إبراهيم عيسي: الرواية العربية في قمتها والقاريء مظلوم

آخر تحديث: الجمعة 11 يناير 2013 - 2:49 م بتوقيت القاهرة
حاورته: عزة حسين

 قبل أيام أخبرني الروائي الكبير محمد المنسي قنديل، أن أفضل ما قرأه على مدار العام الفائت هو رواية "مولانا" للكاتب إبراهيم عيسى، متنبئاً بأن "ستحصل على نصيب كبير في جائزة البوكر"، وبعدها بيومين صدقت نبوءة قنديل بصعود "مولانا" للقائمة القصيرة للجائزة، ضمن ست روايات، وصفتها لجنة تحكيم الجائزة بـ"الممتازة" والمنتقاةعلى أساس من تميزها المتفرّد، بينما اختص صاحب "قمر على سمرقند" رواية عيسى بكونها محبوكة، ومليئة بالتحولات، معترفاً بأنها خالفت توقعاته بالاتكاء على الإسقاط السياسي، وتجاوزت ذلك لتقدم "شخصيات جديدة، مرسومة بمهارة  آسرة".


وعندما تلوت تلك الأوصاف على الكاتب الكبير إبراهيم عيسى، سر بها، وعلق مازحاً:"سأعاتبه لأنه قال لكم هذا الكلام ولم يقله لي"، وكان قنديل ضمن كثيرين من وأصدقاء عيسى وقرائه، الذين أعجبوا بالرواية وتحمسوا لها كثيراً، متوقعين أن تتصدر الرواية قوائم البوكر، بينما كان هو "على قلق": "بطبيعة الحال تمنيت كثيراً أن تنجح الرواية خلال رحلة البوكر لكنني لم أتوقع ذلك".

 

لم يخف الإعلامي الكبير، وأنا أهاتفه بعد دقائق من سماع خبر الجائزة، سعادته الشديدة، كونها "جائزة محترمة ذات مصداقيةٍ، وتاريخ نظيف على مدار دوراتها الخمس السابقة"، ممتدحاً كذلك لجنة تحكيمها "صاحبة الرقي والمكانة"، وأعضاءها من أمثال المفكر الكبير جلال أمين"، والتشكيلي والمناضل السوري على فرزات وغيرهما".

 

عيسى قال إن وجود الرواية في القائمة القصيرة للبوكر حقق شيئاً لا يحدث في الأدب كل يومٍ وهو كيف تجمع بين التقدير الجماهيري الواسع، الذي عبرت عنه خمس طبعات،وتصدر قوائم أعلى المبيعات لعدة أشهر، وبين التقدير الأدبي الكبير من النخبة عبر الكتابات النقدية الكثيرة عن الرواية، واعتزاز كتاب كثيرين بها، مضيفاً أنه عندما يضاف لذلك جائزة عربية عالمية كبيرة، تضم قمماً في النقد والكتابة تكون الرواية حققت ما يمكن أن تسميه مباشرةً معادلة صعبة وهي معادلة "يجب أن أكون فخوراً بها جداً".

 

وعندما سألته هل يتوقف أمام اعتباره، من قبل قطاع كبير من المثقفين، روائياً في المقام الثاني بعد كونه إعلامياً أو حتى كاتباً سياسياً، لم ينف صاحب "دم الحسين" كون"هذا الإحساس طبعاً موجود"، موضحاً أنه يسأل نفسه دائماً: "ماهي شروط إدخالي في نخبة الأدباء؟"، مجيباً على سؤاله بسؤال: أن أجلس على مقهى البستان؟، "إذا كان الأمر كذلك فقد جلست على البستان قبل ميلاد جيلك، وظللت أجلس هناك حتى دخل هذا الجيل الإعدادية" يقول إبراهيم عيسى، مشيراً لكونه محرراً ثقافياً سابقاً ومتورطاًتماماً في العمل الأدبي.

 

ويضيف أنه التحق بالصحافة نتيجة أنه كان يكتب الأدب:"كان هذا مدخلي، وأصدرت روايات وقصص قبل أي كتاب في الصحافة، وحصلت على جوائز أدبية في وقت مبكر من حياتي قبل الصحافة، وعندما يسألني أحد أقدم نفسي كأديب وروائي، وأقدم نفسي ككاتب وليس أي شيء آخر.

 

وماذا عن الأنشطة الثقافية المعروفة؟ سألته فقاطعني قائلاً:

" أنا أول من عمل حفل توقيع لروايتي "مقتل الرجل الكبير" عام 1999، وقت لم تكن هذهالظاهرة موجودة، ولو وافقت على كل الندوات التي كانت مطلوبة لرواية "مولانا" كان سيصبح لدي ندوة كل أسبوع، والواقع الثقافي الآن أصبح يحول أي محفل ثقافي إلى سياسي، لكنني قابل بذلك، فهذا قيل على فتحي غانم، وغيره من الأساتذة الكبار،والجائزة اليوم تقول أين إبراهيم عيسى ف عالم الأدب وهذا سر سعادتي".

 

تتجاوز رواية "مولانا" الـ550 صفحة، ما قد يعطل أو يؤجل التفاعل معها من قبل القاريء العربي، هذا ما ينفيه تماماً صاحب "مقتل الرجل الكبير" : "أنتم تظلمون هذا القاريء العربي، فهذا القاريء هو من حقق 15 ألف نسخة مبيعاً، وأوصل الرواية لقوائم البيست سيلر، وهذا القاريء هو سر فخري الشديد بالرواية لأنها جاورت بين القاريء العادي والناقد النخبوي".

 

وانتقالاً من روايته لروايات زملائه في القائمتين الطويلة والقصيرة للبوكر، قال عيسى إنه قرأ بعض هذه الأعمال فيما قرأ عروضاً ومراجعات لبعضهاالآخر، مبدياً إعجابه الشديد بالعوالم والأفكار التي تناولتها هذه الروايات، ما يشي بأن "الرواية العربية في قمتها".

 

وتوقف عيسى عند روايتي "حدائق الرئيس" للروائي العراقي محسن الرملي، و "ساق البامبو" للروائي الكويتي سعود السنعوسي، معلقاً أنهم "كانوا منافسين أقوياء جداً"وشغلت رواياتهم عوالم ومنطقة ذكية جديدة وبكر، وشت بأن الرواية الآنية باتتمتصلة بالواقع ومشبوكة بالحياة العربية، وهو ما أسفرت عنه، بحسبه، السنوات الأخيرة من تراجعٍ للروايات الذاتية التي تصدرت المشهد لأجيال.

 

واختتم عيسى حديثه للشروق بالتأكيد على أننا نعيش حقبة الرواية المتواصلة مع واقعها بقوة، وأن المستقبل سيشهد روايات أكثر صلةً بهذا الواقع.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved