رئيس لجنة صياغة قانون التأمين الصحي الجديد لـ«الشروق»: الثقة انعدمت في مستشفيات وزارة الصحة

آخر تحديث: السبت 23 يوليه 2016 - 11:14 ص بتوقيت القاهرة

أسماء سرور

- «التأمين الصحي» هو القانون الحلم.. ويمكن تحقيق أولى مراحله بـ12 مليار جنيه

- مشروع علاج غير القادرين تفتيت للقانون و«فرقعة إعلامية» ابتدعه الإخوان

- 10% فقط من المستشفيات الخاصة فى مصر قادرة على الحصول على شهادة الجودة

قال د. عبدالحميد أباظة رئيس لجنة صياغة قانون التأمين الصحى الشامل الجديد، إن اللجنة سلمت مشروع القانون ولائحته التنفيذية لوزير الصحة د. أحمد عماد، منذ أسبوعين، ومن المقرر الانتهاء فى أغسطس المقبل من وضع قانونين مكملين للقانون الأساسى وهما خاصان بهيئتى الرعاية الصحية والجودة.

وأضاف أباظة فى حواره مع «الشروق» أن اللجنة عدلت 10 مواد لاعتراض اتحاد المهن الطبية عليها، من إجمالى 12 اعتراضا، بينما تم الإبقاء على المادة الخاصة بمساهمات المنتفعين مع تعديلها ليكون الحد الأقصى لها 5% بدلا من 20%، مشددا على أنه لا خصخصة للمستشفيات.
واعتب أباظة أن التأمين اصحى هو القانون الحلم الذى يمكن تحقيقه إذا التزمت الدولة بتوفير 3.5% من الناتج القومى وفقا لما نص عليه الدستور، موضحا أن التكلفة الإجمالية للتطبيق نحو 120 مليار جنيه، وأن القانون يطبق بشكل تدريجى على فترة من 7ــ 10 سنوات، أى ان الدولة تحتاج سنويا نحو 12 ميار جنيه.
ورفض أباظة قانون التأمين الصحى على الفلاحين، كما رفض مشروع ضم غير القادرين تحت مظلة النظام الحالى، مؤكدا أن ذلك تفتيت للقانون الرئيسى.. وفيما يلى نص الحوار:

ــ بداية.. متى بدأت اللجنة عملها؟ ومن هم أعضاؤها؟
ـ اللجنة بدأت بعد ثورة 25 يناير 2011 وشكلها د.أشرف حاتم فى فبراير 2011، وتضم 15 عضوا ممثلين لأطياف المجتمع بصفة عامة، وأخذنا مشروع قانون التأمين الذى كان موجودا فى 2010، وتم تغيير ملامحه لوصول إلى قانون جديد واستمرت اللجنة فى عملها حتى انتهت من وضع مشروع للقانون فى 2015، ثم توقفت فى عهد د. محمد مصطفى حامد، وزير الصحة فى حكومة الإخوان بسبب اعتراضنا على ما أعلنه الوزير عن اليات تطبيق القانون مخالفة لما تم وضعه.

ــ ومتى عادت اللجنة لعملها؟
ـ لم يحظ التأمين الصحى باهتمام الوزراء بعد ثورة 30 يونيو ولا أعرف ما إذا كان سبب ذلك سياسيا أو ماديا، كما ان اجتماعات اللجنة توقفت لأن وزراء الصحة فى حكومتى حازم الببلاوى ومحلب عينوا أنفسهم رؤساء للجنة، ولم يدعوها للانعقاد، بل أعطوا القانون إلى مجموعة من العاملين فى وزارة الصحة وعضوين فقط من اللجنة ووضعوا قانون مشوه وفقا لتعليمات الوزير آنذاك، وحينما خرج القانون للنور لاقى هجوما شديدا، مما دفع د. أحمد عماد، وزير الصحة الحالى لإعادة تفعيل اللجنة واجتمعت واخذت هذا القانون وحذفت النقاط الخلافية عليه وأصلحته وانتهى القانون وتم تسليمه للوزير فى مارس الماضى، ثم اللائحة التنفيذية منذ أسبوعين.

ــ متى سينتهى إعداد هذه القوانين المكملة؟ وعرضها على البرلمان؟
ـ منتصف أغسطس المقبل، لكن لا أعرف يقينا موعد عرضه على البرلمان، وعرفت أن أعضاء لجنة الصحة فى المجلس حصلوا على المسودة ووصلت البرلمان بشكل غير رسمى، وأتوقع أن يكون عرضه خلال شهر أكتوبر، لأن القانون له خطوات محددة وهى العرض فى مجلس الوزراء ثم مناقشتها من لجنة وزارية مختصة، ثم ترفعه إلى مجلس الدولة لمراجعة الديباجة القانونية والدستورية، ثم تعود مجددا لمجلس الوزراء لإحالته لمجلس النواب.

ــ هل تم إعادة النظر فى الملاحظات التى أبداها اتحاد المهن الطبية؟
ـ اللجنة وصلها 12 اعتراضا، تم تعديل وتوضيح 10 منها، مثل النص على ان الهيئات الثلاث التى تنشأ بموجب القانون غير هادفة للربح، وأن من يتحكم فى الاسعار هو هيئة التأمين الصحى الجديدة بسبب التخوف من تغول القطاع الخاص وتحكمه فى الاسعار، بينما تم الإبقاء على مادة واحدة، وكان الاعتراض الاخير من الصيادلة لعدم ذكرهم فى القانون، لكن حقيقة لم نجد مجالا لذلك.

ــ ما هى المادة التى تمسكت اللجنة بها؟
ـ تمسكنا بالمادة الخاصة بالمساهمات، وفى البداية انقسم آراء اللجنة حولها، بعض أعضاء اللجنة أيدوا إلغاءها، لكن غالبية الأعضاء رأوا ضرورة الإبقاء عليها، واستجابة لطلب النقابات تم خفض المساهمات، من 20% فى نسبة تتراوح بين 1 و5% فقط، ووضعنا حدا أقصى وهو 50 جنيها على الدواء والمعامل والإشعات مهما كان سعرها.

ــ البعض يرى أن اشتراط القانون حصول المستشفى على شهاة الجودة باب لمحاباة المستشفيات الخاصة على حساب المستشفيات الحكومية؟
ـ معايير الجودة إذا طبقت 60% من مستشفيات الدولة تستطيع الحصول عليها، و10% فقط من المستشفيات الخاصة، على عكس ما يعتقد الكثيرين، لأن الجودة ليست المقابلة الحسنة والنظافة، لكنها تضم بنودا كثيرة وتحتاج إلى كيانات كبيرة، فإمكانيات المستشفيات الحكومية أعلى كثيرا من المستشفيات الخاصة، كما ان اغلب الاطباء العاملين فى القطاع الخاص من القطاع الحكومى.

ــ ماهى المدة التى تستغرقها المستشفيات الحكومية للحصول على الجودة؟ وما مصير المستشفيات التى لم تحصل عليها؟
ـ نحتاج فترة لا تقل عن سنتين، وأكدنا فى التعديلات على أنه لا خصخصة للمستشفيات وأن الدولة ملتزمة بدفع المنشآت الصحية وتحسين أوضاعها وإعطائها أكثر من مهلة، وما لم تحصل على شهادة الجودة لن تباع للقطاع الخاص كما قال البعض، بل سيكون هناك خياران إما أن تضم إداريا وفنيا إلى كيانات حكومية أخرى، وهذا تم مسبقا فى أكثر من مستشفى متعثر، وهو إجراء مهم، خاصة فى المحافظات، أو تحويلها إلى مراكز ووحدات ذات طابع خاص مثل مركز للقلب أو الجهاز الهضمى أو القلب.

ــ وما مصير المستشفيات التابعة لهيئات أخرى؟
ـ سنبدأ بضم المستشفيات الحكومية التابعة لهيئات وزارة الصحة المختلفة تحت مظلة واحدة بما فيها امانة المراكز الطبية المتخصصة والتأمين الصحى والمؤسسة العلاجية ومستشفيات الوزارات الأخرى تباعا، ثم المستشفيات الجامعية، ويليها المستشفيات والمستوصفات الخاصة.

ــ كم جهة تقدم الخدمة الطبية حاليا؟
ـ 8 جهات بمعايير ولوائح وبروتوكولات مختلفة، وذلك أحد اسباب ضعف القطاع الصحى فى مصر، فمثلا اذا حدث مشكلة فى مستشفى جامعى لا يستطيع وزير الصحة التدخل، ووزير التعليم العالى اكاديمى ليس وظيفته العمل الطبى، لذلك تضيع المسئولية.

ــ كم تقدر الاشتراكات؟ وما تقديراتكم لعائدها من إجمالى التكلفة المطلوبة للقانون؟
الاشتراكات لم تدر أكثر من 40% من التكلفة المطلوبة، ويلتزم أصحاب الأعمال بأداء حصتهم من اشتراكات العاملين لديهم بواقع 3% شهريا من أجر الاشتراك للعامل المؤمن عليه، ويتم حساب الاشتراكات على اجمالى الدخل وليس على الأساسى وهو ما سيسهم فى رفع الدخل من الاشتراكات ٣ أضعاف، وسيتم معرفة إجمالى الدخل وحسابها من خلال الضرائب، على ان تتحمل الدولة اشتراكات 29% من المصريين من الفقراء وغير القادرين.

ــ ما هو تعريف غير القادر؟
ـ تعريف غير القادر ليس مسئولية اللجنة، لكن مسئولية 3 جهات وهى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة الذى يصدر نشرات دورية بهذا الصدد، ووزارتا التخطيط والتضامن الاجتماعى، والمؤشر الذى تعمل عليه هو الحد الأدنى للأجور، وبالفعل كان هناك جداول لهم لكنها تحتاج إلى تعديلها.

ــ ما هى التكلفة المطلوبة؟
ـ التكلفة الإجمالية نحو 120 مليار جنيه، والقانون يطبق بشكل تدريجى على فترة من 7 إلى 10 سنوات، أى نحتاج سنويا نحو 12 ميار جنيه.

ــ هل ترى أنه فى حالة عرض القانون على البرلمان فى اكتوبر كما توقعت ووافق عليه هل ممكن تطبيقه؟
ـ نعم إذا وفرت الدولة ما لا يقل عن 75 مليار جنيه للصحة فى موازنة 2016/2017، ولا ننسى ان الدستور ينص على أن مخصصات الصحة تمثل 3.5% من الناتج القومى، أى نحو 82 مليار جنيه.

ــ وطرق التمويل الأخرى؟
وضعنا 21 مصدرا لتمويل القانون، واذا تمت الموافقة على 7 منها، نستطيع تمويل المشروع، أهمها الضرائب الموجهة لصالح التأمين الصحى، مثل الضرائب على المنشآت الصحية وترخيصها والسجائر وملوثات البيئة عموما ودور السينما والخمور وكل ما يتعلق بقضايا الصحة والغرامات عليها، وكذلك اذا حصلنا نصف جنيه واحد فقط على رسوم بوابات المحافظات، لأن الصحة تؤمن طبيا الطرق، ستدر عائدا 4 مليارات جنيه، ففكرة الضرائب الموجهة فى حد ذاتها ناجحة، لكن المشكلة أن وزير المالية يرفضها ويرى أن عائد الضرائب لابد ان يدخل الخزينة العامة ثم يتم توزيعه.

ــ وما العمل إذا رفضت الضرائب الموجهة نهائيا؟
ـ لن توقف القانون لكن ستؤثر عليه وتضربه فى مقتل، ودعينى أقولها صراحة أكثر ما ينقص القانون هو الإرادة السياسية لتنفيذ القانون وليس فقط التمويل، وما لم توجد لم ينفذ، لأن هناك مليون مشكلة ستخلق.

ــ هل ستلجأون إلى عقد جلسات للحوار المجتمعى حول القانون؟
ـ أعتقد أننا لن نجرى حوارا مجتمعيا حوله، فالقانون يحتاج إلى خطوات تنفيذية وليس مجرد مناقشات.

ــ اللجنة سبق أن عقدت عدة جلسات للحوار المجتمعى لكن القانون حين تم الاعلان عنه لاقى رفضا؟
ـ عملنا مسبقا مجموعتين من الحوار المجتمعى، الحوار الأول كان سئيا جدا، فمثلا ذهبنا إلى نقابة الاطباء مرتين، قابلنا فى إحداها د. خيرى عبدالدايم نقيب الأطباء، لكن النقابة تعترض الآن على القانون رغم اننا ذهبنا إليها ولم يكن هناك اهتمام بالقانون، أما المجموعة الثانية فلم نستفد منها باستثناء اتحاد العمال وبعض الجهات القليلة، وتم وضع نقاط واخذت فى الاعتبار أهمها التأمين الصحى على العاملين فى الخارج، التى لم تكن فى ذهننا.

ــ هل من الممكن الوصول إلى صيغة تواقفية للقانون؟
ـ المشكلة ان البعض لديه ثقافة خالف تعرف، يستمع إلينا ويعقد اجتماعات بعد ذلك يخرج للإعلام لمهاجمتنا، وأرى أن الأهم أن نضع ايدينا فى يد بعض من اجل القانون لأنه الحل الوحيد لإصلاح الصحة فى مصر، وليس هناك سبيل آخر، فالتأمين الصحى هو القانون الحلم وهو قابل للتنفيذ، ولا بد ان نتفق على مبادئه وفلسفته والنقاط الكبرى به، واى تغييرات بعد ذلك يمكن إجراؤها، القانون ليس قرآنا، لكنه قانون اجتهادى وضعه 15 شخصا يمكن تعديله وليس نسفه. فهو فى جوهره ممتاز، وأرى انه سيصلح المنظومة، و90% من الاعتراضات المؤثرة ستختفى فى المسودة النهائية.

ــ كيف ترى مشروع علاج غير القادرين؟
ـ مشروع علاج غير القادرين تفتيت للقانون و«فرقعة» إعلامية بدأها الإخوان ولا أعرف سببا استكماله بعدهم، كما أنه ضرب القانون فى مقتل، وباعتراف وزارة المالية فهو مشروع فاشل دفعت المليارات فى تطوير دون جدوى.

ــ وكيف تم تمويله؟
ـ هيئة التأمين الصحى تلقت منذ سنوات عروضا لتقديم قرض لتطوير تكنولوجيا المعلومات بالتأمين الصحى والهيئة رفضته فى البداية، حتى جاء الإخوان وقبلوا القرض وقالوا انه سيوجه لغير القادرين، وقلت للوزراء آنذاك انتظروا القانون الجديد، ومن الافضل الاصطفاف تحت مظلة تأمين صحى ودفعه إلى الأمام، مع إمكانية تعديله وفقا لما نراه وقتها.

ــ هل سيضمن القانون حقوق الأطباء كما ضمن حقوق المريض؟
ـ الهيئة الجديدة التى سيتم إنشاؤها بموجب القانون تعطى حوافز وبدلات وفقا للعمل، فإذا وجد الطبيب وعمل سيكن العائد جيدا للغاية وربما لم يحتج إلى كادر خاص به، وكلا حسب جهده فقد يصل راتب الطبيب إلى 10 أو 15 الف جنيه، كما سيشجع على التفرغ بمقابل مادى يجعل الطبيب يعيش بكرامة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved