الرسم للأطفال وحده لا يكفى

آخر تحديث: الجمعة 12 فبراير 2016 - 10:53 ص بتوقيت القاهرة

كتبت- دينا عزت:

سحر عبد الله: أطفال اليوم محرومون من متعة الخيال بسبب التكنولوجيا
غياب حصة الرسم عن جدول الحصص مأساة كبيرة
تجلس سحر عبدالله وهى تضع كتبها الملونة على المائدة وتفتحها ببهجة طفل يحب الألوان والقص واللصق، وتتحدث بحماس عن معنى الرسم والتلوين والقص واللصق وإطلاق الخيال للأطفال، وتأسى على ما صار إليه حال أطفال اليوم الذين فى أغلبهم لا ينعمون بما نعمت به أجيال سابقة من الأطفال، عندما كان الأب أو الأم يجلس إلى جوارهم، ليفتح لهم أبواب الرسم والتلوين وتشكيل منازل من المكعبات، وتركيب الميكانو وتكوين قطط من الصلصال.

الآن، تقول سحر عبدالله، بأسف، لم يعد لدى الأهل فى أغلبهم القدرة المادية فى ظل متطلبات الحياة الخانقة ولا الوقت لاصطحاب أطفالهم نحو آفاق الخيال والإبداع، وحتى إذا توافرت المقدرة المالية، فإنه لم يعد لدى الأهل فى الأغلب الاهتمام بهذه الألعاب المبهجة، لأنهم يقدمون لأبنائهم الأجهزة الإلكترونية بوصفها كل ما يحتاجونه.

لكن سحر عبدالله المولودة فى ١٩٨٠، كانت من هؤلاء الذين، كما تقول «لحقوا آخر وقت، الأهل كانوا لسه بيقعدوا فيه مع ولادهم يرسموا ويلونوا ويعملوا قص ولصق».

«إلى من لعب معى لعبة الألوان.. أبى»، هكذا أهدت سحر عبدالله كتابها الجامع بين الحكى والرسومات المبهجة، الذى صاغت كلماته وأنتجت رسوماته «حكايات فنون».

حكايات فنون هو واحد من أهم ما أنتجت سحر عبدالله فى عالم الرسم للأطفال فى رحلة بدأتها على مهل وفى ثقة مع تخرجها فى كلية التربية الفنية فى عام ٢٠٠٢، والتى بدأت برسومات لأحد أبواب مجلة قطر الندى التى تصدرها وزارة الثقافة للأطفال وصولا إلى عام ٢٠١٢، عندما قامت بدعم من المجلس الثقافى البريطانى، بإصدار كتابها «اللى هو كان حلم أنى أقدم للأطفال بصورة مبسطة لحد كبير قصص من تاريخ الفن التشكيلى المعاصر فى مصر».

فى كتابها تروى سحر عبدالله، قصة الطفل فنون الذى أعلنت مدرسته عن مسابقة رسم، وقرر الاشتراك فيها وعندما طلب مساعدة والده منحه كتابا عن جورج بهجورى قرأه لينام ويحلم ببهجورى يأتى له فى الحلم، وقد حمل معه أدوات الرسم وبدا فى مساعدته فى تعلم رسم الوجوه التقليدية مثل وجوه الفيوم والأيقونات التراثية، وفى فصل تالٍ يحلم فنون برسومات عدلى رزق الله للحيوانات – تلك التى جلبها والد سحر عبدالله لها فى طفولتها، وقام بتعليقها على حائط غرفة نومها – ثم بنرجس المرأة الجميلة فى رسومات حلمى التونى، ثم يحلم بالقط ميو – الذى تستنسخه الكاتبةــ الرسامة من قطها حميدو، وهو يحكى له عن تاريخ رسم القطط فى الفن المصرى منذ عصر الفراعنة وقصة تحية حليم التى كانت تحب القطط وتعزف لهم الموسيقى والتى أهدت الفنان بيكار قطة ولم تهده ورودا، لأن الأخيرة تذبل وتذهب سريعا، بينما القطط تعيش وتمنح الحب والدفء.

«إنها محاولة لتبسيط جزء من تاريخ الفن التشكيلى، حملتها مع الكتاب لورش حكى الرسم للأطفال فى القاهرة، وكانت تجربة ناجحة وجاذبة للأطفال، «تقول سحر عبدالله».

عبدالله تعتز بصفة خاصة بـ«حكايات فنون» ولكنها لا تنسى بدايات رسم باب «قلب واحد» عن القيم المصرية، التى تمتد من العصر الفرعونى وصولا للعصر الحديث مثل التسامح والكرم ولا تنسى رسوماتها للكتاب الذى تصدره قطر الندى ورسمها لكتب من تأليف نادر أبو الفتوح، التى كانت تستمع لقصصه ترويها أبلة فضيلة فى برنامجها الإذاعى الأشهر، وترى فى كل هذا الجهد محاولة لخرق القديم والتقليدى عن مفهوم الرسم للأطفال.

وفى عام ٢٠١٢، حصلت سحر عبدالله على جائزة الدولة التشجيعية وحقق اسمها تواجدا واضحا على الساحة الفنية، وكانت قد حققت قبل ذلك توسع فى الرسم للاطفال فى عدد من البلاد العربية.

وتقول سحر عبدالله، إنها لم تجد فروقا كبيرة فى الرسم للأطفال فى مصر عما كان عليه الحال للأطفال فى لبنان أو الكويت أو الأردن، لأن الطفل هو الطفل، والثقافة العربية بها مساحات كبيرة من التماثل.

وتضيف «إذا لم أرسم أطفالا بالزى التقليدى اتصالا بنص معين كما حدث فى تجربة لرسم كتاب مع كاتب من سلطنة عمان، فان الخط الحاكم للرسم هو العفوية والبحث عن البهجة حتى مع ما قد لا يكون بالضرورة غير مبهج».

وتصر سحر عبدالله، على أن غياب «حصة الرسم» عن التعليم الآن هو مأساة كبيرة بالنسبة للأطفال وإحدى المشكلات الكبرى التى يواجهها التعليم فى مصر، وتأمل فى أن يكون هناك جهد ما يفتح للأطفال مساحة للرسم والإبداع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved