لا تتعجب إذا رأيت شخصا يحمل صقرا على يده.. «الشروق» مع أول فريق مصرى لـ«الصقارة»

آخر تحديث: الثلاثاء 14 نوفمبر 2017 - 7:14 م بتوقيت القاهرة

أحمد سعيد - عمر ياسر

خبير الجوارح المصرى يشكو من «ملاحقات البيئة» والوزارة تطاردنا

سامى: نحن أول فريق مصرى يمارس «الصقارة» بشكل جماعى

عصام: الناس تندهش من رؤيتنا حاملين للصقور على أيادينا.. و«الدعو والملواح» أول مراحل الانقضاض على الفريسة

كجزء من تراث ثقافى إنسانى واسع، أدرجت منظمة اليونسكو مهنة وهواية «الصقارة» ضمن قائمتها للعام 2010 للتراث اللامادى للإنسانية، باعتبارها «تترافق مع روح الصداقة والمشاركة، أكثر من اعتبارها مصدر رزق».

قديما، وقبل اختراع البنادق وأسلحة الصيد استخدم العرب، الصقور لصيد الطيور، وهى الهواية التى لازمت العرب حتى بعد دخولهم الإسلام، باعتبار أن الصقر هو الجارح الوحيد الذى يذبح الفرائس ولا يقتلها.

حديثا، وفى الإسكندرية، أسس مجموعة من شباب الصقارة «نادى الجوارح المصرى» عام 2011 كأول فريق مصرى يمارس «الصقارة» كتربية للصقور أو للصيد بها، بشكل جماعى.

أحمد سامى، الملقب بـ«صقر» ومؤسس الفريق يقول لـ«الشروق» إن شغفه بالصقور بدأ فى مراحل مبكرة من حياته، عندما كان يذهب لحديقة الحيوان ويشاهدها ويتأمل فيها، ثم يعود لرسمها فى المنزل، مبتسما يقول سامى: «لأجل الصقور تعلمت الرسم».
بعد نحو 12 عاما من التعلم والتجربة والبحث، وصل سامى إلى الاحتراف فى مجال «الصقارة» فهو يستطيع التفريق بين أنواع الجوارح من أسلوب وطريقة الطيران ومن حجمها وهى تحلق فى السماء، فالصقر على سبيل المثال يثنى جناحيه على هيئة حرف «V» فيما يفرد العقاب جناحيه على امتدادهما ليصل طولهما فى أثناء الطيران إلى مترين.

وعن رد فعل الناس عند مشاهدتهم يحملون صقورا على أياديهم، يقول أحمد عصام، أحد أعضاء نادى الجوارح كلامه قائلا: الاستغراب، هو أول رد فعل يبديه أى شخص يرى عضوا من النادى يحمل صقرا على يده، ويتجول به فى الشوارع، غالبا ما نرى شخصا يقتاد كلبا أو عصفورا أو حماما، ولكن أن ترى شخصا يحمل صقرا فهو أمر مثير للدهشة بكل تأكيد.

السبب فى رأى عصام يعود إلى اعتقاد بعض الناس أن تربية الصقور مهمة مستحيلة لأنه من الجوارح وآكلى اللحوم، ودائما ما نستقبل تساؤلات الناس فى الشارع عن الصقر «ليه وبكام ومن فين؟!»، ونحن نرد بصدر رحب لأن هذا من حق الناس علينا، أحيانا نستقبل بعض السخرية من الناس، لكننا لا نعطى بالا لمن يسخرون أو يسبون.

لم يجد أعضاء النادى فى البداية، أطباء بيطريين لعلاج الصقور حين تصاب بالمرض، فبحسب عصام، فإن معظم الأطباء البيطريين فى مصر متخصصون فى علاج الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب والحمام، ما اضطرهم كفريق إلى للجوء للبحث عبر الإنترنت عن الأمراض التى تصيب الصقور وكيفية علاجها.

خبرة أخرى فى مجال علاج الصقور قدمها محمود سامى أحد أعضاء الفريق ــ بعد التحاقه بكلية العلوم ــ بحكم دراسته معرفته بالتركيبات والوظائف الكيميائية لبعض المواد، استخدم خبرته فى محاولة تشخيص الأمراض ووصف الأدوية لها اعتمادا على بعض التركيبات والجرعات المختلفة، والتى تختلف من صقر لآخر.

يلتقط سامى طرف الحديث، فيقول لـ«الشروق»: إن دول الخليج العربى تولى الصقور اهتماما خاصا، يكاد يقترب من الاهتمام بالإنسان، وهناك العديد من المستشفيات المتخصصة فى علاج ومداواة الصقور وفحصها ومعرفة حالتها الصحية والعمرية عند شرائها.

تبدأ هواية الصقارة، من الصقر نفسه، بدءا من استئناسه وتدريبه والاعتناء به، قبل أن يتم استخدامه فى الصيد، وأهم حلقة فى تلك المراحل هى العلاقة القوية التى تجمع بين الصقر ومربيه، حيث يحرص المربون على السيطرة على الصقور وإقامة علاقات ورابط الثقة الروحية بينهم، وفقا لمحمد عصمت أحد أعضاء النادى.

يتابع عصمت لـ«الشروق» بعد استئناس الطائر تبدأ مرحلة من التدريبات تسمى «الدعو» وهى مجموعة من التدريبات والتمرينات تستهدف حث الصقر على الاستجابة لنداء صاحبه، عندما يناديه وهو يحلق فى السماء، وتتم على مراحل أولها التدريب فى المنزل، ثم ينتقل التدريب إلى الطبيعة.

ويضيف عصمت فى تلك المرحلة من «الدعو» يربط الصقار صقره، حتى يضمن عدم هروبه، ثم يعيد تدريب «الدعو» عدة مرات حتى يضمن الاستجابة الكاملة والتامة من الصقر، قبل أن تبدأ المرحلة الثانية من التدريبات وهى «الملواح».

الملواح، كما يبدو من اسمها اشتقت من «التلويح» بالإشارات، وهو عبارة عن قطعة جلدية مبطنة بالسفنج، فى حجم كف اليد، يربط فيها قطعة من اللحم أو الدجاج أو السمان، ويربطها المدرب فى يده ثم يقوم بالتلويح بها من بعيد للصقر، بهدف تدريبه على التحليق والهجوم والانقضاض على الفريسة، ثم حين ينقض الصقر على فريسته، يراوغه المدرب مرة أخرى مفلتا «الملواح» منه، مرة بعد أخرى، بهدف زيادة اللياقة والرفع من قدرته على الانقضاض على الفرائس، بحسب عصمت.

يواجه مربو الصقور عدة مشكلات، أبرزها المطاردة القانونية من وزارة البيئة، حيث يتم إلقاء القبض عليهم ومصادرة الصقور التى بحوزتهم، بزعم مخالفتهم لاتفاقية وقعت عليها مصر باسم «اتفاقية السايتس» التى وقعت عليها ودول العالم، بهدف حماية الحيوانات البرية من خطر الانقراض، والحد من استيرادها وتصديرها، والكلام على لسان أحمد سامى.

ويتابع سامى إن أعضاء النادى يدعمون اتفاقية «السايتس» التى وقعت عليها مصر ومن شروطها منع صيد الطيور البرية من بيئتها لحماية الطيور، فى إطار سعيهم للتعاون مع وزارة البيئة لتقنين هوايتهم التى يمارسونها، بهدف الوصول لحل قانونى لا يخل بالاتفاقية، خصوصا أن الوزارة استعانت بهم لرعاية بعض الصقور التى تمت مصادرتها فى أثناء تهريبها لضعف الخبرة عند كلافى حديقة الحيوان.

وأوضح سامى أن أسباب التهريب متعددة منها حب دول الخليج للصقور التى يتم اصطيادها فى مصر مثل الشاهين لحجمه وجمال شكله، ولأنهم يستخدمونه فى صيد فرائس كبيرة مثل طائر الحبارى الذى يأتى فى حجم ديك صغير، وأكمل أن ذكر الشاهين البحرى يسمى «الكراك» فى مصر، وأصغر حجما من الإناث، ورخيص السعر، ولكن أنثى الشاهين المعروف بشاهين 16 هى المطلوبة، وقد يصل سعرها إلى 750 ألف جنيه، ويصل حجمها إلى 16*16 بوصة تقريبا.

خبير فى تربية الصقور، قال إن بعض الصقور التى يتم مصادرتها، ليست من الأنواع النادرة، وإنما من الأنواع العادية غير المهددة بالانقراض، وخطر انقراضها بعيد جدا، وأبرزها «الشاهين».

ويتابع الخبير ــ الذى رفض ذكر اسمه ــ: إن الشاهين منتشر بشدة، ويعيش فى ناطحات السحاب فى الدول الأوروبية وكل ما يكتب من أخبار عن مصادرته أو مصادرة صقور نادرة، هو استغلال لقلة وعى القارئ عن الصقور وأيضا ترفق صور مع الخبر على أنها للصقور المصادرة، ويكتب أنها نادرة أو شواهين ولكن الصور لصقور غير نادرة وأغلبها مستوطن مثل الشرياص الذى لا يتعدى سعره الـ100 جنيه والوكرى الذى يصل سعره بحد أقصى 3000 جنيه أو شاهين «جبلى» سعره بخس وليس نادرا، وهو ما يجلب على صاحب الصقر قضية جنائية، تبلغ كفالتها 50 ألف جنيه.

ويتمنى الخبير تقنين الوضع القانونى لـ«الصقارين» وإشراف الدولة على المزارع والصقارين، فوفقا لهم، فبعض مواطنى الدول الخليجية يتمنون الصيد فى أرض مصر بصقورهم، ليس صيد الصقور بل يتمنون الإتيان بصقورهم لصيد الكروان والحمام أو الفرائس الصحراوية، وهو ما قد يعد مصدرا قد يدر ملايين على الدولة.

مصادر وزارة البيئة رفضت التحدث أو الرد على ما ورد فى التحقيق، على الرغم من محاولات الاتصال المتكررة عبر العديد من وسائل الاتصال.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved