خبراء: «الهلال النفطى» ودول الجوار فى خطر

آخر تحديث: السبت 9 يناير 2016 - 9:39 ص بتوقيت القاهرة

كتب ــ محمد هشام ومروة محمد:

• التنظيم يتوسع بنقل عدد من عناصره إلى الأراضى الليبية.. وعدد مقاتليه يبلغ 3 آلاف

• استغلال الأوضاع السياسية والاقتصادية وراء نجاح التنظيم فى التجنيد.. والتنسيق مع «بوكو حرام» يهدد إفريقيا

• مصر من أكثر الدول تصميمًا على القيام بدور كبير فى ليبيا.. وإيطاليا تفتقر إلى الأدوات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية للتدخل

• «داعش» ليبيا يعمل على ضم الجهات «الفاشلة» و«المهزومة» و«العلمانية» كما حدث فى العراق مع بقايا نظام صدام حسين

فى ظل تزايد التقارير الغربية حول تنامى نشاط تنظيم «داعش» الإرهابى فى ليبيا وسعيه إلى التوسع فى البلاد، وشنه هجمات متتالية لدخول منطقة الهلال النفطى الرئيسية، أكد خبراء متخصصون فى الشأن الليبى والتنظيمات الإرهابية على خطورة ذلك الوضع بالنسبة لجوار ليبيا، فيما رأى آخرون أن تواصل التنظيم مع المجموعات الموالية له فى إفريقيا قد يشكل خطرا كبيرا على القارة السمراء.

وقال الزميل البارز فى مركز التقدم الأمريكى، ويليام دانفر إن «تنظيم داعش حال انهياره فى سوريا والعراق سيتجه نحو ليبيا»، مضيفا أن «الهجمات الأخيرة فى سرت والزنتان خير دليل على ذلك»، حسب صحيفة «هافينجتون بوست» الأمريكية.

وأوضح دانفر أن داعش سعى لتعزيز وجوده فى جميع أنحاء ليبيا بعد سيطرته على مدينة سرت الساحلية، ويواصل قتاله فى سوريا والعراق، غير أن وجوده فى ليبيا يصبح خيار أكثر أهمية للتنظيم».

وأكد الباحث الأمريكى أن «مساعدة ليبيا يجب أن تصبح مرة أخرى أولوية بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها كجزء من الحرب ضد داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية».

وأرجع السبب فى ذلك إلى أن ليبيا أصبحت أرضا خصبة للإرهابيين والمجرمين، بما فى ذلك تنظيما داعش والقاعدة والجماعات التابعة لهما، كما أن وجود ملاذ آمن فى ليبيا لهذه العناصر سيكون له تأثير كارثى على شمال إفريقيا ــ وبخاصة مصر وتونس ــ وكذلك إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وتابع دانفر: «وجود ليبيا كدولة جوار لأوروبا جعلها نقطة انطلاق لطالبى اللجوء فى أوروبا، كما أنها قد تكون مصدرا بديلا للطاقة لأوروبا، يجعل الأوروبيين أقل اعتمادا على روسيا».

وأكد دانفر أن «ليبيا الفاشلة التى تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية والجريمة المنظمة تشكل كارثة محتملة للمصالح الأوروبية على وجه الخصوص».

وشدد الباحث الأمريكى على أن «هناك قدرا معين من المسئولية فى مساعدة ليبيا»، موضحا أنه «يجب على جميع الدول التى ساعدت فى إسقاط نظام العقيد الليبى الراحل معمر القذافى أن تساعد على ضمان ألا تكون الحكومة الجديدة أسوأ منه، وأن تكون أفضل بكثير لكل من الشعب الليبى والمجتمع الدولى».

ويبلغ عدد مقاتلى التنظيم فى ليبيا الآن نحو 3 آلاف مقاتل، وفقا لتقارير فرنسية، فيما تشير تقديرات السكان ومسئولى المخابرات الليبية إلى تزايد عددهم خلال عام من 200 إلى 5 آلاف مقاتل، بحسب ما نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية.

ويعتمد هؤلاء المقاتلين ومعقلهم فى ليبيا مدينة سرت، مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافى، والتى تقع بين العاصمة طرابلس وبنغازى، على تلقى الدعم من قواعد التنظيم فى سوريا والعراق، وفقا لصحيفة «إندبندنت» البريطانية.

وحول استراتيجية عمل التنظيم فى ليبيا، قال مدير مركز دراسات الإسلام السياسى، مصطفى حمزة إنها استراتيجية تتسم بـ«الذكاء الشديد» وهى مماثلة لذات النهج الذى يتبعه فى سوريا إذ يعمد إلى مهاجمة الإرهابيين المنتمين لتنظيمات أخرى، ويتجنب قدر الإمكان مواجهة الحكومة، لافتا أيضا إلى استغلال التنظيم تردى الأوضاع الاقتصادية فى ليبيا ما بعد الثورة وانتشار الفقر، لضم العديد من المقاتلين.

كما أوضح حمزة فى تصريحات لـ«الشروق» أن توسع التنظيم فى إعداد معسكرات لمقاتليه سيؤثر على الجوار المباشر لليبيا وبخاصة مصر لاسيما وأن هناك تنظيمات فى مصر بها جنوح باتجاه «داعش» ولا تعلن عن نفسها، لكن صعود التنظيم المستمر فى ليبيا قد يدفعها للانضمام له بشكل فعلى وتتدفق عناصرها على قواعده فى ليبيا.

وفيما يتعلق بإعلان وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) فى نوفمبر الماضى، مقتل زعيم التنظيم فى ليبيا، المدعو أبو نبيل العراقى فى غارة جوية على درنة (شرق).

قال الباحث المتخصص فى الإسلام السياسى إن «مقتل أبو نبيل لن يؤثر فى التنظيم نظرا لطبيعته الهيكيلة فهو تنظيم هرمى وبيروقراطى وبالتالى عندما تتم تصفية أحد قياداته تُصعد على الفور قيادة جديدة وإن كان التنظيم يتجنب بصفة دائمة الإعلان عن قياداته».

وأشار حمزة إلى أنه من الخطأ الاعتقاد بأن تصفية زعيم التنظيم تعنى القضاء عليه، موضحا أن ذلك المنطق صحيح ولكن بالنسبة للتنظيمات الإرهابية العنقودية كتنظيم القاعدة.

وكان المتحدث باسم البنتاجون، بيتر كوك، قد أكد أن وفاة أبونبيل، الذى كان أحد القادة التابعين لتنظيم القاعدة لسنوات، تحد من طموحات «داعش» فى ليبيا، وقدرته على تجنيد أعضاء جدد، وإنشاء قواعد فى البلاد، والتخطيط لهجمات خارجية على الولايات المتحدة.

بدوره، قال جاكوب زين الإخصائى فى الجماعات الجهادية الإفريقية فى مؤسسة جيمستاون فاونديشن، إن «ليبيا أصبحت بالنسبة لإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مثل الرقة ــ عاصمة التنظيم فى المنطقة التى يحتلها فى سوريا ــ بالنسبة لأجزاء آخرى فى العالم».

وأضاف زين أن «العلاقة بين جماعة بوكو حرام النيجيرية التى بايعت تنظيم داعش فى مارس الماضى وناشطى داعش قد تتجاوز قريبا دائرة وسائل الإعلام للتوصل إلى تدريب عناصر بوكو حرام فى ليبيا»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ورجح الباحث الأمريكى أن تصعد بوكو حرام فى 2016 أو 2017 هجمات من نوع جديد فى نيجيريا أو فى غرب إفريقيا بفضل التدريب والتنسيق مع التنظيم فى ليبيا».

من جانبه، قال دانييلى سكاليا، المدير العام لمعهد الدراسات المتقدمة فى الجغرافيا السياسية فى روما، فى تصريحات لـ«الشروق»، إنه «على الرغم من التدخل العسكرى فى سوريا لاستهداف معاقل تنظيم داعش فإن التنظيم قويت شوكته واستطاع أن ينقل عددا من عناصره إلى ليبيا وإن ظلت خلافته هناك حديثة العهد وغير مستقرة بعد»، مضيفا أنه «إذا نقل مقر خلافته من الرقة إلى سرت سيعانى أزمة فى وسائل الاتصالات عموما».

وعن تمدد التنظيم داخل ليبيا بصورة كبيرة، أوضح سكاليا أن «البيئة الخصبة فى ليبيا ستجعل الكثير من المتطرفين ينضمون للتنظيم خصوصا فى بنغازى ودرنة وسرت، معقل العقيد الليبى الراحل معمر القذافى»، مشيرا إلى أن خطط داعش القادمة فى ليبيا سترتكز على ضم الجهات «الفاشلة» و«المهزومة» و«العلمانية»، كما حدث فى العراق مع بقايا النظام البعثى للرئيس الراحل صدام حسين.

وحول مصادر تمويل داعش فى ليبيا، أكد سكاليا أنه بخلاف الدعم المحلى للتنظيم، فالأمر المؤكد أن «داعش» يتلقى تمويلات من شبه الجزيرة العربية ومن مواطنيها العاديين فى شكل تبرعات، كما أن تركيا هى الأخرى متهمة بدعم داعش على الملأ، على الرغم من أن علاقتها مع التنظيم لاتزال متناقضة ولكنها حتما ترغب تمدد التنظيم.

وفيما يتعلق بالموقف الغربى من تمدد داعش بصفة عامة، أوضح سكاليا أن «المشكلة الكبرى تكمن فى سياسة واشنطن المتذبذبة والتى بدورها انعكست على الأوروبيين، لأنهم ظلوا لعقود ينتهجون سياسة التبعية لأمريكا، ما جعلهم يتمسكون بسياسة غير دقيقة»، لافتا إلى أن «الهدف من استهداف معاقل داعش هو الحصول على نتائج دقيقة ولذلك ينبغى التعاون مع روسيا تحديدا من خلال إرسال قواتها على الأرض، وهى الخطوة الأساسية القادمة».

وفى ظل هذا الوضع الفوضوى فى ليبيا، وتصاعد نفوذ «داعش»، تعالت الأصوات المطالبة بوضع خطط لمواجهة التنظيم قبل أن يهدد دول الجوار، والدول الأوروبية. وقال مدير عام معهد الدراسات المتقدمة فى الجغرافيا السياسية بروما، إنه إذا كانت معظم دول أوروبا تبدو وكأنها لا تهتم سوى بسوريا فى المقام الأول نظرا لتدفق اللاجئين، فإيطاليا لا يشغلها سوى ليبيا لأنها نقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين ولوجود مصالح الطاقة الرئيسية الإيطالية فى ليبيا، ومع ذلك فإيطاليا لا تزال تفتقر إلى الأدوات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية للقيام بدور هناك.

وأضاف أن «مصر من أكثر الدول تصميما على القيام بدور كبير فى ليبيا وستظل تدعم حكومة
طبرق حتى تبعد داعش والإسلاميين وكل من له علاقة بالإخوان المسلمين عن حدودها الحيوية».

ومن جانبها، قالت ماتيا توالدا، خبيرة العلاقات الخارجية لدى المجلس الأوروبى، فى تصريحات لمجلة «فورميكى» الإيطالية، إن إيطاليا لن تلجأ إلى «موضة» أوروبا القديمة وتقصف داعش فى ليبيا، وإن لجأت إليه سيكون بنسبة ضئيلة بجانب الخيار السياسى، مؤكدة أن فرنسا وبريطانيا ستسعيان لإبرام اتفاقا أيا كان حتى لو كانت النتيجة حكومة ليبية ضعيفة جدا، لكن ليبيا ستحتاج للدعم العسكرى فى كل الأحوال.

أقرأ أيضاً:

سرطان «داعش» يزحف من الغرب.. (ملف)

«داعش».. كابوس يقضُّ مضاجع أوروبا

سياسيون ليبيون لـ«الشروق»: لا مستقبل لـ«داعش» على أراضينا

3 سيناريوهات لهزيمة «الإرهاب»

ليبيا.. من الثورة إلى الفوضى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved