حقبة سياسية جديدة فى الجمهورية الخامسة

آخر تحديث: الإثنين 24 أبريل 2017 - 9:22 م بتوقيت القاهرة

كتب ــ محمد هشام:

- «جارديان»: ناخبو فرنسا قاموا بقطيعة جريئة مع الماضى ولا بد من الاحتشاد خلف ماكرون.. و«واشنطن بوست»: خطه السياسى يشبه بلير

- محلل فرنسى: لوبن ليس لديها حلفاء فى الجولة الثانية.. و«تليجراف»: تنفس أوروبا الصعداء سابق لأوانه
أجمعت الصحف الغربية، اليوم، على أن نتيجة الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية، أحدثت سابقة سياسية فى تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة تدشن لحقبة جديدة؛ فلأول مرة تغيب الأحزاب الرئيسية منذ عدة عقود، عن جولة الإعادة.

وتحت عنوان «انتخابات فرنسا تكشف انقسامات سياسية جديدة»، قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، اليوم: إن فرنسا بعد الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية أصبحت أول دولة غربية كبرى تتخلى فى انتخابات كبرى عن يمين الوسط ويسار الوسط اللذين يمثلان الهيكل السياسى الذى سيطر على السياسة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

وأوضحت الصحيفة أن كلا من إيمانويل ماكرون ومارين لوبن، المرشحان المتأهلان للجولة الثانية من الانتخابات لن يحظيا بكتلة برلمانية كبيرة خلف برنامجهما. كما أن أى منهما لن يمثل بصفته رئيسا استمرارا للوضع الراهن.

وأشارت الصحيفة إلى أن الانقسام السياسى الجديد فى فرنسا لا يدور حول الاقتصاد على الإطلاق، بل إنه حول رؤى مختلفة لهوية البلاد. موضحة أن لوبن تريد خروج فرنسا من مؤسسات دولية، بما فى ذلك الاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى «الناتو»، وإغلاق الحدود، وفرض اقتصاد شبه ماركسى تهيمن عليه الدولة.

ولفتت الصحيفة إلى أنه على الجانب الآخر، فإن ماكرون يمثل تيارًا جديدًا (حركة إلى الأمام) وعلى الرغم من أنه كان وزيرًا فى حكومة اشتراكية، إلا أنه يتقبل اقتصاد السوق، لكنه يشدد أيضا على إيمانه بالتضامن الجماعى.

وأشارت الصحيفة أيضا إلى أنه على الرغم من أن ماكرون يحبذ حدود خارجية قوية للاتحاد الأوروبى، فإنه لا يعبر عن أى كراهية خاصة للمهاجرين، لافته إلى أنه سياسيا أكثر شبها برئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير، الذى أسس تحالفا وسطيا قبل 20 عاما.

ورأت الصحيفة أن الجولة الثانية من انتخابات فرنسا لها أجندة واضحة تتلخص فى أنها ستشهد مواجهة بين الانفتاح والانغلاق، والاندماج والعزلة، المستقبل والماضى.

وتوقعت «واشنطن بوست» أن تحصد لوبن أصوات أكثر فى الجولة الثانية فى 7 مايو المقبل، موضحة أنه على الرغم من أنها حلت فى المركز الثانى خلف ماكرون إلا أنه لا يمكن استبعاد فوزها، قائلة: إن حملة التشويه التى تستهدف ماكرون حاليا ــ المدعومة من الروس واليمين والمؤيدين للرئيس الأمريكى دونالد ترامب ــ سيكون لا مثيل لها فى الشراسة.

ورأت الصحيفة أن الذين صوتوا لصالح المرشح جان لوك ميلانشون، متعاطفين مع مواقف لوبن بشأن التجارة الدولية والمصارف، كما أن الذين صوتوا لصالح المرشح فرانسوا فيون، يفضلون تفاخرها بتأييد «القيم التقليدية».

من جانبها، ذكرت افتتاحية صحيفة «جارديان» البريطانية أنه للمرة الأولى فى تاريخ الجمهورية الخامسة فى فرنسا والذى يعود إلى ما يقرب من 60 عاما، يخوض مرشحان من خارج حزبى اليسار واليمين الجولة الثانية من الانتخابات، معتبرة أن هزيمة مرشحا الحزبين الاشتراكى والجمهورى بمثابة إهانة لسياسة الحزبين، ومؤكدة أن الناخبين الفرنسيين قاموا بقطيعة جريئة مع الماضى.

وأضافت الصحيفة أنه أيا كان المرشح الفائز فى الجولة الثانية (لوبن أو ماكرون)، فإن فرنسا على مسار سياسى جديد، مع انعكاسات كبيرة على نفسها وعلى بقية أوروبا.

ووصفت الصحيفة أن الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية ستكون منافسة بين الانفتاح والتعصب، العولمة والقومية، التفاؤل والكراهية، الأمل والخوف.

ورأت الصحيفة أنه حتى لو هزمت لوبن فى الجولة الثانية، فإن حزبها حزب الجبهة الوطنية (يمين متطرف) لا يزال على وشك تقدم تاريخى فى الانتخابات البرلمانية المقررة فى يونيو المقبل، مؤكدة أن تهديد اليمين المتطرف الفرنسى لم ينته بعد.

ودعت «جارديان» الناخبين الفرنسيين إلى انتخاب ماكرون فى الجولة الثانية، وأن يحتشدوا لهزيمة مارين لوبن، ويكرروا ما فعلوه فى الجولة الثانية لانتخابات عام 2002، التى هزم فيها والدها جان مارى لوبن، أمام الرئيس الأسبق جاك شيراك.

وقالت الصحيفة: إن العديد من أنصار يمين الوسط احتشدوا خلف ماكرون ويجب أن يتبعهم الناخبون اليساريون أيضا، معتبرة أن انتخابه حاليا هو السبيل الوحيد لإيجاد فرصة للتقدم.

من جانبها، قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية: إن كلا من ماكرون ولوبن يتفقان على شىء واحد، وهو أن تنافسهما فى جولة الإعادة دليل على أن السياسة الفرنسية قد دخلت حقبة جديدة، تتسم بانهيار الأحزاب الرئيسية التى تتقاسم السلطة طيلة الأربعة عقود الماضية.

ورجحت الصحيفة أن يفوز ماكرون فى الجولة الثانية بفضل ناخبى يمين الوسط وناخبى اليسار الملتزمين بمنع وصول لوبن إلى السلطة. كما اعتبرت الصحيفة أن حلول لوبن فى المركز الثانى بالجولة الأولى، نكسة لحزب الجبهة الوطنية الذى يدعى أنه الأكبر فى فرنسا.

ونقلت «فاينانشيال تايمز» عن جيروم جافرى، المحلل السياسى بمركز سيفيبوف الفرنسى للدراسات قوله: إن «لوبن ليس لديها حلفاء فى الجولة الثانية».

إلى ذلك، اعتبرت صحيفة «تليجراف» البريطانية أن تنفس الأوروبيين الصعداء لتقدم ماكرون، صاحب المواقف المؤيدة للاتحاد الأوروبى فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية، سابقا لأوانه.

وأوضحت الصحيفة أن تقارب نسب التصويت يشير إلى أن جولة الإعادة مع لوبن لن تكون سهلة، لافته إلى أنه حتى لو فاز ماكرون بالرئاسة سيظل الوقت مبكرا جدا ليتنفس الاتحاد الأوروبى الصعداء «لقدوم منقذه»، على حد تعبيرها.

وأشارت الصحيفة إلى أن ماكرون سيكون بحاجة إلى أغلبية قوية فى البرلمان لتمرير التعديلات التى يعد بها، بينما لا يملك حاليا إلا (حركة إلى الأمام) وهى غير ممثلة بأى نائب فى البرلمان.

ولفتت الصحيفة إلى أن حركة ماكرون مكونة من خليط سياسى بخلفيات وقناعات مختلفة، وبالتالى حتى لو حصل على أغلبية برلمانية، وهو أمر يستبعده مراقبون، فإن تصويتهم قد لا يتوافق دوما مع رغبته.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved