القوافل الطبية «دعامة الحياة» للعمال بقناة السويس الجديدة

آخر تحديث: الخميس 16 أبريل 2015 - 12:35 م بتوقيت القاهرة

أ ش أ

وراء كل مشروع ناجح فريق عمل ناجح، مقولة تتحقق أمام عينيك إذا نظرت إلى المشروع القومي لحفر قناة السويس الجديدة، فبعد أن أعطى الرئيس عبد الفتاح السيسي إشارة البدء في حفر القناة الجديدة في 6 أغسطس 2014، تضافرت جهود كل مؤسسات الدولة التي حرصت على التنسيق فيما بينها والعمل كفريق واحد لإنجاح هذا المشروع الذي يعتبر أمل مصر نحو تحقيق التنمية الشاملة والازدهار.

ومنذ بداية تنفيذ المشروع وحتى الآن، عملت مؤسسات الدولة على توفير كل الخدمات اللازمة الصحية والغذائية واللوجيستية لجميع العاملين في المشروع الذي ينفذ تحت إشراف وتأمين القوات المسلحة. وكانت الخدمات العلاجية هى أولى تلك الخدمات التي تم توفيرها للعاملين بالمشروع.

ففي يوم 11 أغسطس 2014، دفعت وزارة الصحة بتجهيزات طبية في موقع حفر قناة السويس الجديدة شرق مدينة الإسماعيلية، وتم إقامة "أول مستشفى ميداني" لتوفير الخدمة الطبية للعاملين في الموقع.

وأرسلت وزارة الصحة عيادات متنقلة وعيادة معدة لإجراء العمليات الجراحية وسيارات إسعاف وفرق طبية على أعلى مستوى للعمل في "المستشفى الميداني" وتقديم الدعم الطبي للعاملين بالقناة الجديدة.

فمن جانبه، قال الدكتور عبد العزيز رفاعي، استشاري جراحة عامة، أحد الأطباء الميدانيين الذين شرفوا بالعمل في أول موقع تم إقامته عند "المنصة"، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، "نتعامل حاليا مع العمال الذين يعملون على الكراكات المتواجدة بقطاع القناة الجديدة خاصة بعد انتهاء مرحلة الحفر الجاف، كذلك مع العاملين في مشروع مدينة الإسماعيلية الجديدة".

وأوضح أن العمل يتبع إدارة القوافل الطبية بوزارة الصحة التي طلبت مؤخرا بالتعاون مع القائمين على المشروع تأمين ورش العمل التابعة للكراكات العاملة بالقناة الجديدة وبالتالي تم إقامة ثلاثة مواقع جديدة عند نقاط ثابتة وكل موقع به استشاري جراحة وطبيب تخصص باطني ومسعفين متواجدين على مدار 24 ساعة.

كما أكد الدكتور عبد العزيز أنه منذ بداية العمل بالقناة الجديدة وعدد الإصابات التي وردت إلى موقع "المنصة" قليل للغاية، حتى وإن حدث إصابات فهى إصابات لاتذكر، موضحا "في البداية كان يتراوح ما بين 30 إلى 40 حالة في اليوم من مختلف الأعمار وتعتبر حالات مرضية وليست إصابات عمل، من بينها حالات لنزلات برد وآلام روماتيزمية وآلام الظهر والعضلات خاصة في فترة الشتاء".

أما بالنسبة لعدد المستشفيات الميدانية بالمواقع المختلفة التابعة للمشروع، أشار الدكتور طارق مشالى، مدير إدارة القوافل العلاجية، إلى وجود ست مستشفيات ميدانية منتشرة على مستوى ال35 كيلو مترا بطول القناة الجديدة، موضحا أنه بعد الدفع بأول مستشفى ميداني يوم 11 أغسطس 2014 عند المنصة، تم إقامة ثاني مستشفى ميداني يوم 26 سبتمبر 2014 عند الكيلو 57 ترقيم قناة عند منطقة "الفردان"، ثم تم الدفع بمستشفى ميداني ثالث يوم 15 أكتوبر 2014 عند الكيلو 93 عند قرية "الأبطال".

وأضاف أن يوم 29 مارس 2015 شهد إقامة 3 مستشفيات ميدانية تخدم العاملين في أعمال التكريك على الكراكات الأجنبية عند الكيلو 65 و76 و88 ترقيم قناة.

وتتواجد غرفة العمليات فقط في موقع "المنصة" والذي يخدم أيضا العاملين بمنطقة جزيرة البلاح لأنهم على مسافة قريبة من موقع مستشفى المنصة، حسبما أوضح الدكتور مشالى، مشيرا إلى أن هناك متابعة دورية أسبوعية على جميع القوافل الطبية بالإسماعيلية التي تقدم الخدمات والأدوية اللازمة، حيث يوجد كل أنواع الأدوية وباستمرار هناك مؤشر قبل انتهاء دواء معين يتم الإخطار لتوريده قبل نفاذ الكمية.

ولفت إلى أنه حتى الآن، تم الكشف على 8 آلاف و 548 حالة، ولأن العمل بالمشروع متواصل صيفا وشتاء، فقد كانت الإصابات خلال فترة الشتاء مرتبطة بنزلات إنفلونزا أو نزلات معوية، أما في الصيف فالإصابات تنوعت بين لدغ عقرب وضربة شمس أو أمراض جلدية، مضيفا أن المصاب الذي يحتاج متابعة لفترة أطول أو عمل فحوصات وآشعة يتم تحويله لمستشفى الإسماعيلية العام أو مستشفى جامعة قناة السويس.

ووفقا لآخر إحصائية تم إرسالها لوزارة الصحة، تردد على موقع "المنصة" منذ يوم 11/ 8/ 2014 (4517) حالة، وإلى موقع "الفردان" بالكيلو 57 ترقيم قناة منذ يوم 26/9/2014 (1585) حالة، والى موقع "الأبطال" عند الكيلو 93 منذ يوم 15/10/2014 (1834) حالة، وإلى المواقع الثلاثة الجديدة: منذ يوم 29 / 3/ 2015 أولا إلى موقع الكيلو 65 (85) حالة وعند الكيلو 76 (134) حالة وعند الكيلو 88 (119) حالة.

وعن كيفية رصد الحالات المصابة في مختلف المواقع، أوضح الدكتور علي العمار، مسئول المعلومات بالقوافل العلاجية بالإسماعيلية وفي موقع حفر قناة السويس - لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أنه يقوم بتسجيل ورصد كل حالة مصابة في المواقع أولا بأول ويطلع الوزارة في نفس اليوم على آخر أعداد المصابين التي تم رصدها.

وتابع: "حالات الإصابة بلدغ العقرب يتم التعامل معها في الحال من خلال الأمصال المتوفرة في المواقع وحسب قرار الطبيب المعالج إذا رأى ضرورة تحويل الحالة للمستشفى لمتابعة طبية لفترة أطول أو إجراء آشعة فيتم إرسالها بعربة الإسعاف لمستشفى الإسماعيلية العام أو مستشفى جامعة قناة السويس ويقدم لها خدمة كاملة".

كما لفت إلى وجود خمس حالات وفاة بين العاملين بالمشروع، "تم تسجيل خمس حالات وفاة فقط في الأشهر الأولى من المشروع إثر إصابة عمل، لكن وزارة الصحة هى الجهة الوحيدة المعنية بنشر أسماء المتوفين واطلاع ذويهم".

وفي الوقت نفسه، أكد الدكتور حسن آمال عبد القادر، منسق القوافل الطبية بالمشروع وجود حالة وفاة واحدة بين الأطباء الميدانيين للدكتور سامى أحمد شحاتة الذي توفى إثر أزمة قلبية أثناء فترة عمله بموقع المنصة في أكتوبر الماضي.

وقال الدكتور حسن "الطبيب الميداني المعالج متواجد على مدار الأربع والعشرين ساعة في المواقع الستة، ولا يوجد أي نقص في الأدوية اللازمة فقد يتم توريدها بالتنسيق مع وزارة الصحة". هذا ما أكدته من جانبها الدكتورة شيماء مصطفى درويش، مسئولة على توفير وتوريد الأدوية.

وأوضحت الدكتورة شيماء "لدينا أكثر من 65 صنف دواء لمختلف الأمراض المزمنة والعارضة ومضادات حيوية ومسكنات، بالإضافة إلى أدوية الإسعافات الأولية وتنوعت الحاجة للأدوية من فصل الشتاء عن فصل الصيف، ففي الشتاء تم توريد مسكنات ومضادات حيوية لعلاج النزلات الشعبية والبرد، أما في فصل الصيف، فكانت أدوية النزلات المعوية والرمد والجلدية وضربات الشمس هى الأكثر احتياجا ".

ولفتت إلى التنسيق المستمر بين إدارات القوافل في جميع المحافظات وإلى روح الفريق الواحد السائدة في العمل تحت إشراف الدكتور حسن آمال عبد القادر منسق القوافل الطبية، قائلة "لو لم نكن فريق عمل ناجح لما استطعنا القيام بواجبنا ولما قدمنا شيئا للبلد، وأنا سعيدة بعملي وسط هذا الفريق الناجح وفي ظل روح التعاون السائدة".

تسود روح السعادة والفخر بين كل أعضاء الفريق الطبي، بل ورغبة كبيرة لدى الجميع في العمل بهذا المشروع القومي بالرغم من الصعوبات التي واجهت الفريق في البداية وعدم وجود إمكانيات في الشهور الأولى، خاصة بالنسبة للأطباء الميدانيين الذين قاموا بتوفير كل ما يلزمهم بمجهودهم الشخصي، من إقامة مطبخ وشراء مواد غذائية وكل الاحتياجات الضرورية للإقامة الدائمة على مدار 24 ساعة.

وقد واجه الأطباء الميدانيون مشاكل عدة في بداية الحفر منها مشكلة عدم وجود كهرباء ونقص المياه. في هذا الشأن، أوضح الدكتور عبد العزيز رفاعي الطبيب الميداني: "بالنسبة للكهرباء يتم الاعتماد على المولدات الخاصة الموجودة في كل عربة لكن لا يمكن تشغيلها على مدار 24 ساعة، أما المياه فهى مشكلة يصعب حلها حيث لا يوجد خطوط مياه متدفقة 24 ساعة، لكننا نلجأ إلى المقاولين لجلب عربية مياه أو نطلب من القائمين على تأمين الموقع شراء زجاجات مياه كافية تلك مشاكل غير مقصودة لكنها متواجدة ونحن نحاول أن نتعايش معها".

وأردف قائلا: "بالرغم من تلك المشاكل إلا أنني سعيد بوجودي هنا ولا أشعر بالعزلة إطلاقا، فقط سعيد بأن أكون سببا لشفاء عامل حتى يستطيع العودة للعمل، ولا أريد العودة للقاهرة، هل هناك في القاهرة هذا الطقس الجميل وهذا الهدوء! بالطبع لا، لذلك سأظل إن شاء الله حتى آخر المشروع هنا وأتمنى أن أشهد حفل الافتتاح وأرى أول سفينة تعبر قناة السويس الجديدة".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved