لا يصل»، لأن أى شخص يمكن أن يصل للناس من خلال شاشة الموبايل وهم فى بيوتهم، ولا أحد يستطيع منعهم، وإذا كان ما تقول يعبر عن كتلة عامة ستتفاعل معك، سواء كان الذى تقدمه سياسيا أو فنيا أو فى أى مجال.

 

* هل القنوات المصرية يمكن أن تستوعب نوع الإعلام الذى كان يقدمه باسم يوسف؟
ــ نحن نتعامل مع كل من يظهر على الشاشة باعتباره إعلاميا محترفا، وليس رئيسا لحزب أو معارضا أو وزيرا يقدم برنامجا، وإذا كنا نتعامل مع باسم يوسف باعتباره معارضا أو ناشطا سياسيا فهذه تكون نظرة خاطئة.
ورأيى الشخصى، أن هذا البرنامج وصل إلى قمة نجاحه فى اللحظة التى كان يتماثل ويتناغم ويعبر عن أكبر قطاع من الرأى العام، وظنى الشخصى أيضا أنه لم يعد كذلك فى مرحلته الأخيرة.
وبشكل عام، لا يوجد نوع إعلام ينتهى أو يموت، والمسألة تتوقف دائما على إرادتك الشخصية وطريقتك فى التفكير، فربما تجد أسماء تظهر فترات ثم تختفى ثم تعود، وبالتالى ربما الأمور تتغير أو تتبدل.
وباسم يوسف كان يمتلك حضورا وقوة وتأثيرا بنسبة 100%، وبرنامجه كان محترفا ومن أنجح البرامح التى تم تقديمها على شاشات القنوات المصرية، وبالمناسبة Cbc لم تتخل عنه، ولم يتركنا ليتوقف، ولكنه رحل ليعمل فى قناة أخرى عربية عاملة بمصر – mbc مصر، واستمر عليها موسما كاملا.

 

* إلى أى مدى تغيرت طريقة تعاملكم مع برنامج «أبلة فاهيتا» بعد إيقاف إعلان قدمته الشخصية لاحدى شركات المحمول بقرار المجلس الأعلى للإعلام؟
ــ لدينا مواصفات لكل ما يعرض على شاشتنا، تتماشى مع سياستنا ولا تخالف قوانين الإعلام وتلتزم بمواثيق الشرف المهنى، ومدونات السلوك الإعلامى، وبالتالى نحن لا ننتظر صدور قرار يخص «أبلة فاهيتا» حتى نطبق هذه المعايير.
وبشكل عام، الإعلام المصرى ظل لسنوات طويلة يعمل فى ظل اللا قانون، وهذا لم ينتج عنه الا الفوضى، وبالتالى أصبح من الجيد أن نعمل فى اطار قانون ودستور، يمكن أن نتناقش على كيفية تطبيقة.
والمجلس الأعلى للإعلام يتحمل مسئولية كبيرة وفقا لهذا الدستور والقانون، لكننى أعتقد أننا نحتاج وقتا لنستطيع تقييم الأداء ونخلق قواعد تعامل، ومن حق المجلس أيضا أن يأخذ هذا الوقت.

 

* لكن إيقاف المجلس لإعلان فوادفون ترتب عليه سحب الشركة لإعلاناتها من التليفزيون لصالح الديجيتال؟
ــ مسألة اتجاه المعلنين للديجيتال أكبر من مجرد إيقاف إعلان، لأن حصول منصات الأون لاين على حصة أكبر من الإعلانات بالفعل اتجاه يزداد، وهو بالمناسبة ليس عيبا، ولن يتسبب فى خسائر لـ cbc، لأنى أيضا أطرح المحتوى على الديجيتال الذى توجه الشركات إعلاناتها إليه.
فالشيء المطمئن أن المحتوى سيظل دائما هو البطل، والمطلوب منك أن تتحرك به على جميع المنصات الممكنة، لأن الواقع يقول إن المحتوى على اختلافه لم يعد ينتج للتليفزيون فقط.

 

* لماذا استعان المجلس بالقنوات للسيطرة على الدراما.. ألم تكن فى غنى عن اتهامات قمع الحريات التى تلاحق لجنة الدراما؟
ــ أرى أن البعض يفرط ويبالغ فى انتقاد لجنة الدراما والهجوم عليها، لأنها فى حدود ما أعلم، ليس لها أذرع تنفيذية، فهى تعقد مناقشات حول قضية محددة مع أطرافها لتخرج بتوصيات، ويتوقف تنفيذها على حماس «المجلس الأعلى» لهذه التوصيات.
ونحن حضرنا اجتماعا واحدا، وكانت التوصية التى خرج بها، هى توحيد جهة الرقابة، بأن تحصل المسلسلات على تصريح عرض من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، قبل عرضها على القنوات، وهذه ليست بدعة، فهذا موجود فى السينما، وفى كل دول العالم المنتج الذى يعرض على شاشة التليفزيون يتم تصنيفه.
وبالمناسبة هذه المسألة فى نظرى لا ترتبط بالحريات، وإنما ترتبط بحقوق المجتمع والمشاهدين، فمثلا ليس من الطبيعى أن ينتج شخص مسلسل «بورنو» ثم يغضب لأن الرقابة رفضته، أو ينتج مسلسلا تصنيفه لأعلى من 18 أو 20 سنة، ويريد أن يعرضه في وقت مبكر.

 

* خيرى رمضان أحد نجوم cbc وشارك فى تأسيسها.. هل كان فى انتقاله للنهار ثم تعاقده مع التليفزيون المصرى نوعا من التخلى عنه؟
ــ ما حدث يمكن تسميته «سوء حظ» وليس تخليا على الاطلاق، لأن لحظة انتقال خيرى إلى النهار كانت الشبكتان شركة واحدة بالفعل، ولكن ما حدث أن هذه الشراكة لم تكتمل، وفى نفس الوقت، رأى خيرى أنه لا يرغب فى الاستمرار على شاشة النهار.
وبالمناسبة، وهذا ليس مجرد كلام للاستهلاك، خيرى رمضان بالنسبة لـ cbc لم يكن مقدم برامج وإنما هو أحد أهم المؤسسين لهذه المحطة، وأحد العقول التى تشارك فى cbc منذ إنشائها وحتى هذه اللحظة، وبالتالى يستطيع العودة فى اللحظة التى يحددها، ليس لأنه لديه هذه القدرة فقط، ولكن لأنه فى جميع الأحوال إضافة.
ولولا أنه تلقى عرضا من التليفزيون المصرى بالتزامن مع خروجه من النهار، ورأى أنه عرض جيد، لكان حاليا على شاشة cbc، لأن مكانه محفوظ بالفعل والمحطة تحتاج إليه.
وبالمناسبة، نحن نعمل مع خيرى على فورمات خاصة ببرنامج أسبوعى منذ فترة طويلة، منذ أن توقف برنامج «ممكن»، وقبل أن ينتقل إلى النهار ثم إلى التليفزيون المصرى، ولا يزال المشروع قائما، وربما يخرج للنور قريبا.

 

* كيف ترى تطوير القناة الأولى فى التليفزيون المصرى.. وهل ترى أن الخريطة المعلنة قادرة على منافسة القنوات الخاصة؟
ــ تليفزيون الخدمة العامة لا يعوضه أى تليفزيون آخر أو شبكة أخرى، سواء كانت cbc أو غيرها، وتطويره كان يجب أن يحدث، لأنى أرى أن هذا الكيان هو رمانة الميزان فى الإعلام المصرى، ولا ينبغى أن يترك لضعف أو لعدم الوجود، والطبيعى أن تبذل له كل الجهود.
وفيما يتعلق بالخريطة، فأنا لم أشاهدها، ولكن ردا على السؤال، وجهة نظرى المتواضعة أنه لا ينبغى أصلا أن يكون التفكير فى تطوير التليفزيون قائما على منافسة القنوات الخاصة، لأننا بذلك نصغر من شأن تليفزيون الدولة ونضعه فى غير ملعبه، فهو فى كل الأحوال ليس مطالبا بمنافسة القنوات الخاصة.

 

* لدينا عدد من القنوات الإخبارية من بينها extra news.. لماذا لا ترقى جميعا للمنافسة إقليميا ودوليا؟
ــ عندما نعقد مقارنة، يجب أن تكون للشيء فى ملعبه، بوضوح قنوات الأخبار المصرية الخاصة، أو دعنى أتحدث عن تجربة cbc فى قنوات الأخبار، extra news لم تظهر لتنافس القنوات الإقليمية، لأن قنوات الأخبار الدولية لها مواصفات أخرى لا تتوافر حاليا فى صناعة الإعلام المصرى، ولا يتحملها، وبالتالى قناتنا الإخبارية لا تستهدف منافسة القنوات الإقليمية الكبرى، ولكنها محطة تطبق قواعد مهنية، تسعى لأن يكون لها مصداقية وقوة، وتستهدف المشاهد المصرى، وبقدر ما تستطيع لها عين على الشأن الدولى والعربى، وتجتهد فيه بشدة، لكن قولا واحد، extra news لا تلعب فى نفس ملعب القنوات الإقليمية، ولا يجب أن يدخلها أحد فى مقارنات معها.

 

* كان هناك مقترح أن تندمج القنوات الإخبارية فى قناة واحدة تكون قادرة على المنافسة دوليا.. هل هذه الفكرة قابلة للتنفيذ؟
ــ المسألة لا تقاس بهذه الطريقة، وأنا شخصيا ضد فكرة اندماج قنوات الأخبار فى قناة واحدة، لأن وجودها لا يزعج أحدا وليس عيبا، لكنه فى نفس الوقت لا يغنى عن وجود قناة إخبارية بمواصفات دولية، فهذا مشروع آخر، يجب أن يتم تنفيذه من خلال الدولة أو بمساهمة من القطاع الخاص، كل هذه الاحتمالات واردة، لكن المهم فى النهاية هو توافر المواصفات.
ومصر بإمكانياتها البشرية والزخم الذى يحدث سياسيا واقتصاديا، تحتاج إلى قناة إخبارية دولية تعبر عن سياستها، وينبغى علينا أن نسعى لذلك، ورغم أن المصطلح مستهلك، لكن هذه القناة ستكون جزءا من قوتنا الناعمة، وتقديرى المهنى، أن مصر سيكون لديها محطة أخبار أو أكثر على المستوى الإقليمى.
وعدم وجود هذه القناة حتى الآن، أعتقد أن جزءا كبيرا منه اقتصادى، بالإضافة إلى أنه تحدٍ ليس سهلا على المستوى المهنى، فرغم أن لدينا كفاءات تقوم عليهم بعض القنوات الإقليمية، لكن فى النهاية هذا نوع من الإعلام لم يكن موجودا فى مصر من قبل.

 

* لك وجهة نظر فى مؤتمرات الشباب بأنها تقدم إعلاما مختلفا لا يتوافر على الشاشات الخاصة والعامة.. كيف؟
ــ رأيى بوضوح أن الرئيس ــ وقد لا يكون البعض منتبها لذلك ــ يصنع فى مؤتمرات الشباب إعلاما خاصا مختلفا، مرتبطا بنموذج واقعى يحدث على الأرض، وإن ما يحدث فى هذه المؤتمرات من الزاوية الإعلامية يحقق جزءا مهما من تصور الرئيس شخصيا لدور الإعلام فى الدولة.
والحقيقة من وجهة نظرى أن ما يخرج من محتوى إعلامى لمؤتمرات الشباب هو مكون مهم وممتاز ولا يقدمه إعلام الدولة ولا الإعلام الخاص.
لأسباب متنوعة نستطيع أن نسميه إعلاما ثالثا لولا أنه موسمى بحكم دورية انعقاد هذه المؤتمرات، لكننا فى النهاية أمام حوار شامل وموسع وجرىء يشارك فيه أطراف أصيلة فى المجتمع بدءا من الشباب والمسئولين والصحافة ووصولا إلى مناظرات و hard Talk أحيانا، ومساحة كبيرة من المعلومات الموثقة والتحليل المتخصص الموضوعى، فضلا عن طرح عدد كبير من القضايا الكبرى التى يجب أن يكون لها أولوية فى الاهتمام وكمية الأخبار التى تنتج عنه نظرا لمشاركة كبار المسئولين وصناع القرار وفى مقدمتهم رأس الدولة.
هذا الإعلام نحتاجه يقينا بما فى ذلك مجموعة الرسائل غير المباشرة التى يصدرها من حيث الشكل فأنت ترى جيلا من الشباب يتحاور وجها لوجه مع أجيال أخرى وترى فى كثير من الجلسات رئيس الدولة جالسا فى القاعة وسط الحضور بينما المنصة يعتليها شباب ومتخصصون.

* بعد خروج شركات أبحاث قياس نسب المشاهدة من السوق.. هل تأثرت السوق سلبا أم إيجابا؟
ــ عدم وجود شركات أبحاث لقياس الرأى ونسب المشاهدة هى ثغرة فى الإعلام المصرى حاليا، ولكن هذا الوضع لن يستمر طويلا، وسيتم قريبا إنشاء شركة أو أكثر لتعمل فى السوق المصرية وفق القانون.
لكن في كل الأحوال غياب النتائج أحيانا قد يكون أفضل من وجود نتائج مضللة أو فاسدة، تبنى عليها أوضاع اقتصادية غير سليمة، لكن فى كل الأحوال من المهم أن تكون هذه الشركات موجودة، وبحكم متابعتى أرى أنها ستكون موجودة قريبا.

 

* أخيرا.. لاحظنا فى مكتبك مجموعة كبيرة من صور الأستاذ محمد حسنين هيكل بشكل مُلفت جعلنا نتصور اننا داخل مكتبه؟.
ــ الحقيقة أن هذه صور عصر، تحديدا الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، ومنطقيا ستكون للأستاذ هيكل صور كثيرة كونه كان أحد أهم الشخصيات الفاعلة بل والصانعة لهذا العصر، بصرف النظر عن أن دوره امتد بعد ذلك بنفس القوة وحتى آخر يوم فى حياته 17 فبراير 2016.
هذه الصور تعبر بشكل ما عن الزخم السياسى والفكرى والإبداعى لعصرٍ عاشته مصر وكانت الشخصية المصرية فيه قوية وواضحة، من هنا ستجد صور عبدالناصر وأم كلثوم وصلاح جاهين وعبدالمنعم رياض وعبدالحليم حافظ ونجيب محفوظ وغيرهم ممن يمثل كل منهم قيمة أو رمزا لملامح هذا العصر.
ويمكنك أن تعتبر وجود الأستاذ هيكل كعنصر مشترك فى أغلب هذه الصور، انحيازا واقتناعا مهنيا وشخصيا، فهو بالنسبة لى ولكثيرين أيقونة الصحافة المصرية والعربية، والمثل الأعلى والمستوى الأرفع الذى يضعه أى صحفى أمام عينيه بصرف النظر عن إمكانية الوصول إليه.
ومن حسن حظى أن الظروف أتاحت لى فرصة نادرة جعلتنى أعمل معه وبالقرب منه وبشكل يومى على مدار آخر ثلاث سنوات فى حياته، وقد تعلمت فى هذه السنوات ما لم أتعلمه فى حياتى كلها مهنيا وانسانيا، وذلك من خلال حواراته التليفزيونية الممتدة مع لميس الحديدى والتى عرضت على شاشة cbc بين عامى 2013 و2016.
لقد أتاحت لى هذه الفرصة أن أعمل إلى جوار الأستاذ كما لو كنت صحفيا بالأهرام حين كان هو رئيسا لتحريرها، فقد كانت لقاءاتنا معه التى تتم ثلاث مرات كل أسبوع تتضمن كل فنيات الصحافة عند أعلى نقطة، بدءا من تجهيز وتدقيق المعلومات والخرائط والوثائق إلى بناء المحتوى وتدفقه وعناوينه ووصولا إلى التعامل مع ردود الفعل والتواصل مع المصادر الأصيلة.
وقد رأيت فى مكتب الأستاذ هيكل خلال هذه السنوات كيف أنه كان على اتصال مباشر بكل ما يمكن تخيله من مصادر على أعلى وأدق مستوى فى مصر والمنطقة والعالم سواء الذين يأتون إلى مكتبه يوميا، أو الذين يتصلون به، أو يتصل بهم، أو يزورهم داخل وخارج مصر، وقد استمر ذلك حتى آخر لحظة فى حياته.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved