«اقتصادية النواب» تكشف فسادا في جهاز تنمية التجارة الداخلية

آخر تحديث: الثلاثاء 14 نوفمبر 2017 - 2:02 ص بتوقيت القاهرة

كتب ـ محمد فتحي:

الجهاز تواطأ مع المستثمرين ومخالفات قانونية بالجملة.. وتلاعب بإقرارات الذمة المالية لوزير التموين الأسبق.. وطرح المتر من أراضى الدولة بـ29 جنيها بينما سعره المحدد 87.6.. وتوصيات بإحالة التقرير للنيابة والكسب غير المشروع.. وشبهات تعسف ضد الشهود

كشفت تحقيقات اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، فى الأنشطة الخاصة بجهاز تنمية التجارة الداخلية ومراجعة جميع أنشطة الجهاز، عن وجود مخالفات قانونية وشبهات فساد داخل الجهاز، وإهدار للأموال العامة، ووجود عملية تواطؤ واضحة من مسئولى الجهاز مع بعض المستثمرين، ضحيتها المال العام.

وأرسلت اللجنة التى ترأسها النائب مدحت الشريف تقريرها إلى مجلس الوزراء، وحصلت «الشروق» على نسخة منه، وأوضحت أن هناك تضاربا فى المصالح؛ بسبب تشكيل مجلس إدارة جهاز تنمية التجارة الداخلية، حيث أوضح التقرير أن قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 2008، نص على أن يضم بين أعضائه 3 من الغرف التجارية يرشحهم رئيس الاتحاد، و4 من المتخصصين وذوى الخبرة يختارهم وزير التموين.

لكن اللجنة كشفت فى شهر يونيو 2016، أن هناك 6 أعضاء من الغرف التجارية، حيث صدر قرار التشكيل متضمنا 4 أعضاء من الغرف التجارية و2 من ذوى الخبرة تم اختيارهما من الغرف التجارية، بالمخالفة للقانون.

وراجعت اللجنة تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات، ووجدت مخالفات قانونية؛ لقيام الجهاز بالتعاقد مع شركة الصالحية للاستثمار والتنمية لشراء الأراضى الزراعية بالأمر المباشر، وهو ما كبد الجهاز أعباء إضافية عند شراء أراض، بلغت نحو 45 مليون جنيه، متمثلة فى تدبير قرض من بنك الاستثمار القومى بـ20% ربحا، ويسدد أولا لشركة الصالحية.

واكتشفت اللجنة تلك المخالفات فى أثناء مراجعة الأوراق والمستندات الخاصة بما قام به الجهاز من عمليات طرح الأراضى وإجراءات البيع والتوفيق وما أصدره من كراسات شروط بشأن بعض الأراضى التابعة له فى بعض المواقع، فى طنطا ودمنهور والشرقية.

وحول أراضى محافظة الغربية بطنطا، أكد التقرير أن مساحتها الإجمالية 82 فدانا، وتسعير المكتب الاستشارى كان 87.6 جنيه للمتر، والتسعير للجنة المشكلة من الجهاز 88 جنيها للمتر، أما التسعير النهائى بعد العرض على الوزير ورئيس إدارة الجهاز فى نفس الوقت فكان 29 جنيها للمتر، حيث تقرر طرح مساحة الأرض بالكامل بنظام الأظرف المغلقة فى 6 مايو 2015.

وأكد التقرير أن طرح كراسة الشروط كان بتاريخ 6 مايو 2015 مما يعد مخالفا بالأساس، حيث إن تقدير سعر الانتفاع هو خطوة سابقة على الطرح وليس خطوة لاحقة، وقامت اللجنة بتقدير سعر حق الانتفاع السنوى للمتر بواقع 28 جنيها للمتر سنويا.

واستطرد التقرير: «تضمنت العقود إلزام الجهاز برفع كفاءة الطريق الرابط بين المنطقة التجارية والطريق الدولى، وطلب موافقة الجهاز على إقامة فندق ومدرسة طبقا لسابق طلبه من الجهاز بذلك على الرغم من أن هذه الأنشطة خارج نطاق أعمال التجارة الداخلية، وتقسيط مقابل حق الانتفاع للسنوات الثانية والثالثة، الأمر الذى قد يكلف الجهاز مبالغ طائلة حال اللجوء للتحكيم الدولى».

وأشار التقرير إلى أن الجهاز لم يتخذ أى إجراءات قانونية ضد المستثمر لإثبات حق الجهاز والرجوع على المستثمر طبقا لما ورد فى التعاقد، وهو ما يشير إلى عملية تواطؤ واضحة من مسئولى الجهاز مع المستثمر، ضحيتها المال العام.

وأكد التقرير وجود مخالفات خاصة بالتلاعب بإقرارات الذمة المالية الخاصة لوزير التموين الأسبق خالد حنفى، والذى شغل منصب رئيس الجهاز فى الفترة من 27 نوفمبر 2013 إلى 7 سبتمبر 2015، وتزامن هذا الإجراء الذى تم بتاريخ 25 أغطس 2016 مع تساؤلات عديدة حول الذمة المالية له وعن مصدر أمواله، بالإضافة إلى ثبوت التلاعب فى الذمة المالية لكل من «أحلام رشدى رئيسة الجهاز فى هذا الوقت وياسر عباس، القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة الجهاز».

وبناء على كل ما سبق، أعدت اللجنة عدة توصيات، أولها؛ إعادة تشكيل مجلس إدارة جهاز تنمية التجارة الداخلية، وفقا لما نص عليه القرار الجمهورة رقم 345 لسنة 2008 بإنشاء جهاز تنمية التجارة الداخلية، بحيث لا يزيد عدد أعضاء مجلس الإدارة من الغرف التجارية عن ثلاثة أعضاء تحت أى مسمى.

وقالت اللجنة إنها تتحمل المسؤلية القانونية عن المخالفات الواردة فى التقرير لرؤساء مجالس إدارات الجهاز وقيادات الجهاز فترة توليهم المنصب، كلٌ حسب مسئوليته المحددة وطبقا لموقعه الوظيفى.

وأوصت اللجنة بضرورة تحويل التقرير بجميع ملحقاته من وثائق وتسجيلات صوتية من خلال مضبطى اللجنة إلى النيابة العامة وجهاز الكسب غير مشروع والنيابة الإدارية للتحقيق فيما هو منسوب لكل من الموظفين العمومين والواردة أسماؤهم بهذا التقرير، بالإضافة إلى مراجعة جميع التعاقدات لاسترداد حقوق الدولة.

كما أوصى التقرير بإيقاف تحويل الأراضى الزراعية إلى أراضى مبان لإنشاء مراكز تجارية ولوجيستية والاعتماد على مساحات الأراضى التى تخصص وفقا للخريطة الاستثمارية المشار إليها بقانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 من الوزارات والمحافظات والأجهزة المعنية ذات الولاية على الأراضى.

وأكد التقرير ضرورة سرعة تفعيل منظومة السجل التجارة الموحد وإزالة جميع العوائق التى تمنع البدء بعمل هذه المنظومة والتى تم عرضها أمام اللجنة الاقتصادية لتفعيل المادة 50 من قانون الاستثمار والتى تنص على أن تلزم الجهات المختصة بتوفيق أوضاعها لتفعيل نظام الخدمات الإلكترونية لدى الهيئة وذلك بموافقتها بجميع المستندات والنماذج والبيانات، وربط أنظمة العمل وقواعد البيانات لدى تلك الجهات بنظام الخدمات الإلكترونية فى الهيئة وقاعدة بياناتها وذلك خلال 90 يوما من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون.

ونص على ضرورة محاسبة الموظفين العموميين الذين عملوا على إعاقة تنفيذ هذه المنظومة والتحقيق فى شبهات تأثير جماعات المصالح لإيقاف هذه المنظومة طبقا لشهادة العاملين بالجهاز والمذكرات الداخلية المرفقة بالتقرير.

وطالب التقرير بتوفير الحماية لجميع الشهود والخبراء الذين أدلوا بشهاداتهم أمام اللجنة، سواء كانوا موظفين عموميين حاليين أو سابقين حتى لا يضاروا نتيجة شهاداتهم.

وقالت توصيات اللجنة، إن هناك شبهة انتقام من اثنين حضرا أمام اللجنة كشهود، وهما مدير عام العلاقات الحكومية فى الجهاز العقيد جمال الدين على رزق، ومدير المكتب الفنى بقطاع الأراضى بالجهاز غادة أحمد محمد زيد، واللذين تم إنهاء تعاقدهما فى وقت لاحق من استدعائهما أمام اللجنة.

كما أوصى تقرير اللجنة بإيقاف الموظفين العموميين المنسوب إليهم مخالفات قانونية فى هذا التقرير عن العمل، لحين انتهاء إجراءات التحقيقات الجارية فيما هو منسوب إليهم من شبهات فساد، حتى لا يفسدوا الأدلة والمستندات أو محاولة الضغط على الشهود والمبلغين من العاملين بالجهاز لتغيير أقوالهم المسجلة بمضبطة اجتماعات اللجنة.

وأشادت اللجنة بالدور الفعال لرئيس الجهاز السابق اللواء محمد فايد للإجراءات الفاعلة للإصلاح خلال الفترة الوجيزة التى تولى فيها رئاسة مجلس إدارة الجهاز قرابة 3 أشهر رافضا تقاضى راتبه نظير العمل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved