مدير تطوير القاهرة التاريخية لـ«الشروق»: لا يوجد أي تهديد من اليونسكو بوضع القاهرة التاريخية بقائمة التراث المهدد

آخر تحديث: الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 4:23 م بتوقيت القاهرة

حوار – مصطفى ندا

في زيارة الشروق إلى مكتب محمد عبد العزيز مدير تطوير مشروع الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية من داخل جدران قلعة صلاح الدين الأيوبي تحدث إلينا عن أبرز الأزمات التي واجهت مصر والجهات المسؤولة منذ أن تم إدراج القاهرة التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي عام 1979 من وجهة نظره كمسؤول تابع للوزارة وطرف في المعادلة.

وبسؤاله عن وجود أي وثيقة أو مستند يتضمن تهديد من اليونسكو بإدراج القاهرة التاريخية ضمن قائمة التراث المهدد في حال عدم التزام الحكومة المصرية بالجدول الزمني للمشروع المقرر تسليمة لليونسكو في فبراير 2015، وفقا للحدود الجديدة للمدينة الأثرية التي وضعها المشروع في خرائطه.. قال لا توجد أي وثيقة تفيد بإدراج القاهرة التاريخية على قائمة التراث المهدد وأن وزارة الآثار تقدم تقارير سنوية لليونسكو عن مستجدات أعمال الترميم الخاصة بالمناطق الأثرية في تلك المنطقة بشكل اعتيادي ولا يوجد أي ظرف استثنائي كما يتم تناوله في الأوسط الإعلامية.

وأشار عبد العزيز إلى أن فكرة إدراج مواقع أثرية ضمن قائمة التراث العالمي المهدد بوجه عام هو أمر غير كارثي بالمرة كما يتصوره البعض في مصر، بل إنها فائدة كبرى تتيح الفرصة لجمع التبرعات والأموال بواسطة منظمة اليونسكو لتقديم الدعم لتلك المواقع الأثرية المهددة في حال تعثر الحكومات المحلية عن توفير المصادر المالية اللازمة لأعمال الصيانة والترميم.

وأضاف أن هناك دولا بعينها تطالب اليونسكو بإدراج مواقعها الأثرية ضمن قائمة التراث المهدد من أجل الاعتناء بها وتوفير الدعم المادي لها من الخارج وهو ما لم تقم به السلطات المصرية حتى وقتنا هذا.

وتابع عبد العزيز: القاهرة التاريخية مر عليها أكثر من ثلاثون عاما منذ أن تم إدراجها ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي وأن مظمة اليونسكو على دراية كاملة بالأزمات التراكمية التي تعاني منها المدينة القديمة من البنية التحتية المتهالكة وعدم وجود موارد مالية كبيرة لدى الحكومة المصرية للقيام بعمليات الترميم اللازمة على أكمل وجه، كذلك الوعي المنخفض لدى السكان القاطنين بتلك المنطقة وسط العشوائيات التي أقاموها بجوار المواقع الأثرية والتي أثرت على المدينة بشكل كبير بالسلب.

وأوضح عبد العزيز أن الإجراءات التي قام بها طاقم البحث التابع لليونسكو منذ انطلاق فعاليات المشروع في 2010 تمثلت في دراسات ومسح ميداني لمدينة القاهرة التاريخية بكاملها، مع وجود توصيات أو إرشادات للجهات المعنية في مصر.

وفيما يتعلق بحملة "أنقذوا القاهرة" التي طالبت بتشكيل كيان موحد لإدارة المشروع، قال عنها عبد العزيز إن الوزارة والجهات المعنية بالأمر تؤيد رؤيتهم تجاه إحياء القاهرة التاريخية.

وإلى نص الحوار:

ما هي حدود القاهرة التاريخية؟

منذ عام 1979 لم يكن للقاهرة التاريخية أي معالم أو حدود جغراقية واضحة وبناء على هذا القول فقد بدأت خطوات العمل في مشروع الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية بالتعاون مع اليونسكو بدءا من 2010 وآخر ميعاد للمشروع كان في 30 سبتمبر 2014 وكان من ضمن إجراءات المشروع وضع خطة لإدارة الموقع الأثرية بالقاهرة المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي ووضع خريطة واضحة الحدود والمعالم وعمل قاعدة بيانات للمشروع فيها من خلال مسح ميداني لجميع المناطق التي شملها الموقع، ومن المنتظر اعتمادها من وزارة الآثار والحكومة المصرية بعد أن انتهينا من الخريطة اللازمة لترسيم الحدود لحين إقرارها في أول اجتماع للجنة الوزارية التي شكلها المهندس ابراهيم محلب.

ما هي الخطوات التي تمت بالفعل تجاه ترميم الآثار منذ مباحثات اليونسكو مع الحكومة المصرية في 2010 بخصوص المشروع؟

قال "مدينة القاهرة التاريخية تحتوي على مشكلات أساسية، منها النظافة والبنية التحتية والمياه الجوفية والهيكل الإداري السيئ وبعض المباني الأثرية المتهالكة بحكم الاستخدام السلبي وهناك 700 مبنى أثري في أحياء القاهرة التاريخية معظمهم يتم استخدامهم مثل المساجد التي يقام فيها الشعائر الدينية ما يؤثر بالسلب على المباني وعلى حالتها"، مطالبا بالتدخل السريع.

وتابع: "بعد زلزال عام 92 تم حصر 143 مبنى أثري من قبل وزارة الآثار قد تعرضوا لآضرار من جراء الزلزال وتم تقسيمهم لأربعة مراحل للترميم وأعمال الصيانة وتم الانتهاء من 76 مبنى وجاري التعامل مع 16 مبنى آخر ولكن المعضلة الحقيقية تتمثل في التمويل الذي لم يعد متوفر بعد ثورة يناير والظرف السياسي الغير مستقر في مصر."

وأوضح بدء مشروع القاهرة التاريخية من 99 إلى الآن وتوقف بسب مشكلة التمويل وهناك خطة ودراسات تفصيلية؛ لكيفية الحفاظ على التراث من خلال الخبراء المصريين الذين سوف يكون لهم السبق في الموضوع.

هل هناك جدول زمني يجب أن تلتزم به الحكومة المصرية لتسليم مشروع الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية لليونسكو في فبراير 2015 وهل هناك أي وثائق تهديد من اليونسكو فيما يتعلق بإدراج القاهرة التاريخية ضمن قائمة التراث المهدد؟

لا يوجد أي تهديد من اليونسكو بوضع القاهرة التاريخية على قائمة التراث المهدد وموقع اليونسكو متاح للجميع لمن يريد أن يتأكد من ذلك والفكرة تتمثل في أن موقع القاهرة التاريخية مسجل منذ عام 1979 وحتى الآن وهناك توصيات من اليونسكو للاعتناء بالآثار وترميمها خلال تلك الفترة وهناك تنسيق كامل مع اليونسكو ولا يوجد أي تهديد يخص القاهرة التاريخية باستثناء التوصيات الضرورية للحفاظ على الموقع ومن خلال مشروع الإحياء العمراني تم تلافي العديد من المشكلات منها حدود المدينة الأثرية.

كما أن شطب موقع يحتاج إلى سنين وإجراءات طويلة لأن اليونسكو في أولى خطواته لشطب أي موقع من التارث الإنساني العالمي يصدر توصيات لأي دولة كانت وإذا رأى عدم استجابة من الحكومة وشعر بخطر حقيقي يهدد الموقع يرسل الخبراء وهناك فعاليات تقام للاهتمام بالأثر ووسائل جديدة يتم استخدامها للحفاظ على الموقع، والقاهرة التاريخية يوجد بها مباني أثرية مميزة يدرك قيمتها اليونسكو وهناك شوارع تاريخية مازالت محتفظة بقيمتها التاريخية مثل شارع المعز ومنطقة الجمالية، فضلا عن ما يوجد بها من أنشطة تجارية وحرف تقليدية.

وبعض المناطق التي حدث بها تجاوزات داخل القاهرة التاريخية تتعامل معها وزارة الآثار بحرفية كما أن اليونسكسو شددت في بعض التوصيات تجاه القاهرة التاريخية بسبب الظرف السياسي الغير مستقر في مصر بعد ثورة 25 يناير وطيلة الفترة الماضية لم يتم ارسال أي تقرير يخص القاهرة التاريخية لليونسكو ومن المعروف لدى كثير من الناس بأنه من الضروري تقديم تقرير سنوي لأي موقع سواء مهدد أو غير مهدد وما وصل إليه الموقع من تدهور أو حفاظ إذا كان هناك حفاظ على الموقع. وبعد الثورة كوزارة آثار استمررنا لمدة عامين غير قادرين على تقديم أي تقارير بسب المتغيرات الإدارية نتيجة الظرف السياسي فضلا عن الانفلات الأمني الذي لفت انتباه سلطات اليونسكو، وبالتالي تولد لديها الشعور بالخوف على تلك المواقع الأثرية.

وقد أرسلنا آخر تقرير السنة الماضية في 2013 إلى منظمة اليونسكو قدمنا من خلاله شرحا وافيا لحالة الموقع والمشاكل المحيطة به فضلا عن الإجراءات الحكومية التي تم اتخاذها بمنتهى الشفافية وامهلونا مدة عامين لكي نقدم خطة واضحة للحفاظ على الموقع وفي شهر فبراير القادم من عام 2015 وعرضه على مؤتمر الدول المانحة لنحصل على التمويل المناسب لتطوير القاهرة التاريخية ونحن على استعداد لتقديم تقرير يتخلله رؤية متاكمله لموقع القاهرة الترايخية.

منطقة الدرب الأحمر.. لماذا يسلط عليها الضوء في تقارير اليونسكو أكثر من المناطق الأخرى وما أوجه القصور بها؟

تركيز اليونسكو انصب على منطقة الدرب الأحمر لأنها مهمة جدا في قلب القاهرة التاريخية وتحوي مباني أثرية كبير وكثيرة وكان هناك مشروع قد أعد خصيصا بين زوارة الآثار ومؤسسة الأغاخان للحفاظ على منطقة الدرب الأحمر ولكن توقف المشروع لظروف معينة متعلقة بالتمويل والمنحة القادمة من اليونسكو، فضلا عن الظروف الاقتصادية السيئة التي لحقت بمصر بعد ثورة يناير 2011 مع التعديات والمباني الشاهقة التي تجاوز العشرة أدوار في تلك المنطقة على الرغم من وجود قوانين محددة لعدد أدورا البنايات السكنية والذي أثر بالسلب على معالم القاهرة التاريخية.

وبالفعل تم إزالة بعض التعديات منها 12 عقار مخالف في منطقة الدرب الأحمر بالتنسيق مع محافظة القاهرة.

ما هي معالم التخطيط لتطوير القاهرة التاريخية وفقا للخطة المطروحة من قبل وزارة الآثار والجهات المعنية الآخرى؟

الخطة مقسم على أكثر من مرحلة وفي المرحلة الأولى نهتم بالمباني الأثرية التي تعرضت لأضرار وفي حاجة لإعادة النظر لترميمها بعد التوصيات الخاصة بمنظمة اليونسكو ويأتي في المرحلة الثانية الآثار ذات الطراز المعماري المميز ويهتم بها جهاز التنسيق الحضاري ووفقا لموقع القاهرة التاريخية الذي أصبح تراثيا يستلزم الاعتماد في الخطة المقررة على النسيج العمراني للمدينة بأثرها بما تحويه من مباني أثرية ومباني معمارية ذات طراز مميز أو المباني الجديدة وكذلك وحدات الإنارة وسفلتة الشوارع والبنية التحتية.

ومسألة التطوير تتم وفقا لأولويات وأهمية الموقع الأثري وهذا ما يبرر اهتمامنا يتطوير شارع المعز لدين الله الفاطمي ثم حي الجمالية لأنهم بمثابة الواجهة الحضارية للقاهرة التاريخية ومن ثم الانتقال لباقي المواقع الأخرى بناء على التمويل والدعم المقدم لتلك الأحياء والمناطق الأثرية.

ولكن عملية التطوير لا تمثل فائدة على الإطلاق إذا ظل الوعي المتدني للمقيمين في تلك الأحياء التاريخية الذين لا يهتمون بنظافة الشوارع ويتسببون في إتلاف شبكة الصرف الصحي فضلا عن حالة الانفلات الأمني وما يحدث من بلطجة بين أصحاب الأنشطة التجارية من أجل ترويج بضاعة كلا منهم في الشوارع التاريخية وهذا الأمر يخل بمنظومة إحياء القاهرة التاريخية ويمثل التهديد الحقيقي عليها.

ويكفي ما حدث في شارع المعز عندما قمنا تجديد أسوار الشارع والدهانات المميزة وتعرضنا للصدمة بعد الكتابة عليها وتشويهها من شخص يدعى فاندام وبوتشر.

ما هي الأموال التي حصلت عليها الحكومة المصرية من منظمة اليونسكو للإهتمام بمشروع الاحياء العمراني للقاهرة التاريخية؟

اليونسكولم تعطي أي دولة تمويل ويقتصر الأمر على إمداد الدول الأعضاء بها ببعض الخبرات والدراسات الفنية التي تساعدها في إدارة المواقع التراثية التي تخص تلك الدول ونحاول الحصول على سبل تمويل غير تقليدية من خلال فرص الاستثمار وعائد السياحة وتخصيص جزء منه للحفاظ على القاهرة التاريخية.

البعض أشار إلى أن الترميم الذي حدث مؤخرا لجامع الجيوشي في منطقة المقطم أدى إلى إخفاء المعالم التاريخية لذلك الجامع الأثري؟

أعمال الترميم الخاصة بالجيوشي ليست من اختصاص إدارة القاهرة التاريخية  وما يتعلق بالجوامع الأثرية الأخري مثل جامع بن طولون والسلطان حسن والصالح طلائع وتغريبردي تؤول ملكيته لوزارة الأوقاف من حيث التمويل، وهي المسئولة عن إعادة ترميم تلك الجوامع الأثرية والحفاظ على تراثها المعماري من خلال مصادر التمويل التي تأتي إليها من قبل الجهات الحكومية، أما الإشراف فيخضع لوزارة الآثار.

ما هي الخطوات التي تلت تطوير شارع المعز لدين الله وما هي أبرز الأزمات التي تواجهكم؟

منطقة الجمالية كانت على رأس أولويتنا ضمن خارطة الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية واعتمدت فكرة تطوير منطقة الجمالية على الوصول إلى المنسوب الأثري القديم لإظهار ما دفنه الزمن من شواهد تاريخية موجودة بالمنطقة.

وتم الانتهاء من المرحلة الأولى من تطوير المنطقة والتي شملت شارع المعز لدين الله الفاطمي من باب الفتوح وحتى مجموعة قلاوون وساحة بيت القاضي وإنشاء مبنى الكافتريا وإعداد الساحة أمام قسم الجمالية.

وجاري الآن العمل بالمرحلة الثانية من التطوير الحضري لمنطقة الجمالية والتي تشمل إستكمال شارع المعز لدين الله الفاطمي من مجموعة قلاوون وحتى باب زويلة عند منطقة باب الخلق وكذلك شارع الجمالية من باب النصر وحتى المشهد الحسيني وجميع الشوارع الجانبية التي تصل بين شارعي الجمالية والمعز والتي من المقرر أن تنتهي في 31/10/2014.

وينقسم مشروع التطوير الحضري للجمالية إلى قسمين رئيسيين وهما مشروع التطوير الحضري لمنطقة الجمالية والمشروع الآخر وهو مشروع إحلال وتجديد مرافق الجمالية. علما بأن التكلفة الإجمالية لمشروع التطوير الحضري 30 مليون جنيه يساهم فيها صندوق الإنماء العربي الكويتي بمبلغ 15 مليون جنيه على مرحلتين بواقع 600 ألف دينار كويتي والتكلفة الإجمالية لمشروع المرافق20 مليون جنيه.

وتوقف المشروع فترة ما بعد الثورة للعديد من المشاكل منها مشكلة التمويل اللازم لإنهاء باقي الأعمال.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved