«الجبير» يؤكد اهتمام بلاده بالقضية الفلسطينية.. «وأبو الغيط»: لن يقفوا وحدهم

آخر تحديث: الثلاثاء 11 سبتمبر 2018 - 7:35 م بتوقيت القاهرة

كتبت - سنية محمود

• «أبو الغيط» يتساءل: ماذا يتبقى من القضية الفلسطينية إذا أبعدت قضايا القدس واللاجئين من طاولة المفاوضات؟
• «أبو الغيط»: قريبًا سنتنفس نسائم الحرية بعد أن دنسها الإرهاب
انطلق مساء اليوم، بمقر الجامعة العربية أعمال الدورة العادية الـ150 لمجلس الجامعة برئاسة السودان.

وألقى وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، رئيس الدورة السابقة للمجلس، كلمة جدد فيها التزام بلاده بالقضية الفلسطينية، حتي ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة المبنية على القرارات الدولية، ومبادرة السلام، في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية،
مؤكدًا رفضها القاطع لأي إجراءات من شانها المساس بالوضع التاريخي والقانوني للقدس.

وفي الشان اليمني، قال «الجبير»، إن بلاده لا تزال مستمرة في التزاماتها بوحدة اليمن وسيادته واستقراره وأمنه وسلامة أراضيه، من خلال دعم الحكومة الشرعية، مؤكدًا أن ميلشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران لا تريد الاستجابة والانخراط بشكل جدي، علاوة على عدم حضورهم اجتماع (جينيف) الأخير.

وبالنسبة للأزمة السورية، أشار إلى أن المملكة موقفها واضح من استقرار سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها وعملت على توحيد موقف المعارضة.

وأضاف، أن المملكة تبذل جهودًا في مكافحة الإرهاب، وتقدم كافة أشكال العون، بالتعاون مع المجتمع الدولي للقضاء عليه، مشيرًا إلى أن الإرهاب الذي تمارسه إيران من خلال تدخلها السافر في شوؤننا العربية، ودعمها للميشيات الحوثية الإرهابية، يعتبر من أبشع مظاهر الإرهاب الذي يحتاج منا التكاتف والتعاون لمواجهته وردع أدواته.

واختتم «الجبير» كلمته بأن المملكة العربية السعودية، إدراكًا لمسؤلياتها تجاه متطلبات الأمن القومي العربي، حرصت خلال رئاستها للمجلس على توظيف علاقاتها المتوازية وتحركاتهم على الساحة الدولية، وتنسيق المواقف مع الدول العربية الشقيقة، بهدف التأثير إيجابًا في التناول الدولي لقضايا عالمنا العربي والإسهام في توحيد الرؤي والمواقف العربية تجاه القضايا والمستجدات ذات المساس بالمصالح العربية.

من جانبه قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن القضية الفلسطينية تتعرض لهجمة شرسة لا زالت فصولها تتلاحق، مشيرًا إلى أن هناك رغبة أمريكية غير مسبوقة في إفراغ القضية الفلسطينية من محتواها القانوني والسياسي والتاريخي والإنساني.

وتساءل «أبو الغيط»، في كلمته اليوم، أمام الجلسة الافتتاحية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب برئاسة السودان: ماذا يتبقى من القضية الفلسطينية إذا أبعدت قضايا القدس واللاجئين من الطاولة؟ وعلام يتفاوض الفلسطينيون إذن؟ وأي معنى يبقى لحل الدولتين الذي أيدته القمة العربية ويسانده المجتمع الدولي؟.

وأضاف: «اليوم يجري نعت القيادة الفلسطينية بالتصلب والتعنت، ويقولون إنها ترفض صفقة لم تُعرض عليها بعد، ولكن المؤشرات والدلائل ماثلة أمامنا جميعًا وهي ليست شكوكاً في النوايا، ولا رجمًا بالغيب، وإنما جملة من الأفعال والسياسات والتصريحات تواترت وتلاحقت عبر العام الماضي».

وتابع، أنه جرى الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، في تحدٍ للإرادة الدولية، وليس فقط العربية أو الفلسطينية، واليوم تنفض الولايات المتحدة يدها من (الأونروا)، مطالبة بتفكيكها واستبدالها.

ونبه «أبو الغيط» إلى أن الهدف مكشوف ويتجاوز مسألة المساهمة المالية، إلى التشكيك في شرعية (الأونروا) ذاتها، وهي منشأة بقرار أممي، وضرب مصداقيتها، تمهيدًا للتشكيك في قضية اللاجئين برمتها، وكأن من أخرجوا من ديارهم قبل سبعين عامًا كانوا أشباحًا، وكأن أبناءهم وأحفادهم فقدوا الحق في الوطن الذي طرد منه الآباء والأجداد.

وتساءل أبو الغيط: لو أن الأمر بهذه البساطة، ولو أن التاريخ يُكتب بهذه الصورة المجحفة، فعلام كان الصراع من الأصل؟ أليست القضية الفلسطينية، في جوهرها وأساسها، قضية أرض اغتُصبت وشعب شُرد لاجئاً ونازحاً؟.

وأكد، أن الموقف العربي واضح من قضية اللاجئين، وسقفه هو المبادرة العربية للسلام التي تبنتها القمة العربية في مارس 2002، بالتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه، وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، مع رفض كل أشكال التوطين.

ونفى «أبو الغيط» رفض العرب والفلسطينيين للتفاوض، بل هم سعوا إليه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، مضيفًا «أن ما نرفضه اليوم هو أن يُفرغ التفاوض من أي مضمون، وتُغلق قضاياه الرئيسة واحدة تلو الأخرى قبل أن يبدأ الحديث حولها، فهذا ليس تفاوضًا بأي حال، وإنما فرض لإرادة طرف، وترسيخ لواقع الاحتلال».

وأردف، أنه يخطئ من يظن أن إجراءات مثل غلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن، ستؤدي إلى تطويع الإرادة الفلسطينية، ومن يظن أن الفلسطينيين يقفون وحدهم، كما يخطيء من لا يُدرك دلالة تسمية القمة العربية الأخيرة في الظهران بقمة القدس.

وأضاف: «حقيقة الأمر أن من يريد عزل الفلسطينيين لا ينجح سوى في عزل نفسه»، مشيرًا إلى أن الإرادة الدولية اجتمعت في يونيو الماضي على استصدار قرار أممي (بتأييد 120 دولة واعتراض ثمانية دول فقط) يدعو لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني بعدما تعرض أبناؤه من المتظاهرين السلميين للقتل بدمٍ بارد على يد قوات الاحتلال،

ونوه، بموقف باراجواي بوضع المبادئ قبل المصالح، والحق فوق القوة، حيث قررت الحكومة الجديدة هناك في 5 سبتمبر الجاري الرجوع عن قرار اتخذته الحكومة السابقة بنقل سفارتها إلى القدس.

ووجه أبو الغيط، التحية باسم مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، إلى باراجواي ورئيسها الجديد «ماريو عبده»، الذي بادر بشجاعة واستقامة، إلى تصحيح الخطأ، وأعاد الأمور إلى نصابها، لافتًا إلى أنه أرسل له كتابًا بالأمس عبر خلاله عن مشاعر العرفان والتقدير التي يحملها العرب جميعًا لهذا القرار النبيل.

وراهن «أبو الغيط» على إرادة الشعب الفلسطيني، قائلاً: إن «الفلسطينيين سيخوضون معركتهم كما عودونا، بصلابة وإقدام، وهم يحققون انتصارات حقيقية على ساحة الدبلوماسية والرأي العام العالمي».

وتابع: «لا أحد في العالم يُقر بتفكيك منظمة ترعى نصف مليون طفل لاجئ في المدارس، وخمسة ملايين إنسان يحتاجون العمل والعلاج والغذاء، ولا أحد يقبل المنطق الإسرائيلي العنصري الذي يربط حقوق المواطنة بالديانة اليهودية، فيسلب 1.8 مليون إنسان من فلسطيني الداخل حقهم في أن يكونوا مواطنين كاملي المواطنة.. الضمير العالمي يأبى الإقرار بهذه المظالم، ونحن نراهن على أن يظل الاحتلال معزولاً ومكروهاً من الجميع».

وأشار إلى أن سنوات الشدة العربية ستستمر، ويتواصل في ذات الوقت صمود العرب في مواجهة التحديات والمخاطر، ولا زالت الأوضاع في مناطق الصراع تدعو للقلق الشديد، بل وتتصاعد خطورتها، كما في الحالة السورية، ومؤخرًا في ليبيا.

وتابع أبو الغيط: «على أن الأسوأ قد يكون وراء ظهورنا، فقريبًا سوف يحل وقتُ مداواة الجراح وإعادة البناء وعودة اللاجئين لديارهم، وإعادة إعمار ما تهدم، واستعادة روح الأمل والتحدي»، منوهًا بأن المدن التي دنستها جحافل العصابات الإرهابية الداعشية تتنفس نسائم الحرية من جديد، وها هو العراق يُحقق نصرًا غاليًا، ويُجري انتخابات تُعزز استقراره وسيادته على كامل التراب الوطني.

وأكد الأمين العام للجامعة العربية، أن قوى الإرهاب ما زالت كامنة في الأركان، وخلاياه رابضة في الشقوق، غير أن قدرتنا الجماعية على مواجهة هذا الفيروس الخطير قد تعززت بعد أن صارت لدى مجتمعاتنا إرادة النصر والصمود ودحر الإرهاب واستئصال شأفته».

واستكمل: «أن التاريخ سيذكر بكل الفخر التضحيات التي سطرها أبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية للدول العربية كافة في هذه المرحلة الخطيرة من أجل الدفاع عن أمننا وإنسانيتنا في مواجهة مغول العصر.

وأضاف: أنه «لا أحد منا يرغب في ضياع سوريا الوطن، ولا أحد منا يريد لسوريا الدولة أن تربح الحرب وتخسر الشعب، وكلنا يريد استعادة سوريا العربية التي نعرفها بتركيبتها السكانية التي نعرفها باستقلالها الحقيقي من دون تبعية أو تدخل خارجي»، مؤكدًا أنه لا مخرج حقيقيًا سوى بمصالحة جادة تشمل المجتمع بكل أطيافه وطوائفه؛ إلا مع من مارس منهم الإرهاب واستحل الدم ولا بديل عن عملية سياسية يشترك فيها الجميع وتجد فيها المعارضة المدنية المعتدلة تمثيلاً حقيقيًا، تحت مظلة الأمم المتحدة والقرار 2254.

وأوضح، أن الوضع في اليمن لا زال يعكس إصرارًا من ميلشيات الحوثيين، مستندين إلى حلفائهم في طهران، على التمترس خلف موقفهم الانقلابي ورفض أي حلول وسط، حتى أنها استنكفوا الحضور إلى المحادثات التي دعا إليها المبعوث الأممي في جنيف قبل أيام متذرعين بحجج واهية وإنهم يتحملون المسئولية عن معاناة الشعب اليمني، ويمثلون خطرًا داهمًا على الأمن العربي، خاصة في منطقة البحر الأحمر، يتعين الاستمرار في مجابهته والتصدي له.

ولفت إلى أن الوضع في ليبيا، تعرض مؤخرًا لانحدار جديد إلى العنف في طرابلس، وبما يبعدنا أكثر عن تحقيق التوافق الدستوري وعقد الانتخابات المنشودة، مضيفًا أن هناك ميلشيات وعصابات تقتات على الفوضى وتسعى إلى تمديد حالة الصراع لأنه لا حياة لها بغير استمرار فوضى السلاح وغياب السلطة والنظام العام وهؤلاء الانتهازيون يتحملون النصيب الأكبر من معاناة أهلنا في اليمن وليبيا.

وأشار «أبو الغيط» إلى منتدى التعاون العربي الصيني، الذي عُقد في بكين في شهر يوليو الماضي وانتهى إلى الخروج بإعلان بكين، وإعلان تنفيذي (عربي - صيني) يتعلق بمبادرة «الحزام والطريق»، مؤكدًا أن هذا المنتدى، وغيره من المنتديات المشتركة مع القوى الاقتصادية الرائدة في عالم اليوم، يُعد أولوية رئيسة على أجندة العمل العربي المشترك في المرحلة المقبلة، مشددًا على أن الجامعة العربية تحرص على توسيع دائرة الشراكات العربية مع العالم.

ودعا «أبو الغيط» إلى بذل أقصى الجهد في التحضير الجماعي الجيد للقمة الاقتصادية المقبلة، في بيروت المقرر انعقاده في يناير المقبل، مؤكدًا أهمية الحفاظ على دورية انعقاد القمة الاقتصادية كل أربعة أعوام، ذلك أن المرحلة المقبلة تستوجب توجيه العمل العربي الجماعي بشكل أكبر إلى هذا الجانب، سواء فيما يتعلق بتعزيز التعاون الاقتصادي أو تحقيق الربط بين خطط التنمية المختلفة، أو تنسيق الجهد المشترك لإعادة الإعمار.

وأكد أن الأمانة العامة للجامعة العربية، تسعى بكل ما أوتيت من جهد وما توفر لها من إمكانيات إلى الحفاظ على هذه القنوات الضرورية للتنسيق العربي الذي يشمل مجالات أوسع كثيرًا وربما أبعد أثرًا من السياسة.

ودعا الدول العربية، بألا تضع الأمانة العامة للجامعة العربية في موقف العجز أو التقصير بسبب غياب الإمكانيات أو ضعف الإرادة.

ونوه «أبو الغيط» بقوله «إننا نُشارف نهاية العام الجاري، ولم تتلق الأمانة العامة للجامعة العربية سوى أقل من نصف مساهمات الميزانية، وهو موقف لابد وأن يزعج كل حريص على العمل العربي المشترك، وكل من يعرف قيمة هذا العمل وتكلفة غيابه أو تراجعه».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved