الأديب حجاج أدول: النوبيون أهم «قوى ناعمة» لحل أزمة مياه النيل

آخر تحديث: الخميس 24 أبريل 2014 - 10:51 ص بتوقيت القاهرة
تحقيق ــ عصام عامر

عودتنا يجب أن تكون قيمة مضافة ماديًا وثقافيًا لمصر.. والعودة لن تكون للإقامة بالخيام أو العمل بالفأس العنصرية ضدنا قلت لـ10% وقبل 60 عامًا كانت 90%.. والنوبى أخذ من الدستور ما يوازى قوته الحقيقية فى مصر

«قرار التهجير كان ظالم وضد الإنسانية، بغض النظر عن حسن أو سوء نية الدولة، ولم يقصد به سوى إذابة النوبيين بين باقى أفراد الشعب، وإخلاء المنطقة منهم».. هذا ما يوضحه الأديب حجاج أدول، ذو الأصول النوبية، وعضو لجنة الخمسين التى أعدت دستور 2014 ممثلا عن النوبيين.

ويضيف لـ«الشروق»: «وقتها قلنا بما أن الدولة سترفع المعابد لأعلى هضبة نوبية لا تصل إليها المياه، فمن باب أولى أن يفعلوا ذلك معنا.. فحجارة المعابد ليست أحسن منا، وكان الرد وقتها «اللى هيتكلم هيدخل المعتقل»، بما يعنى أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يقصد إخلاء المنطقة كون الفكر اليسارى كان السائد وكان الهدف منه تذويب الأقليات مثل يوغوسلافيا، وما فعلوه مع «القصنه» سبب لهم مشاكل آنية أيضا».

مشكلة البعد عن الموطن الأصلى يختصرها أدول بقوله: «هويتنا نيلية، فنحن النيل، وانتزاعه من داخلنا كأنك شطرت أو مزقت النوبى لنصفين وألقيته فى الصحراء، وهو ما زلزل المنظومة النوبية، خاصة وان التهجير فرق شملهم فى القاهرة والإسكندرية وإسنا وأسوان وكوم أمبو، وهناك من سافر لدول الخليج وأمريكا، وكل منهم تأثر بالمكان الذى آل إليه لتختلف العادات والتقاليد النوبية على مدى قرن من الزمان»، مضيفا: «نحاول نعمل من الفسيخ شربات»، بأن نأخذ من كل مكان العادات الايجابية ونقضى على السيئة».

ويتابع: «عودتنا لابد وان تكون قيمة مضافة إلى مصر، ماديًا وثقافيًا وللأمن القومى، ففى عام 1990 قل دور النوبيين فى الأمن القومى المصرى، وخاصة البعد الأفريقى الجنوبى، لما يمثل من مدخل لحل أزمة المياه، والتى تعتمد على خمس قوى ناعمة بترتيب الأهمية (النوبة، والأزهر، والكنيسة، والآداب والفنون، ورصيد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر)»، حيث توجد العديد من القبائل فى الجنوب الأفريقى أصلها نوبى وتفخر بتاريخها وحضارتها، وهذه حقيقة كانت غائبة عنها».

ويوضح أدول: «أمر العودة لن يكون جبرًا بل لمن يرغب مثل مهجرين قناة السويس، وسيتم وفق قوانين نضعها نحن النوبيين لأنفسنا، مثل من يحصل على مسكن أو ارض سيحظر عليه بيعها، وستكون الزراعة بالأساليب الحديثة لنحافظ على نقاء البحيرة خاصة مع اشتراط منع وضع أى أسمدة كيماوية وأزوتية».

وحول ما يسأله البعض بشأن أنه لو فتحت أبواب العودة هل سيعود النوبيون، وماذا يفضلون حرارة الشمس أم هواء البحر؟، يجيب أدول: «أغلب الشباب النوبى الحالى ولد بعيدا عن النوبة، ونسبة كبيرة منهم آباؤهم وأمهاتهم ولدوا أيضا بعيدا عنها، لكنهم نوبيون مصرون على العودة، والشباب النوبى وصل حالة لأن يتظاهر من اجل العودة فلم التشكيك فى جدوى العودة؟».

ويستدرك: «العودة لن تكون للخيام، إنما لبيوت حديثة بطراز العمارة النوبية، وسيتوافر لها مرافق مثل المستشفيات والملاعب وقصور الثقافة، وسيكون العمل بالزراعة، وفكرة «اللى هيرجع هيشتغل بالفأس» هو قصور فكرى فى ظل التكنولوجيا، فالفلاح أصبح مٌرفها ومزودا بأحدث الطرق التكنولوجية، ولم يعد يزرع بالفأس».

«المناجم والتعدين والسياحة والصيد والتجارة والصناعات الصغيرة كلها مصادر رزق ستكون متاحة أمام العائدين لجذورهم، والأمر لن يقتصر على الزراعة فقط»، يقول أدول، ويتابع: «ستتكون شركات نوبية وجمعيات زراعية، وبمجرد إعادة توطين الدفعة الأولى سنعمل ونكسب».

وفيما يتعلق بشعور النوبى بالعنصرية من عدمه، يقول: «جيلى ومن قبله كانت السخرية والإهانات شديدة للغاية منهم، على العكس من الآن فالأمر قلَ للغاية، مع تزايد الوعى المصرى، فلو كانت العنصرية الآن 10% فمنذ 50 أو 60 عاما كانت 90%، والحقيقة يجب الاعتراف بأن الأجواء سارت إلى الأفضل».

صورة النوبى فى الأفلام كـ«خدم وسفرجية وبوابين وسائقين» تغيرت كثيرًا يؤكد أدول، فالنوبيون الفئة الوحيدة التى لا تزال تحتفظ بأصلها دون غيرهم، والذى بمجرد ترك بلدته بـ«كام جيل» سرعان ما يردد «أنا إسكندرانى»، لذلك غير النوبى عندما ينظر إلينا من خلال الأفلام يجد النوبى «طباخ، وبواب، وسفرجى»، وهى أرقى الأعمال فى عهد الباشوات ممن كانوا يفضلون أن يكون لديهم نوبى لنظافته واتصافه بالأمانة المطلقة.

يكمل: «النوبى اخذ من الدستور ما يوازى قوته الحقيقية فى مصر، فالدستور عبر عن الثورة بموجتيها 25 يناير و30 يونيو، وإما أن ينّفذ أو يظل حبرا على ورق، ويصبح كدستور الإخوان والسلفيين».

ويشير إلى أن أول امرأة نوبية تشارك فى وضع دستور كانت الدكتورة منال الطيبى، «التى أثبتت وطنيتها، فتحدثت عن مصر عامة، والنوبة خاصة، وانسحبت مٌحتجة وكان لديها الحق، وأتيح لى شرف الانضمام للجنة الخمسين، من بين 18 مرشحا، بعد ضغط شديد، رغم اعتزالى العمل العام منذ 4 سنوات، فطلبت أن يكون هناك فريق عمل نوبى مكون من 10 أفراد يمثلون الإسكندرية والقاهرة وأسوان وقرى التهجير و2 إعلاميين ورجال قانون يكون لديهم مقر للنقاش الجماعى، شريطة الابتعاد عن الزعامة والقيادة المنفردة وتحمل المسئولية بشكل جماعى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved