«برلمان من زمن فات».. مكرم عبيد نصير العمال الذى اعتقله النحاس بعد معركة فى «النواب»

آخر تحديث: الأربعاء 14 يناير 2015 - 2:04 م بتوقيت القاهرة

كتبت ــ رانيا ربيع:

الرجل الوحيد الذى شيع جنازة الشيخ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، بجانب والده بعد أن منع البوليس السياسى آنذاك الرجال من المشاركة فى الجنازة، مكرم عبيد باشا، مواليد أكتوبر، 1889، صاحب المقولة الشهيرة «نحن مسلمون وطنا ونصارى دينا، اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك، وللوطن أنصارا.. اللهم اجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين».

كان مكرم عبيد باشا برلمانيا معروفا، وشارك فى الوزارات الثلاث التى تشكلت برئاسة كل من أحمد ماهر، والنقراشى فى عام 1946، وانتمائه كان وفديا مقربا من سعد زغلول باشا، وعندما توفى سعد أصبح مكرم عبيد باشا سكرتيرا لحزب الوفد.

ونشأت خلافات بينه وبين صديق عمره مصطفى النحاس، ولم تتفق المراجع التاريخية على أسبابها، فاعتبر البعض أن زوجة النحاس زينب الوكيل، سبب الخلاف، بينما رجحت مصادر أخرى السبب إلى دور محمد حسنين باشا، رئيس ديوان الملك، الذى لعب دورا فى الانشقاقات التى حدثت بين قيادات «الوفد».

بعد خلافات الصديقين قدم مكرم عريضة تضم مخالفات مالية تدين وزارة النحاس، عرفت لاحقا بالكتاب الأسود الذى روى فيه مشاهداته فى حزب الوفد ـ وقدمها كاستجواب لمجلس النواب ظل يعرضه لمدة ثلاثة أيام.

وكان الاستجواب دافعا لقيام النائب حسن ياسين، باقتراح إسقاط عضوية مكرم باشا من مجلس النواب، قائلا: «إن هذا الرجل الذى كان سكرتيرا للوفد وصديقا لمصطفى النحاس، وابنا لسعد زغلول، لم يعد جديرا بشرف النيابة»، وتم التصويت فى الجلسة نفسها، وبعد عدة أسابيع أصدر مصطفى النحاس باشا رئيس الوزراء، أمرا عسكريا باعتقال مكرم عبيد باشا، و تم اعتقاله بمقتضى الأحكام العرفية وأودع فى السجن.

مكرم عبيد من مواليد 25 أكتوبر 1889، وتوفى فى 5 يونيو 1961، بمحافظة قنا، لعائلة من أشهر العائلات القبطية وأثراها، درس القانون فى أكسفورد، وحصل على ما يعادل الدكتوراه فى عام 1912

فى عام 1913م عمل سكرتيرا للوقائع المصرية، واُختير سكرتيرا خاصا للمستشار الإنجليزى طوال مدة الحرب العالمية الأولى، ولكن بسبب كتابته رسالة فى معارضة المستشار الإنجليزى «برونيات» شارحا فيها مطالب الأمة المصرية وحقوقها إزاء الإنجليز، استغنوا عنه. فعُين أستاذا فى كلية الحقوق وظل بها عامين كاملين.

وفى عام 1919م انضم إلى حزب الوفد وعمل فى مجال الترجمة والدعاية فى الخارج ضد الحكم والاحتلال الإنجليزى وكان له دعاية نشطة فى إنجلترا وفرنسا وألمانيا، ولما نُفى سعد زغلول ثار مكرم عبيد وقام بإلقاء الخطب والمقالات مما تسبب فى القبض عليه ونفيه.

ويعتبر مكرم عبيد من المدافعين عن حقوق العمال ودعم فكرة الحد الأدنى لأجور العمال فى مصر، وتوازن الأجور مع الأسعار، وتوفير العلاج الطبى والتأمين الاجتماعى للعمال، وترتب على ذلك إنصاف العمال والموظفين والطبقات الكادحة، وواضع نظام التسليف العقارى الوطنى، كما أنه صاحب الأخذ بنظام الضريبة التصاعدية للدخل، وكان يقرن معنى الوطنية بتمصير ملكية الاراضى الزراعية ونزعها من الأجانب.

ودعم عبيد حرية الرأى والصحافة والاجتماع، واعتبر القيد الوارد على الحريات ـ وقاية النظام الاجتماعى، عبارة مطاطة تفسح لأى حاكم مستبد المجال للعبث بالحريات المقدسة.

وتحدث عن وجوب إلغاء الحبس الاحتياطى فى جرائم الرأى، وحظر إقالة الوزارة إلا إذا سحب البرلمان الثقة منها، وحظر إعلان الأحكام العرفية فلا يجوز إعلانها إلا إذا اشتبكت البلاد فى حرب فعلية داخل حدودها، على أن يحاط هذا الإعلان بالضمانات الدستورية والنيابية الواجبة، وعلى ألا تعلن الأحكام العرفية لمجرد قيام أسباب خطيرة يخشى معها اختلال الأمن لأن مثل هذه التعبيرات قد تسمح بالعبث فى التفسير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved