اللواء أركان حرب على حفظى لـ«الشروق»: مصر تخوض حربًا جديدة فى سيناء

آخر تحديث: السبت 25 أبريل 2015 - 12:15 م بتوقيت القاهرة

حوار ــ إسماعيل الأشول:

• لا بديل عن شعار «يد تبنى وأخرى تحمل السلاح»

• تبادل المعلومات مع إسرائيل مستمر.. لكنها مستفيدة من عدم الاستقرار فى سيناء

• إسرائيل تسعى لحل المشكلة الفلسطينية من خلال سيناء

• أمريكا تحارب الإرهاب على الشاشات.. «وتحتضن الإرهابيين فى الضلمة»

• يجب ربط المشروع القومى لتنمية سيناء بمشروع قناة السويس الجديدة

 

فى إحياء ذكرى تحرير سيناء فى الخامس والعشرين من أبريل كل عام، بعد انسحاب إسرائيل منها قبل ثلاثة وثلاثين عاما، إحالة مباشرة إلى انتصار السادس من أكتوبر 1973م.

فرغم تعدد الرؤى وتباين التحليلات، إلا أنه لا أحد يشكك فى أنه لولا الحرب ما كان الانسحاب، ولولا النصر ما كان التحرير.

برؤية قائد فرق الاستطلاع خلف خطوط العدو فى حرب أكتوبر، وبنظرة محافظ شمال سيناء الأسبق، تحدث اللواء أركان حرب على حفظى (74 عاما) عن المعادلة السابقة فى حواره مع «الشروق»، مشددا على أن مصر لا تزال فى حرب، لكن من نوع مختلف، غير تلك التى يستخدم فيها المتحاربون المدافع والدبابات ومضادات الطائرات.

حفظى تحدث أيضا عن تنمية سيناء وضرورة إنجازها بمنهجية تكفل حقوق المواطنين وتراعى ضرورات الأمن القومى، كما تمسك بتفاؤله فيما يتعلق بقدرة مصر وجيشها على الانتصار فى حرب العصابات التى تواجه قواتنا المسلحة فى سيناء.. وإلى نص الحوار..

• ثلاثة وثلاثون عاما على تحرير سيناء.. كيف تنظر إلى البوابة الشرقية لمصر اليوم؟

ــ تغيرت النظرة الاستراتيجية لسيناء بعد تحريرها، من كونها ميدانا للحرب للدفاع عن مصر، من ناحية الشرق، إلى اعتبارها ميدانا للتنمية والعمران، للاستفادة من خيراتها ولتكون جسرا جديدا للاقتصاد المصرى، وهذه النظرة بدأت منذ تحرير آخر شبر منها بعد اثنين وعشرين عاما من الحرب والمواجهة مع إسرائيل، توزعت بين الحرب العسكرية المباشرة التى امتدت على مدى ست سنوات، ثم صراع سياسى تفاوضى لتسع سنوات، ثم سبع سنوات فى صراع آخر من خلال التحكيم الدولى الذى انتهى باستعادة كامل التراب الوطنى للسيادة المصرية.

• وأين نحن الآن من هذه النظرة التى تعتبر سيناء ميدانا للتنمية والتعمير؟

ــ كان هناك المشروع القومى لتنمية سيناء وتحديدا فى عام 1994 وكان مقررا أن ينتهى فى عام 2017، دارت عجلة التنمية وقتها، وأنجزت الدولة نحو 40 % من مشروعات البنية الأساسية والتحتية والخدمات، من كهرباء وخدمات صحية وتعليمية، لكن مع الألفية الجديدة، وإقالة حكومة الدكتور كمال الجنزورى، وتولى حكومة عاطف عبيد مقاليد الأمور، توقفت عجلة التنمية، ولم تعد تعمل بالمعدلات المقررة والمطلوبة، وتزامن ذلك مع وجود حالة من عدم الاستقرار، بدأت بالتفجيرات فى جنوب سيناء، ثم الانسحاب الإسرائيلى أحادى الجانب من غزة، وكذلك انقسام الفلسطينيين بينهم وبين أنفسهم.

• باعتبارك محافظا سابقا لشمال سيناء.. ماذا عن آفاق التنمية فى ضوء كل ذلك؟

ــ ما ذكرته لك فى إجابة السؤال السابق من واقع غير مستقر خلال العقد الماضى، أوجد ما أطلقت عليه «ينابيع الشر»، لكن مع استعادة جزء كبير من الاستقرار على أرض سيناء، أظن أن فرص التنمية باتت أفضل مع ربطها بشكل رئيسى بالمشروع القومى لتنمية محور قناة السويس. هذا المشروع يعد بداية جديدة للانطلاق على أرض سيناء، بحيث يتم ربط المشروع القومى لتنميتها مع مشروع قناة السويس الجديدة، وفق رؤية جديدة للدفع بعجلة التنمية انطلاقا من الغرب باتجاه الشرق.

• ما تصورك لسيناريو المواجهة بين الجيش والتنظيمات الإرهابية فى سيناء فى ضوء ما تحدثت عنه بشأن مشروعات التنمية؟

ــ التنمية ستحدث مع إعادة الاستقرار الأمنى، لكن يجب أن يعلم الجميع أن الحرب على الإرهاب يمكن تحديد بدايتها لكن من الصعب تحديد نهايتها، فهى لا تقع بين أطراف نظامية تقليدية كما فى الحروب بين الجيوش، وإنما تقع بين جيش نظامى من جهة، وعصابات غير نظامية من جهة أخرى، وهى حرب بالوكالة ضمن حروب الجيل الرابع، ولها سمات خاصة لم تكن موجودة من قبل، كما توجد أطراف خارجية تلعب دورا مؤثرا فيما يجرى.
ونلمس تقدما فى مجال مواجهة العصابات المسلحة فى سيناء والحد من عملياتها، فمن حين لآخر يتم تقييم الموقف، طبقا لمنهجية يتم العمل بها.

• ماذا عن بنود هذه المنهجية التى يجب أن تواجه بها الدولة، الإرهاب برأيك؟

ــ مقاومة الإرهاب يجب أن تتم وفق منظومة لها أبعاد مختلفة، منها ما هو عسكرى وأمنى، ومنها ما هو عقائدى وثقافى وتنموى، وبالتالى ليس هناك اتجاه واحد للمواجهة، وهذا هو ما يتم طرحه على الساحة الآن، فالمواجهة تتم فى إطار منظومة كاملة، وبالتالى تشكلت قيادة موحدة لمواجهة الإرهاب على أرض سيناء، وهناك قيادة مسئولة.

• ماذا عن تبادل المعلومات مع إسرائيل فى إطار مواجهة الإرهاب فى سيناء؟

ــ تبادل المعلومات المخابراتية مع إسرائيل يتم بصفة مستمرة، لتأمين الحدود، وهذا نمط طبيعى، وليس فيه اجتهاد وليس مرتبطا بحدث معين، ولكن عندما يقع حادث معين يجرى تبادل المعلومات بشأنه، طالما تؤثر على أمن الأطراف.

• هل تبادل المعلومات الأمنية مع إسرائيل يجعلها خارج دائرة الاتهام فيما يقع من أحداث داخل سيناء؟

ــ لا، طبعا.. السياسة ترتبط بالمصالح، فالولايات المتحدة الأمريكية تقف أمام شاشات التليفزيون لتحارب الإرهاب، وخلف هذه الشاشات نفسها «تحتضن الإرهابيين فى الضلمة»، السياسة مصالح.

• إذن.. أنت تعتقد أن أمريكا وإسرائيل مستفيدة مما يحدث فى سيناء؟

من مصلحتهم أن تظل سيناء فى حالة من عدم الاستقرار، فلهم أهداف سياسية واقتصادية وعقائدية وعسكرية فى سيناء، نعم نحن فى اتفاقية سلام مع إسرائيل وأوقفنا الصراع، لكن هناك مصالح متعارضة بين الجانبين، فإسرائيل لا تزال تحاول حل مشكلة الفلسطينيين عن طريق سيناء، ويسعون لذلك، واقتصاديا، هم يعرفون حجم الخيرات الاقتصادية الموجودة فى سيناء ويريدون المشاركة فيها، ولو عن طريق غير مباشر.

أما عسكريا، فمن مصلحة إسرائيل، أن تظل سيناء فى حالة فراغ سكانى، حتى لا يكون هناك ثلاثة أو أربعة ملايين نسمة فى مواجهتها، فيصعب عليها العمل العسكرى ضدنا، وهم مازالوا يغرسون فى الأجيال الجديدة لديهم، ارتباط سيناء بالبعد العقائدى واليهودى.

• وكيف نواجه كل ذلك؟

ــ بأن نقاومه ولا نسمح به، فلا أحد سيذهب إلى سيناء إلا إذا أقمت للناس مشروعات على أرضها وبدأوا يعملون بها، لابد من وجود سكن ومعيشة حتى يذهب الناس إلى سيناء.

• بماذا ستنصح السلطة لو كنت مسئولا عن سيناء اليوم؟

ــ أن يعاد تقييم الوضع فيما يخص التنمية ومشروعات التعمير، وأن توضع أولويات لعملية التنمية هناك، ويتم ربطها بما سيتم فى محور قناة السويس الجديدة، وما تم فى المشروع القومى لتنمية سيناء، بحيث نستكمل هذه المشروعات التى بدأناها فى السنوات الماضية، وتوقفت، وأهمها مشروع ترعة السلام، فمن خلالها، تجرى مياه النيل لأول مرة على أرض سيناء، وقس على ذلك بقية المشروعات، هناك أجزاء تم تنفيذها، وعلينا استكمالها، ثم البناء عليها من جديد، مثل ترعة السلام كما قلت لك، والسكة الحديد والمشروعات المرتبطة بالتنمية الزراعية.

• وماذا عن تمليك الأراضى للمواطنين فى سيناء؟

ــ لابد أن توضع له الضوابط التى تجيزه للمواطنين لكن دون المساس بحقوق وملكية الدولة، بحيث يتملك الأراضى من يقوم باستصلاحها وزراعتها، لكن لا أسمح له ببيعها لغير المصريين، وفى حالة حدوث ذلك، يتم إلغاء عقده، فيجب مراعاة الجانب الأمنى فى تمليك الأراضى للأشخاص.

والأهم من ذلك، يجب أن نأخذ بالتنمية البشرية بكل أبعادها فى التعليم والثقافة، وإعداد الكوادر، لتهيئة أبناء سيناء للمشاركة بفاعلية فى التنمية، وليكونوا مسئولين عنها من خلال إعدادهم وتأهيلهم لذلك.

• كيف تنظر لتأثير الواقع السياسى فى القاهرة على الواقع الميدانى فى سيناء؟

ــ الواقع السياسى فى القاهرة منفصل عن سيناء، فلكل اتجاه مجال للدفع بحلقة التطور على أرض مصر، ولابد من رفع شعار «يد تبنى ويد تحمل السلاح»، لأن المخاطر من حولنا تؤكد أننا فى حرب جديدة، ومعظم أبناء مصر لا يدركون أننا فى حرب تختلف عن الحروب التى شهدتها مصر من قبل، بحيث لم تعد حرب طائرات ودبابات ومدافع.
مصر تواجه حرب الإرهاب السياسى الداخلى والخارجى، والإرهاب الاقتصادى الخارجى والداخلى، والإرهاب شبه العسكرى من خلال الميليشات الجهادية والتفكيرية، والإرهاب الاجتماعى بتجزئة أطياف المجتمع، والوقوف ضد تطوره. الحرب معناها أن تفرض إرادتك على الطرف الآخر بنوع من الضغط، وهذا ما يجرى الآن.

• ما توقعاتك لمستقبل هذه الحرب؟

ــ متفاءل دائما، ومصر بخير، ومن يريد أن يعرف كيف تعهدها الله بالرعاية، يراجع تاريخنا. مصر حكمها غير المصريين لألفين وخمسمائة عام متتاية دون فواصل، منذ سنة خمسمائة قبل الميلاد، حكمنا الفرس والبطالمة ثم الرومان ثم الجانب العربى، ثم الأتراك ثم أسرة محمد على، والحملة الفرنسية ثم الاحتلال البريطانى، كل هؤلاء لم يؤثروا فى مصر ولا فى أرضها ولا فى أهلها، لذلك الله يحمى مصر، وأؤكد أيضا أن الإنسان المصرى، بذرة طيبة تحتاج فقط لمناخ طيب لتمنحك الثمار التى تريدها، تفاءلوا دايما، وكل عام ومصر والمصريين بخير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved