تجارب دولية حديثة لمحاربة ظاهرة الانتحار.. كيف ننقذ أرواحا مهددة؟

آخر تحديث: الإثنين 11 فبراير 2019 - 12:12 م بتوقيت القاهرة

محمد عبد الجليل

يلقى حوالي 800 ألف شخص سنويًا حتفهم بسبب الانتحار، بواقع حالة وفاة ناتجة في كل 40 ثانية تمر، لكن هذه الإحصائيات لا تكشف عن حجم المشكلة بأكملها، ففي مقابل كل شخص بالغ مات انتحارًا، هناك أكثر من 20 شخصًا يحاولون الانتحار.

وتشير منظمة الصحة العالمية، إلى أن بعض الدول التي تتمتع بكفاءة تسجيل الأحوال المدنية لمواطنيها، فغالبًا ما تسجل حالات الانتحار بصورة خاطئة على أنها حادث أو ناجم عن سبب آخر أدى إلى الوفاة، أما في البلدان التي لا يوجد لديها نظام تسجيل موثوق للوفيات، قد يموت المنتحرون ببساطة، دون أن تُحصى أعدادهم.

يذكر أن الانتحار يمكن أن يطال جميع الفئات في مختلف بلدان العالم، ولأسباب مختلفة، لكن تظهر أكثر معدلاته لدى فئة الشباب 15-29 عامًا، والذي يعد فيها الانتحار ثاني أهم أسباب للوفاة، في بعض البلدان.

وترصد «الشروق» في هذا التقرير بعض الوسائل والإرشادات التي طبقت في بعض الدول حديثاً، وحققت نجاحات ملموسة في بعض الحالات، والتي يمكن للحكومات ومنظمات المجتمع المدني الاستفادة منها في الحد من الانتحار.

-آيرلندا:

أنشأت آيرلندا السجل الوطني لإيذاء النفس المتعمد بين السكان، وأنشأ السجل بناءً على طلب من «المؤسسة الوطنية لبحوث الانتحار»، ويتم تمويل برنامج السجل بواسطة «المكتب الوطني التنفيذي للخدمات الصحية للوقاية من الانتحار».

والغرض من السجل رصد ومتابعة حالات إيذاء النفس الواردة في أقسام الطوارئ بالمستشفيات، من أجل تحديد الفئات والمناطق التي تزيد فيها هذه الحالات، وإطلاع المسؤولين المعنيين بالوقاية من السلوك الانتحاري بهذه الحالات والبيانات التي يتم التوصل إليها.

-اليابان:

عام 1998 ارتفعت معدلات الانتحار بشكل متزايد في اليابان، وصل إلى نحو 32863 ، مقارنة بـ 24391 في العام السابق، لكن حتى تلك الفترة كان ينظر إلى الانتحار على أنه مشكلة شخصية لهذا لم تناقش على نطاق واسع في وسائل الإعلام.

في عام 2000 بدأ الأطفال الذين فقدوا والديهم بسبب الانتحار في الحديث إلى وسائل الإعلام عن مشكلاتهم، لهذا عقد وزراء الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية، اجتماعًا لبحث التدابير اللازمة لمواجهة الانتحار في عام 2002.

في عام 2005 بدأ ينظر إلى الانتحار على أنه مشكلة اجتماعية تتطلب تطبيق إجراءات ملموسة لوقفها، وعُقد أول منتدى لمناقشة الظاهرة في ذلك العام، وتعهد عدد من الوزراء الذين حضروا المنتدى بالعمل على حل المشكلة.

بعدها اتخذت الحكومة عدة إجراءات من أهمها إصدار المبادئ العامة للوقاية من الانتحار، وتقديم الدعم اللازم للناجين، فضلًا عن إنشاء صندوق الطوارئ الإقليمي لتعزيز الوقاية من الانتحار، وفي عام 2010 خصصت الحكومة شهر مارس ليكون شهر الوقاية من الانتحار.

نتج عن هذه الإجراءات انخفاض معدلات الانتحار إلى أقل من 30000 مواطن سنويًا في عام 2012، للمرة الأولى منذ عام 1998.

-تشيلي:

مع تزايد معدلات الانتحار خلال العشرين عامًا الماضية في تشيلي، بمعدلات بلغت أعلاها لدى الشباب من الذكور، اتخذت الحكومة عدة إجراءات في هذا الإطار، منها تحسين الحصول على الرعاية الصحية، ضمن تشريع جديد يشمل 4 اضطرابات نفسية، يمثل كل منها عامل خطر على الانتحار.

هذا إلى جانب إنشاء خطة وطنية لمقاومة الانتحار، تعتمد على رصد ومتابعة حالات ومحاولات الانتحار، وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية، إلى جانب تصميم برامج وقائية للطلاب في المدارس، للتدريب على احترام الذات، وتعليم المهارات الحياتية، فضلًا عن تقديم الدعم وقت الأزمة، عبر إنشاء خط ساخن، وصفحة على الإنترنت، من أجل تعزيز الوعي الوقائي بالظاهرة.

وتهدف هذه الاستراتيجية إلى خفض معدلات الانتحار بحلول عام 2020 بمعدل 10% بين الشباب.

-سويسرا:

فقدت سويسرا حوالي 1034 شخصًا في عام 2011 نتيجة الانتحار، لهذا عملت في سبيل التقدم في مقاومة الانتحار في مقاطعاتها المختلفة، عبر متابعة الأشخاص الذين حاولوا الانتحار، إلى جانب مراقبة وسائل الإعلام، وإنشاء الخطوط الساخنة لتقديم الدعم وقت الأزمة.

-اسكتلندا:

عام 2002 أُطلقت استراتيجية وطنية لمقاومة حالات الانتحار، بعد أن ارتفعت المعدلات إلى 27 حالة ضمت 100 ألف مواطن بين الرجال، وسميت الاستراتيجية بـ «اختر الحياة»، من أجل خفض معدلات الانتحار بنحو 20% بين السكان عام 2013.

ركزت الاستراتيجية على تقديم إجراءات منسقة للوقاية من الانتحار، عبر خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية، والتعليم والإسكان والشرطة، فضلًا عن خدمات التوظيف، إلى جانب توفير الدعم المالي لإجراء التدخلال المطلوبة في المجتمع المحلي.

وبين عامي 2002 و2006 استثمرت الحكومة الاسكتلندية حوالي 20.4 مليون يورو في تنفيذ هذه الاستراتيجية، وجاءت نتائجها مبشرة للغاية بانخفاض في معدلات الانتحار وصل إلى 18% في عام 2012.

-السويد:

تشير الأرقام إلى أن السويد شهدت حوالي 1478 حالة انتحار في عام 2016، وأنشأت السويد برامج متطورة من أجل الوقاية من الانتحار، تعمل على الحقول الاجتماعية والطبية معًا، فضلًا عن التواصل الدائم مع المواطنين عبر خطوط ساخنة لمساعدة الأشخاص وقت الأزمات.

البرلمان السويدي كذلك عمل في عام 2005 على إصدار قانون متعلق بإجراءات وقرارات البرنامج الوطني للوقاية من الانتحار في البلاد.

-الدنمارك:

تشكل نسبة المنتحرين سنويًا في الدنمارك حوالي 600 شخص سنويًا، ضمن 20 ألف شخص يفكرون في الأمر.

وتولي الدنمارك عناية كبيرة للعائلات التي فقدت أحد أبنائها انتحارًا، في إطار العمل على الوقاية من الانتحار، والذي يتم بالتعاون بين قطاعي الصحة والشؤون الاجتماعية، فضلًا عن العديد من المنظمات الأخرى العاملة في هذا الإطار.

ولدى الدنمارك برنامج وطني للحد من الانتحار بين سكانها تحت عنوان «شراكة وطنية 2020»، كما تقدم المراكز المعنية بالعلاج النفسي الخدمات العلاجية الفردية والجماعية، لتبادل الأفكار حول العوامل التي قد تؤدي إلى الانتحار، وتتحمل القطاعات الصحية العامة تكلفة هذه الخدمات.

* الأرقام والإحصائيات الواردة بالتقرير مأخوذة عن منظمة الصحة العالمية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved